وزير التربية: بعض من مظاهر عدم العدالة رافقت التعليم عن بعد
قال وزير التربية والتعليم الدكتور تيسير النعيمي إنه راض تماما عن تجربة التعليم عن بعد، ضمن الوقت الامكانات المتاحة، مشيرا في الوقت نفسه إلى الجهود الكبيرة التي بذلها المعلمين والمعلمات والشراكات التي تم بناؤها مع الأطراف المتعددة .
وأشار خلال حديثه في حوار عبر المنصة الالكترونية (زوم ) بعنوان "التعلم عن بعد في أوقات الأزمات – التحديات والفرص”، الذي عقدته شبكة النساء كشركاء بالتطوير والتقدم في الأردن، إلى الدروس المستفادة من تلك التجربة، وهي أن تحول أي نظام تعليمي من التعليم المدرسي العادي إلى التعليم عن بعد هو تغيير جذري في نمط التعليم وعلاقات المعلمين مع الطلبة، وهذا التحول ليس سهلا وإنما تواجهه تحديات عديدة يجب العمل على إيجاد الحلول لها.
وتطرق النعيمي إلى أن التعليم عن بعد رافقته بعض من مظاهر عدم العدالة في التعليم مثل عدم العدالة بين الجنسين، أو عدم العدالة بين الأغنياء والفقراء، أو بين المناطق الجغرافية المختلفة، ولكن وفق الوزير فإن توفر البنية التحتية وإن شكلت تحديا رئيسيا، إلا أنها ليست فقط الكفيلة بنجاح تجربة التعليم عن بعد، ولكن جودة النظام التعليمي ذاته تلعب دورا كبيرا في النجاح .
وبين أنه بعيدا عن تحدي البنية التحتية، فإن التحدي الآخر يكمن في ثقافة النظام التعليمي نفسه، لأن هذا النمط من التعليم (التعليم عن بعد) يتطلب التحول بالأدوار سواء أدوار المعلمين أو الطلاب، لذا فأن من أهم الأمور الواجب العمل عليها، بحسب الوزير، هي كيف نسهل عملية التحول سواء في أساليب التدريس لدى المعلمين او تغيير نمط التعليم لدى الطلاب أنفسهم، والابتعاد عن تقديس العلامة والحفظ والتلقين، مضيفا أننا أمام فرصة هائلة وكبيرة لتحويل التحديات إلى فرص لتطوير نظامنا التعليمي بحيث تسوده العدالة والانصاف وتكافؤ الفرص.
وتحدث عن عناصر خطة الاستجابة الأردنية في قطاع التعليم خلال الجائحة، وقال ان التحضير لخطة الاستجابة بدأ مبكرا منذ بدايات شهر شباط 2020، حيث تم مسح المصادر التعليمية وتدريب الفرق الفنية ورصد وتحليل عوامل الخطورة التي قد ترافق عملية التعليم عن بعد، كما تم وضع خطة التخفيف من تلك المخاطر.
ولفت إلى أن تعليق الدراسة في المدارس كان في 15 أذار، وفي 18 أذار تم بث الدروس التعليمية بثلاث قنوات تلفزيونية، موضحا ان المنصة التعليمية التي تم بناؤها لهذه الغاية كانت من الصفر، كما لم تواجه أي مشكلة فنية أو تقنية، ولم تتحمل الوزارة أي كلفة مادية، وانما تم ذلك بالعمل والشراكة مع رياديين أردنيين، حيث كانت المنصة متاحة لجميع الطلبةـ وأنه ولغاية الخميس الماضي كان عدد الفيديوهات والحصص التي تم مشاهدتها عبر المنصة 55 مليون مشاهدة.
كما تطرق الوزير النعيمي إلى انه وفي خطة الاستجابة تم التركيز على الجانب البشري يحيث تم تدريب نخبة من المعلمين والمعلمات وتفريغهم في أوقات الإغلاق وكانوا يقضون الليل والنهار في مختبرات التصوير وما زالوا مستمرين، وكان هناك 15 خطوة ومرحلة في عملية مضنية تتطلب جهدا وإبداعا أكثر بكثير من التعليم العادي وذلك كي تصل المادة التعليمية للطالب بهذا الشكل.
واختتم حديثه أن الاردن وبتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني ومتابعته الحثيثة هو دائما في عزيمة وإصرار على التقدم والتطور.
ويأتي الحوار الالكتروني ضمن سلسة حوارات الشبكة لمؤتمر "ديناميات النوع الاجتماعي في عصركوفيد-19″، كما شارك في المؤتمر عدد من المتحدثين البارزين لتسليط الضوء على العملية التعليمية في خضم أزمة كوفيد-19 وخطة الاستجابة السريعة التي أطلقتها الوزارة، منهم العين هيفاء النجار والنائب المحامي مصلح الطروانة بحضور كل من الدكتور مي ريحاني من جامعة ميرلاند الامريكية وميادة ابو جابر مديرة الشبكة في الاردن، وأدار الحوار النائب وفاء بني مصطفى.
وقدمت مديرة الشبكة ميادة أبو جابر لمحة موجزة عن تجربة المؤسسة في التعليم عن بعد من خلال إعداد محتوى الطفولة المبكرة واستخدام فكرة الواقع الافتراضي والشخصيات ثلاثية الأبعاد في التعليم، كما تحدثت أيضا عن برنامج الإرشاد الوظيفي الذي تم تقديمه عن بعد للفتيات العاملات خلال الأزمة وأكدت على أهمية استغلال الأزماتوتحويلها لفرصة للإبداع والإبتكار.
وتحدثت مديرة كرسي جبران للقيم والسلام في جامعة ميريلاند الأمريكية الدكتورة مي الريحاني، عن أهمية وزارة التربية والتعليم وقيمتها الكبيرة، إذ أن التربية هي حجر الاساس في التقدم والتطور، مؤكدة أن الاردن يعد سباقا في مجال التربية وتحدثت عن تجربتها الخاصة في العمل مع وزارة التربية والتعليم في الأردن في الفترة ما بين عام 1990 والعام 2004 والتي كتنت تجربة فريدة ومميزة.
من ناحيتها أشارت مديرة الجلسة النائب المحامية وفاء بني مصطفى إلى خيار الأردن الشجاع في ابتكار حلول تعليمية ودروس متلفزة لاستدامة تدفق العملية التعليمية خلال الأزمة، بالرغم من التحديات العديدة مثل ضعف البنية التحتية وعدم القدرة على الوصول إلى الانترنت.
وقدمت النائب بني مصطفى بعض الاحصائيات فيما يتعلق بانتشار الهواتف الذكية في الأردن والذي بلغ نسبته 95%، كما تطرقت إلى أن قدرة النساء على امتلاك الهواتف الذكية والوصول إلى الانترنت ما زالت أقل من الرجال.
وتحدثت العين الدكتورة هيفاء النجار والمديرة العامة لمدرستي الأهلية للبنات والمطران للبنين، عن تجربة التعلم عن بعد، وذكرت أن مدرستي الأهلية والمطران كانتا تمتلكان منصة جاهزة للتعلم عن بعد منذ فترة طويلة، وذلك لوجود البرامج الدولية في المدرستين، وهو ما ساعد على الاستجابة السريعة للمدرستين.
واكدت العين النجار أنه يجب إعادة النظر بالنظام التعليمي وجودته ككل وتبني أنماط فكرية جديدة، فلا يمكن اليوم وبعد الأزمة العودة إلى النظام القديم، فينبغي إعادة النظر بالمدخلات التربوية والمناهج التعليمية والتعلم من خلال المهارات والمفاهيم ووجود العمق والنقد والتحليل في فلسفة التعلم.
وتطرقت كذلك إلى الشراكة بين التعليم العام والتعليم الخاص، وأهمية وجود العدالة ومشاركة الأهل في العملية التعليمية.
وأشارت إلى أن المدرسة المبدعة ليست التي تقدم التعليم فقط وإنما التي تساعد الطالب على الابتكار والابداع، وشددت على أهمية التحجول إلى مجتمع متعلم بمشاركة الجميع ووجود الشفافية والانفتاح الحقيقي بالشراكات والعمل على الجانب الروحي والعاطفي والنفسي في المدارس.
فيما ابتدأ النائب مصلح الطراونة رئيس لجنة التعليم والشباب في مجلس النواب حديثه بأن الصلاحيات التشريعية التي تتمتع بها لجنة التعليم ليست بدافع الرقابة، ولكن بهدف الشراكة، وتطرق إلى التواصل المستمر بين اللجنة ووزيري التربية والتعليم والتعليم العالي خلال الأزمة بهدف بحث أية تحديات تواجه العملية التعليمية وإيجاد الحلول لها.
وأشار النائب الطراونة إلى ان اول التحديات كان التحدي القانوني خاصة أن النظم والتشريعات مبنية على التعليم التقليدي، لذا تم اصدار أحد أوامر الدفاع والذي تم من خلاله اعتبار التعليم عن بعد تماما كالتعليم التقليدي من الناحية القانونية.
وتحدث كذلك عن خيار الدولة الأردنية حيث أن النجاح لا ينحصر فقط بمواجهة الوباء صحيا وإن كانت الجهود المبذولة كبيرة في المجال الصحي ولا يمكن انكارها ولكن النجاح يكمن أيضا في تقديم الأفكار الخلاقة للاستمرار بالعملية التعليمية، مشيرا لى نجاح التجربة وذلك بحكم خبرته الشخصية كونه أيضا أستاذ جامعي يحاضر حاليا في إحدى الجامعات.
وتمنى النائب الطراونة لو ان شركات الاتصالات قامت خلال الازمة بتقديم حزم مجانية لجميع الطلبة لمساندة ودعم الدولة لمواجهة التحدي في الوصول إلى الانترنت وبخاصة في الأماكن النائية.