جريمة النقابة من القاتل؟
حيمنا يواجه اي شعب المصاعب يوحد قواه ويستجمع طاقاته لمواجهة الخطر والتحدي والعبور بأمان بأقل قدر من الخسائر، إلا أن العكس يحصل في بلدنا ففي مواجهة القادم الصعب تتقشمر الحكومة بكل جد للإنقضاض على بقايا مؤسسات المجتمع المدني وتتحين الفرصة إما لتحييدها او تعطيلها، وحتى الناشطين بداءت بعملية تأديب ممنهجة للتخلص من اي صوت يحاول الوقوف في مواجهة الأخطاء التي تتراكم منذ حين إلى أن غطى غبارها اي إمكانية للوصول إلى حقيقة الأشياء.
فكيف يمكن تبرير اللغاء نتائج انتخابات شرعية لواحدة من أعرق النقابات والدوس بدم بارد على إرادة مجموعة مرموقة من أبناء المجتمع لهم مكانتهم وإحترامهم ودورهم المُقدر ، من سمح لنفسه بالاستهانة بقرار الكلية الانتخابية، كل ذلك تحت ذريعة( تعذر) ،
وحتى لو كان ثمة خطاء ارتكبه تيار في جسم النقابة وذلك لم يتجاوز الآليات المسموحة داخل نظامها الداخلي ولا يعتبر ذريعة لتجاوز الطلب بإجراء انتخابات جديدة والذهاب لحل مجلس النقابة، وبدون شك هذا التصرف يعكس سلوك وقناعة لدى الحكومات بهامشية المجتمع وهامشية خياراته وإحساس عميق بهيمنتها على الدولة بشقيها المدني الاجتماعي والحكومي، فممنوع التفكير إلا في الإطار المطلوب وفي سياق ما هو مقرر سلفاً.
وللأسف حتى المعارضة النقابية لم تختلف كثيراً عن منطق الحكومة ونهجها في التفكير، فكان حس الانتقام هو الغالب على سلوكها، فتحينت اللحظة بعيداً عن حسابات المصلحة الكلية للنقابة ، وأنقضت لتصفي ربما حسابات قديمة، وهي بذلك فتحت الباب على مصراعية لتدخل حكومي بمبررات من داخل جسم النقابة، إذا كان ذلك مقصوداً فتلك جريمة وإن لم يكن كذلك فإن تجربة عقود من العمل السياسي كانت بلا فائدة او جدوى، وهنا تكون الطامة الكبرى وهي فتح الطريق على مصراعيه لخطوة مماثلة قريبة وعلى نقابة قد يخمنها اغلب القارئين.
ولا يزال الاحساس بالخيبة يلاحق كل منّا. اذا كانت الحكومة غير قادرة على استيعاب تنوع المجتمع، والمعارضة مثل ذلك فكيف اذاً يمكننا الحديث عن مواجهة تحديات المستقبل وتداعيات؟
يبقى السؤال لقد وقعت جريمة بحق النقابة فمن القاتل؟
الدكتور منذر الحوارات