الصين تتعافى من الكورونا ..

 سليم النجار 
ما نراه اليوم من أحداث صادمة ومثيرة للإشمئزاز من ممارسات عنصرية تصورنا للوهلة الأولى اننا تجاوزنها او هكذا تصورت ؛ بعد ان بقيت صورة الطالب الأمريكي الجامعي ذو البشرة السوداء جالس لوحده عام ١٩٤٨ في أحد الجامعات الأمريكية بعيدا عن الطلاب الذين من المفترض انهم زملاء له لا لشيء إلا لكونهم هم ذو بشرة بيضاء وهو ذو بشرة سمراء ؛ جعلني أُعيد التفكير والتمحيص بمفردة الأمن ؛ ويتعبه سؤال هل نجحت الصين بتحقيق الأمن ؟ للوهلة يتساءل البعض ما علاقة هذا بذاك ؛ وانا هنا لا ابحث عن مبرر لقضية الربط بقدر ما أبحث عن تجارب إنسانية سعت لتحقيق الأمن لمواطينها ٠ 

الأمن مطلب يحفز إليه حب البقاء وسهولة العيش ؛ لما بين البقاء والأمن من ترابط ٠ وهو ليس مطلباً بشرياً فقط؛ بل مطلب جميع المخلوقات الحية ؛ ولكل منها طريقتها وأسالبيها في معالجته ؛ وهو مرتبط بغرائزها ٠ إذاً هو مطلب غريزي فطري يقود إلى نشاطات في سبيل الحصول عليه وآدامته٠ 
هاجس الأمن لا يوفر الهدوء للإنسان ما لم تكن الثقافة أهم ركائزه ؛ وعندما يخوض الحروب منتهكاً الأمن من أجل الأمن ؛ يصبح في مواجهة نفسه ٠ فعندما يتقابل الأعداء المتناحرون يكون في أعلى اهداف كل منهم ؛ تأمين الأمن للذات ؛ ما يقتضيه انتهاك أمن خصومه ؛ فيغدو الأمن على حساب الأمن ؛ وهذا من مخرجات الحروب ؛ وللبشرية جمعاء أن نقدر كم من الأرواح ازهقت ؛ وكم من الأموال ؛ بحثاً عن مستعص ؟! 

ولم افهم أول الأمر أهمية الأمن بهذا المعنى الشمولي والحاجة المحلة له من قبل كل الكائنات الحيّة ؛ إلا عندما انتشر فيروس الذي عُرف بإسم كورونا ؛ وبدا يدخل بازار السياسة ؛ والتي حاولت الأدارة الأمريكية الحالية استثماره بأقصى درجة ممكنة لا وبل جعلته منصة للهجوم على الصين ؛ واتهامها بأنها هي من نشرت هذا الفيروس في العالم ؛ وكالعادة غير الحميدة لحقتها أوروبا واتهمت الصين هي الأخرى ؛ ولتبرر اوروبا موقفها التبعي للإدارة الأمريكية ؛ أفرطت في بيانها مفردات الموضوعية والحيادية في صياغتها السياسية !! 

ورغم أن العالم ظّل لأسبابيع مشدوها في بداية انتشار الفيروس ؛ وأمام سرعة تفشي فيروس كورونا في مدينة ووهان الصناعية الصينية ؛ وبدا للوهلة الأولى أن هذه المدينة بدت عاجزة أمام هذا الفيروس الصغير ٠ 

وبعيدا عن التفاصيل التي أصبحت معروفة للقاصي والداني في كيفية مواجهة الصين لهذا الفيروس ؛ لتفاجأ العالم للمرة الثانية في خلال أشهر معدودة أنها قضت على هذا الفيروس واصبحت خالية منه ٠ وما أن أعلنت الصين هذا الخبر ؛ حتى بدأت الإدارة الإمريكية بالتشكيك وكيل الإتهامات للصين وترّوج عبر وسائل الإعلام ان الصين تكذب على البشرية ٠ وهنا توقفت قليلاً وتساءلت يت لغرابة الحياة ٠٠٠( فأجمل ما فيها الناس ؛ واسوأ ما فيها الناس أيضاً) ٠ منهم من يشبه الهواء ؛ ولا يمكننا الأستغناء عنهم أبداً ؛ ومنهم كالدواء نحتاج إليهم وقت الشدّة والمصائب الكبيرة ؛ ومنهم كالأمراض والبق والقمل والحشرات السّامة ؛ والوصف الثالث ينطبق تماما على من هاجم الصين وشكك في قدرتها على مواجهة هذه الجائحة ٠ 

إن الصين بعلاجها لهذا الفيروس ؛ جعلتنا نؤمن إن العلم ليس متعة وعلاج وإدهاش واداة سيطرة على البشرية ؛ إنما هو أوكسجين للإنسان وبالتالي هو حق كل لإنسان بغض النظر عن جنسه ولونه ومعتقده ٠ وكما قال الشاعر العربي اللبناني عباس بيضون في نصوص جديدة : ( إننا نسوس هكذا الأشياء 
ونتركها تحت السيطرة 
لكننا مع ذلك نبقى تحت رقابة الواحد وتحت رحمته 
في البدء كان العدد) ٠ 
والصين بدأت تعدّ الأيام الخالية من فيروس كورنا ٠