فيصل الفايز هذه رسالتي للناس
مجدّداً يثبت رئيس الوزراء الأردني الأسبق فيصل الفايز أنه الأجدر بمنصب رئيس مجلس الملك، إذ لم يكد يجب عن سؤال واحد في مقابلته المطوّلة مع "رأي اليوم” دون أن يستلهم أو يستعيد إحدى جمل عاهل البلاد الملك عبد الله الثاني.
جاء ذلك بعفوية، بينما رحّب بسعة صدر بكل أسئلة "رأي اليوم” ولم يتوانَ عن الحديث حول الغاز الإسرائيلي واشكاليته، ولا تقرير البنك الدولي المثير للجدل، إضافة للأنباء عن استمزاج رأيه ليخلف رئيس الوزراء الحالي الدكتور عمر الرزاز، وأنباء التهرب الضريبي واللحاق بالمتهربين.
توقّع الفايز تعليق قانون الدفاع وقيّم المرحلة معترفا "بالحمولات الزائدة” المطلوب انزالها عن كاهل القطاع العام، وعبّر عن تأييده لاي اجراء يفيد الخزينة بما في ذلك تخفيض رواتب الرؤساء والمسؤولين، مؤكّداً أنه رئيسٌ "ديمقراطي” لمجلس الأعيان ويتبع رأي الأغلبية.
اتفق الفايز مع رأي رئيس "همة وطن” ورئيس الوزراء الأسبق عبد الكريم الكباريتي على أهمية عقد حوارٍ وطني وإيجاد لجان تشاورية لكن "بغض النظر عن التسمية”، وأكّد أنه كان للحكومة "غلطة بعشرة”، مصرّاً في النهاية على "العشم” بالأردنيين أن "يتحمّلوا بعض”، ومعلناً "سأبقى متفائلاً”.
نصّ المقابلة تالياً:
برلين- "رأي اليوم” – حاورته فرح مرقه:
– كيف تنظر للأزمة الحالية، وأين ترى الأردن؟
أرى أن الأزمة الأخيرة كشفت ما تحدث عنه الملك فالعولمة لم تكن نظاما عادلا، من حيث التفاوت بتوزيع الثروات بين دول الشمال والجنوب، فدول الشمال والتي منها الولايات المتحدة واوروبا صحيح ان فيها نسب فقر وتشرد- ولعل المظاهرات في الولايات المتحدة خير دليل على انعدام العدالة الاجتماعية- إلا انها احتكرت مواردها ولم تنفقها على تنمية الدول الاقل ثروة، بل ضاعفت من انفاقها على الأسلحة. رغم انها لو استثمرت بعضاً من هذه الموارد على دول الجنوب كان من الممكن المساهمة في القضاء على الإرهاب والعنف.
وللأسف نحن أيضاً دول مستهلكة للسلاح، وهذا ما ظهر جلياً فيما قبل كورونا، فعندما طالب الشباب العرب بالديمقراطية والحرية، للأسف تدمر العالم العربي لأن المدخل للديمقراطية كان خاطئاً، والرد أيضاً ولنتابع من يموّل ومن يسلّح في المنطقة ومَن الذي يؤجج الصراعات في هذه المناطق، بالنظر إلى سوريا الآن نجد كل الدول تتدخل، وكذلك ليبيا. وكل هذا انعكس على مستويات الهجرة سواء السياسية أو الاقتصادية وبالتالي عاد لدول الشمال.
أما بالنسبة للأردن، فقد واجهتنا على مدى العشرين عام الماضية وهي فترة حكم الملك عبد الله الثاني، العديد من التحديات وقد تخطيناها جميعها، من سقوط العراق وانقطاع النفط العراقي الذي كان مصدر طاقة مجانية للأردن، ولاحقاً الربيع العربي وتبعاته وانقطاع الغاز المصري، جميعها ترتب منها أعباء اقتصادية كبيرة على الأردن؛ لكن الملك والذي يعد رأس السلطة التنفيذية استطاع بتوجيهاته مواجهتها وأن يعبر بنا كل التحديات.
وإذا نظرنا لجائحة كورونا، فالحمد لله، كانت توجيهات الملك للحكومة والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية لاحتواء هذا الوباء ناجحة جداً، خصوصا اذا ما لاحظنا عدد الاصابات القليل جداً لدينا وكذلك عدد الوفيات، التي تعتبر من الأقل عالمياً، وذلك بفضل قانون الدفاع والأوامر التي تمخضت عنه، فقد كان للحظر الشامل دور كبير وللقوات المسلحة والأجهزة الأمنية دور هام في تنفيذ أوامر الدفاع، وكذلك الاعلام والمؤسسات الصحية.
**
– إذاً هل أنت مع استمرار قانون الدفاع حالياً، رغم المطالبات الكثيرة بوقفه وعودة الحياة لطبيعتها؟
أنا مع فتح الاقتصاد بكامل قطاعاته، لكننا نحتاج قبل ذلك أن نتأكد من وعي الناس واتباع الجميع أساليب السلامة العامة. شهدنا اليوم فتح الجوامع والآن فُتحت الكثير من القطاعات الاقتصادية وأنا مع فتحها لأن هذا يؤثر على حياة الناس، ولكني اتفهم حرص الحكومة فعدم الوعي قد يرفع الاصابات وتنشأ بناء على ذلك مشكلة أخرى.
بالنسبة لقانون الدفاع فأنا أعتقد أنه سيُعلّق قريباً، وهذا من باب القراءة وليس المعلومات، فقد وُجِد القانون لسببٍ معيّن وبعد غياب السبب أنا متأكد أنه سيتم تعليقه.
**
– في الأزمة الأخيرة، بدا مجلس الأمة بشقّيه معلّقا وظهرت الحكومة متفرّدةً في قراراتها، كيف تنظر الى ذلك بصفتك رئيس مجلس الملك (او الاعيان)، إلى أي مدى تمت مشاورتكم في الملف؟
مجلس الأمة بشقّيه ليس معلّقاً، لنا دور كبير في التوصيات التي رفعناها للحكومة، وأنا على تواصل دائم بالملك ورئيس الوزراء والديوان الملكي ورئيس مجلس النواب، نحن كسلطة تشريعية كان لنا دور كبير، لكن الدور الأكبر كان للسلطة التنفيذية في تنفيذ أوامر قانون الدفاع.
دستورياً لنا دور نلعبه، يصلنا التشريع من السلطة التنفيذية ولنا خيار الموافقة عليه أو رده، ومراقبة الحكومة. وكان دورنا تعاوني مع السلطة التنفيذية ومؤسسات الدولة في الأزمة الأخيرة.
**
– بمراقبة أداء الحكومة، هل أدت واجبها بالطريقة المثلى في الأزمة الأخيرة؟
لا شيء مثالي في هذه المرحلة، الأخطاء تُرتكب، نذكر جيداً الخطأ في السماح لسائقي الشاحنات بالدخول مع كتابة تعهد وقد كلفنا ذلك الكثير، هذه مثلاً "غلطة وغلطة الشاطر بعشرة”.
لا يمكن لأي حكومة أن تخلو من الأخطاء، ولا أحد معصوم عن الخطأ، لكن بالنظر للمرحلة ككل كانت الحكومة ناجحة جداَ طبعا بتوجيهات الملك ومشاركة الأجهزة الأخرى كالقوات المسلحة والأجهزة الأمنية والسلطة التشريعية ومؤسسات المجتمع المدني ولا ننسى أن الشعب الأردني كان متجاوباً جداً مع أوامر الدفاع. وبالطبع عدد من اوامر الدفاع قد يكون لها بعض السلبيات لكنها ارتكزت على وجهات نظر محترمة ونحترمها.
**
– قبل يومين أعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي انه وتجنباً لحل الأزمة على حساب الأقل دخلاً فسيتم تخفيض رواتب الرؤساء السابقين ومسؤولي الدرجات العليا، ما رأيك بتخفيضات بالجملة لرواتب ومخصصات الموظفين في الدرجات العليا وتقاعدات المسؤولين السابقين على الطريقة العراقية للتخفيف على الخزينة؟
"أنا شخصياً ما عندي مشكلة”، وفعلياً قد اتخذنا إجراءات في هذا المجال، فقد تم تحويل جزء من مكافأة الأعيان للموازنة والتي بدورها تحولها لصندوق همة وطن، وحصل فعلاً خصومات على كثير من الرواتب العليا في الدولة الأردنية.
**
– بالنسبة لصندوق "همة وطن” تحديداً، كم مقدار التبرعات؟
من مجلس الأعيان، تبرعنا في الأزمة الأخيرة بـ 300 ألف دينار: 100 ألف لوزارة الصحة، ومثلهم للتنمية الاجتماعية ومثلهم لصندوق همة وطن.
ولدينا- كما أرسلنا سابقاً لـ” رأي اليوم”- صندوق تكافل، وحجم التبرعات منذ انشاء الصندوق للآن بالإضافة للخصومات التي حدثت على المكافآت يبلغ مليون و200 ألف دينار وهذه من مال الأعيان الخاص وليس من موازنة المجلس، ونعلم أن بعض الجهات الأخرى حولت من موازنة مؤسساتها ولكننا نحن ساهمنا من رواتبنا ومن صندوق التكافل الاجتماعي الذي أنشأناه من سنوات (2017) وقد تبرعنا من خلاله طوال السنوات الماضية لمؤسسة الحسين للسرطان وللقوات المسلحة وأسر الشهداء. تأتينا طلبات كثيرة تحتاج للتبرع وبعد دراستها والتأكد من توافقها مع شروط المجلس، نحن دائماً نقدم المساعدة وهناك خصومات شهرية من رواتب الأعيان لهذا الصندوق.
**
– هل سيتم اصدار ملحق موازنة يعيد النظر في أرقامها السابقة؟
لقد طلبنا ذلك بتوصيات مجلس الأعيان، لكن ليس لدي معلومات اذا كانت الحكومة ستلتزم بذلك ام لا.
**
– لقد رفعتم توصياتكم للحكومة، وكان منها عدم تخفيض اسعار المشتقات النفطية، لماذا اوعزتم بعدم تخفيض أسعار المشتقات النفطية؟
من المهم بدايةً ان نذكّر أن هذه التوصيات غير ملزمة للحكومة، هناك وجهات نظر مختلفة في المجلس، ولجنة الطاقة اعتقدت انه بما اننا نمر بظروف استثنائية فذلك يتطلب اجراءات استثنائية، وللتوضيح ان هناك وجهات نظر مختلفة داخل اللجان وهي ظاهرة صحية، وهذه التوصية هي ما استقر عليه رأي الأغلبية في اللجنة.
لكن لو نظرنا للتوصيات ككل، فقد حوت الكثير من الإيجابيات، مثل تخفيض الضرائب والجمارك ودعم الزراعة والصناعة وتخفيض (البنك المركزي) للاحتياطي النقدي من 5 (بالمئة) إلى 3 حتى يكون هناك سيولة في يد الناس، وتقديم قروض للشركات. لا أعلم لماذا ينظر الناس لما هو سلبي فقط ولا ينظرون لما هو ايجابي.
هذه وجهة نظر، وانا ديمقراطي في مجلس الأعيان ولا استطيع أن أفرض رأيي، وأؤكد أنها توصية تعبر عن رأي لجنة الطاقة وليس المجلس وغير ملزمة للحكومة، وللصراحة فقد كان عليها عدة وجهات نظر، وهناك أعيان عارضوا المقترح.
**
– حين تتحدث اللجنة عن "اعادة التفاوض حول اتفاقيات التوليد المستقل الظالمة بحق المملكة” إلى ماذا تشيرون؟
نتحدث عن ملف الصخر الزيتي والاتفاقية مع شركة العطارات تحديدا.
**
– ماذا عن اتفاقية الغاز الإسرائيلي؟
في هذا المجال دعيني أوضّح أن قرار المحكمة الدستورية قال انه لا يجوز حتى الطعن في هذه الاتفاقية الدولية ولا حتى من مجلس النواب، وموقف المحكمة الدستورية واضح، إذ لا يمكن سن قانون في هذا السياق.
أعرف جيداً حساسية هذا الملف، وفيه وجهتي نظر حوله: الأولى تقول ان الغاز الاسرائيلي هو أكثر الأسعار انخفاضاً ونحن فاوضنا الجزائر وقطر ولم نصل لاتفاق معهم لأن الكلفة منهم أعلى، أما الغالبية العظمى من الناس فتقول ان الغاز الاسرائيلي هو غاز نُهب من الفلسطينيين.
**
– وما وجهة نظرك الشخصية؟
أنا دائماً أنظر للمصلحة الوطنية، بوضوح أقول إذا وجدنا سعر أقل من هذا السعر لنتوجه إلى أي دولة أخرى تستطيع أن تبيعنا. خصوصا بعد شروع الإسرائيليين بضم اراضي من الضفة الغربية أو ما تبقى منها ومن غور الأردن. الشارع والشعور الشعبي هو عدم التعاون مع هذا العدو، وأنا أقول "إن شاء الله بنلاقي مصدر ثاني بنفس السعر”.
**
– بالحديث عن ضم الضفة الغربية وغور الأردن للسيادة الإسرائيلية، كيف ترى ذلك والى أي مدى يمكن للأردن الذهاب في التصدي له؟
إذا استمر نتنياهو بسياساته التعسفية وقام بضم ما تبقى من الضفة الغربية والغور، فمن شابه أباه ما ظلم، الملك عبد الله قادر على اتباع نهج والد، وكلنا نذكر المغفور له الملك حسين حين اعتدى الإسرائيليين على خالد مشعل كيف هدد بإلغاء معاهدة السلام، حتى أحضروا الترياق، وأجبروا على الرضوخ للأردن؛ الملك عبدالله قال لاءاته الثلاث بصراحة لا للوطن البديل ولا للتوطين والوصاية الهاشمية خط أحمر.
الآن المعادلة كالتالي: هل يمكن للأردن أن يتحمل عبء القضية الفلسطينية وحده، لأكون واضحاً لا يستطيع، ويحتاج لموقف عربي موحد داعم للملك، إذا مضت إسرائيل بالتصعيد.
**
– الموقف اليوم لا يبدو انه موحد، هل يذهب الأردن تجاه تصعيد أكبر بإلغاء اتفاقيات أو نوع من أنواع المعاهدات بينه وبين إسرائيل؟
وزير الخارجية أيمن الصفدي قال سيكون هناك رد، وأتوقع مراجعة لمعاهدة السلام، لكن يجب أن يكون هناك موقف عربي لدعم الأردن، وعلى مستوى رأس الدبلوماسية الأردنية أي الملك، كما أتوقع جهداً أردنياً مضاعفاً للتواصل مع الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا إلى جانب الدول العربية.
لا أتوقع أن أحداً سيريد قيام دولة عنصرية، فقتل حل الدولتين يعني قيام دولة عنصرية، فالآن وفي حدود فلسطين التاريخية 1948، هناك 7 مليون فلسطيني، ويقابلهم نحو 7 مليون يحملون الجنسية الإسرائيلية منهم مليون ونصف لا يعيشون في إسرائيل.
ديموغرافياً لا يجوز أن يقبل العالم بقيام نظام عنصري، ولو قبِل فهل يمكن كسر شوكة الشعب الفلسطيني؟ أنا مصرٌّ على ان هذا الشعب مجاهدٌ ولا يمكن كسر شوكته، سيؤدي هذا كما قال الملك الى تصعيد في العنف وعدم استقرار في المنطقة. هل يريد العالم الغربي أن يعايش منطقة شرق أوسط غير مستقرة؟ حالة عدم الاستقرار ستؤثر على منابع النفط وستفرض إيقاع عنف كبير.
يجب أن يكون هناك جهد دبلوماسي أردني باتجاه هذه الدول للضغط على إسرائيل، وبصورة تتجاوز بيانات الادانة التي لا تنفع. يجب أن تكون هناك عقوبات على اسرائيل من خلال البرلمانات والحكومات المختلفة.
وبالمناسبة قد تنقلب المعادلة كلها في إسرائيل بانقلاب المعادلة بالولايات المتحدة، إذ لا ندري عمّا ستتمخض الانتخابات الأمريكية، اذا نجح (المرشح الديمقراطي جو) بايدن، فمن الممكن انه يعكس كل سياسات الرئيس الحالي دونالد ترامب ويدعم حل الدولتين، واقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة.
**
– هل نستطيع أن نراهن على فوز بايدن؟
انا لا أراهن على أحد، لكن من الممكن أن يكون بايدن أكثر تفهماً من ترامب، فالإجراءات التي اتخذها ترامب صعدّت التوتر في المنطقة وعدم الاستقرار.
نحن في الأردن نمتاز بعلاقات طيبة مع الأمريكيين والملك علاقاته جيدة جداً مع أعضاء الكونغرس رغم نفوذ اللوبي الصهيوني فيه، ولا ننسى زيارة (رئيسة مجلس النواب نانسي) بيلوسي عندما قدمت الى المنطقة وجاءت وقابلت فقط الملك حتى تأخذ رأيه، ودائماً يستشار الملك في المشاكل التي تواجهها الشرق الأوسط.
**
– عاهل البلاد تحدث عن تقارب مع الجوار في المنطقة، ولكنه لم يتحدث عن دولة بعينها، كيف ترى علاقة الأردن بجواره في الأيام المقبلة؟
بداية علاقتنا مع دول الخليج علاقة متميزة، يقال ان هناك خلافات بيننا وبينهم، ولكن الخلاف لا يفسد للود قضية. فالملك دائم التواصل مع اخوانه الزعماء في دول الخليج العربي وخصوصا الكويت والسعودية والإمارات ودائم الزيارة لهذه الدول. الخلافات تحصل بين الأشقاء، وهناك بعض الخلافات بيننا والامارات والسعودية مثلاً لكنها ليست جوهرية. علاقاتنا مع دول الخليج ثابتة والحمد لله، ولم يقصروا معنا على مدى تاريخ الأردن، مليارات الدولارات جاءت عن طريق المساعدات المباشرة أو دعم الموازنة أو الاستثمارات الخليجية في الأردن. حتى علاقتنا مع قطر باتت علاقة مميزة منذ زيارة الأمير تميم بن حمد لعمان والتي كانت زيارة موفقة.
أما علاقتنا مع سوريا، فإشكاليتها أن هناك قرار عربي اتخذ بجامعة الدول العربية ويجب أن نلتزم به. في حين علاقتنا مع العراق جيدة ومميزة والملك زار العراق ورئيس الوزراء التقى مع رئيس الوزراء العراقي (السابق)، وهناك تبادل تجاري بيننا.
العلاقة مع اسرائيل الآن سيئة جداً حالياً لأنهم لا يلتزمون بمعاهدة السلام (اتفاقية وادي عربة)، ففي مطلعها هناك بند ينص على "حل مشكلة الصراع العربي الاسرائيلي بالعودة إلى قراري مجلس الأمن 242، و338، كما ان المادة التاسعة في الاتفاقية تنص على الوصاية الأردنية.
**
– لقد تابعنا تقرير البنك الدولي الذي تحدث عن ملاذات امنة وتهريب أموال المساعدات من الأردن، ما رأيك به؟
هذا التقرير فني للبنك الدولي، وقد وضّح البنك بأن الأردن غالباً لم يكن له علاقة بالتقرير، وتقديري ان الأموال المذكورة ليس لها علاقة بالقروض أو المساعدات التي كانت تصل للأردن، لأن كثيراً من الأردنيين لدهم حسابات خارج البلاد خصوصا من فئة رجال الأعمال، كما أن المستثمرين العراقيين الذين كانوا في الأردن في فترة اعداد التقرير (1990-2010) كانوا يحولون نقودهم من الأردن إلى حسابات خارجية.
توضيح البنك الدولي واضح بالنسبة لي، لا يوجد هناك مساس بتاتاً في المساعدات التي وصلت للأردن بالفترة التي تطرق لها التقرير.
**
– نسمع عن ملاحقات في ملف التهرب الضريبي دون اعلان أسماء أو حتى حديث عن تسويات، كيف ترى المشهد؟
المتهم بريء حتى تثبت ادانته، ورغم حصول مداهمات لعدد من الشركات، لكن لننتظر ونرى، إذ لا يمكن أن نقول أن هؤلاء تهربوا ضريبياً بينما لم يحدث هناك أي تحقيق بعد، أولاً يحصل التحقيق وإذا لا سمح الله في تجاوزات، سيكون هناك قضاء أو شبه تفاهم أو تسوية على اعادة الأموال.
أما بخصوص الأسماء، فما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي كلها اشاعات، أكرر المتهم بريء حتى تثبت ادانته، اذا ثبت عليه شيء فإما التسوية او التحويل للمدعي العام لكن لا يمكن ان نتهم الأشخاص والتحقيق في بداياته.
**
– بأخذ كل ما ورد آنفاً بعين الاعتبار، ما هي أولويات المرحلة القادمة من وجهة نظرك؟
الملك وضع خارطة طريق لمشروع وطني، وبدأنا نلمس أثره، ففي الزراعة مثلا، استطعنا خلال الأزمة أن نلبي كل طلب السوق المحلي ونصدر لإخواننا في الخليج العربي خلال الأزمة، في حين أن بعض الدول لم تستطع أن تستورد بعض المواد كالخضار والفواكه وكان الأردن سباقاً في ذلك.
خطة الملك لتخطي هذه المرحلة تقوم على دعم الزراعة والصناعة الغذائية، بالإضافة إلى دعم المشاريع الصغيرة والتأكد من إدامة المشاريع الكبرى لأنها تولد وظائف للسوق. ما لا يتأثر أبداً في أي وباء أو حرب هما الغذاء والدواء، لذلك يجب أن نركز على الصناعات الغذائية والدوائية، وأن نشجع الصناعات المحلية، والتي وصلت لمستويات عالمية.
علينا أن نطبق سياسات اقتصادية تولد فرص عمل للشباب؛ وايعازات سيدنا (الملك) كلها في هذا السياق وعلى الحكومة أن تنفّذ حتى نتفادى زيادة معدل البطالة.
الأزمة لا تتعلق فقط بالأردن بل بالعالم، اذا الاتحاد الأوروبي تراجع بالنمو بنسبة 8.7%، والصين تتراجع فيها نسبة النمو، والولايات المتحدة فيها الآن 40 مليون عاطل عن العمل.
برأيي لو أردنا أن نحل المشكلة فيجب أن يكون هناك صحوة عربية، وأقترح اقامة قمة عربية غير تقليدية ليست فقط لأخذ قرارات "على الورق” دون تنفيذ على ارض الواقع، ولكن أن تعقد قمة عربية بحضور رجال الأعمال وغرف التجارة والصناعة ونضع خطة لتوحيد العالم العربي اقتصادياً واستغلال كل موارد العالم العربي لصالحه وليس لخارجه، فنحن يجمعنا كل شيء: الدين واللغة والثقافة، الاتحاد الأوروبي ماذا يجمعه، رغم ذلك توحد.
يجب أن نتجه الى اخواننا العرب وإلى الاقليم وإلى الدول التي قد تساعدنا في جذب استثمار للأردن أيضاً، وهذه المشاكل يمر فيها الاردن حتى من قبل الجائحة.
**
– هل أنت مع اعادة هيكلة شاملة للقطاع في المرحلة الحالية؟
100%، هناك ترهل اداري والخدمات التي تقدم للناس ليست على المستوى المطلوب، هناك حمولات زائدة في الكثير من مؤسسات الدولة ومستوى الانتاجية لدينا ضعيف جداً. يجب أن يكون هناك اعادة نظر واعادة هيكلة.
المشكلة التي تواجهنا ان من سيتم اخراجهم من القطاع العام ” كيف بدهم يعيشوا؟”، أعتقد ان اعطاء حوافز لمن يخرج من القطاع العام قد يكون حلا، ولكن يجب أن يكون هناك اعادة نظر لأن الترهل الاداري كبير في مؤسسات الدولة الأردنية. وهذه إشكالية كبيرة تواجه حتى الاستثمارات رغم وجود نافذة الاستثمار، ويجب معالجة إشكالات البيروقراطية للتسهيل على المستثمرين.
**
-رئيس الوزراء الأسبق عبد الكريم الكباريتي الأسبوع الماضي تحدث لـ”رأي اليوم” عن حوار وطني وتشكيل لجان شريط أزرق، كيف تنظر للفكرة؟
تابعت المقابلة، ومتفق مع فكرة لجان متخصصة، بغض النظر عن التسمية، أرى الفكرة مهمة والحقيقة يجب أن يكون هناك لجان متخصصة تدرس كل التحديات الاقتصادية التي يواجهها الأردن وترفع توصيات للملك فيأخذ هو الاجراء.
في الوقت الحالي، يجب أن يكون هناك تكاتف وتعاضد، كما نحتاج لأن نكون منفتحين على كل الأطياف دون استثناء: غرف التجارة بما فيها غرفة تجارة الاردن وعمّان وغرف التجارة الأخرى، وغرف الصناعة والنقابات المهنية والأحزاب، ومؤسسات المجتمع المدني ورؤساء الوزراء السابقين والأعيان وغيرهم. على الجميع ان يأخذ دوره في ايجاد الحلول لهذا الوطن لأن الحكومة لا يمكن أن تتحمل هذه المشكلة الكبيرة لوحدها.
يجب أن يكون هناك توافق من كل مكونات المجتمع الأردني وهكذا فقط نستطيع أن نتخطى هذه المرحلة، أنا دائماً متفاءل في مستقبل المملكة، لقد واجهنا تحديات منذ قيام الامارة في 1921 لكن دائماً كنا نجد الحلول ونخرج من كل مشكلة أقوى مما كنا.
متفاءل بوجود الملك على رؤوسنا وان شاء الله سنوفّق ونتخطى المرحلة.
**
– في اليومين الماضيين تصاعد تسريب بأنك قد تكون رئيس الوزراء اللاحق للدكتور عمر الرزاز، هل تم استمزاجك فعلاً في ذلك؟
كلها اشاعات، لا يوجد شيء على أرض الواقع حتى اللحظة. طبعاً هذا قرار يعود للملك ولكن بالنسبة لي ليس لدي أي خبر.
**
– هل تريد أن تضيف شيئاً للأردنيين؟
أدرك أن المرحلة صعبة وأطلب من الجميع "أن نتحمل بعض في هذه الأيام”، يجب أن يكون هناك تكاتف وتعاون، بين المالك والمستأجر، والدائن والمدين وتكون قلوبنا على بعض لأن الوقت عصيب والكل يعاني سواء صاحب العمل أو الموظف.
لنتساهل مع بعضنا خلال الأشهر القليلة المقبلة إلى أن يسترد الاقتصاد عافيته قليلاً.
"هذه رسالتي للناس، خلينا نتحمل بعض وتكون قلوبنا على بعض الشعب الأردني شعب متكاتف متعاضد ومرينا بصعوبات كبيرة وتجاوزناها بحمد الله”