معالي الوزير


فارس الحباشنة

احمد زكي، رأفت رستم وزير الصدفة وتشابه الاسماء غير المقصود في فيلم «معالي الوزير «، وعند إقرار الذمة المالية اعلن عن ثروة قيمتها 50 مليون جنية. وعاهد وزير الصدفة نفسه بان يخرج من الوزارة وقد جمع وجنى هذه الثورة، وهذا ما حصل وأكثر، اذ بلغت ثروته كما اباح الوزير رستم باحد الكوابيس التي تطارده بانها زادت عن 150 مليون دولار، ومكنوزة في بنك بسويسرا. 
انتهى الفيلم، وقد قتل وزير الصدفة الذي امسك بمنصبه واجاد لعبة السلطة وفهلوتها حتى اصبح من اقوى رموزها مدير مكتبه عطية «، الصندوق الاسود « لاسراره وكواليسه وعلاقاته الشخصية والبزنس المشبوهة، وذراعه القذر في عمليات الرشاوي والكوميشن والمسمسرة، والعطايا وتصفية الحسابات السياسية، وغيرها. 
الفيلم محاكمة سينمائية لازمة السلطة وفسادها في العالم العربي، ويعري ايضا الوجه الاسود والقبيح لها.الفيلم عرض عام 2002، وهي بداية تفشي الفساد السياسي في مصر، والحقبة التي برز بها تحالف السلطة مع رجال الاعمال» طبقة البزنس «، واقحام السياسة العربية بمشاريع وافكار التحول الاقتصادي واقتصاد السوق والخصخصة، وغيرها من وصفات البنك الدولي، والتابعية الكولونانية. 
و يروي الفيلم كيف تنتج السلطة فسادا. وكيف تتحالف السلطة مع قوى البنزس الفاسدة، العطاءات والمقاولات السياسية، وصفقات بيع الاراضي المشبوهة، والتهرب الضريبي، وحسب تتبع كوابيس معالي الوزير قد اعترف بكل علاقاته المشبوهة والرشاوي واستغلال السلطة والاموال الباهظة التي جناها من صفقات سرية فاسدة. 
الفكرة اللافتة في الفيلم، ان وزير الصدفة اعترف لمساعده «عطية» بانه خائن لاهله ولاصدقائه وعلاقته الانسانية الخاصة والعامة من ايام المدرسة والجامعة. فكان يكتب تقارير امنية عن حبيته، وزوجته لاحقا « يسرا «، وانه من ايام الجامعة ادرك الجدوى من التحالف مع اجهزة السلطة وما تقدم من مغريات ومنشطات كتوفير حماية اجتماعية وفرصة وظيفية.
صراع الكوابيس، والمزاوجة العبقرية التي اتقنها وحيد سيف مخرج الفيلم بين الواقع والخيال. حولت من وزير الصدفة رجلا بلا اخلاق، لا يقدر ان ينام ليلة واحدة دون كوابيس، جرب النوم في المسجد والنظارة.
صورة هستيرية لرجل اصبح وزيرا بالصدفة، تبدأ من العائلة والزوجة والاولاد الى محيطه العام في الوزارة، وعلاقته الانسانية. صورة للسلطة المأزومة، وكيف ابتلع الفساد السلطة والسياسة في العشرية الاولى من القرن العشرين، عصر وطنية المقاولات، وزراء الصدفة، ونهب المال العام، وبطولات تمزيق وحدة الدولة والمجتمع باسم التحول الاقتصادي، وتعويذة الرئيس محمد انور السادات التي لاحقت اجيال : من لم يجمع ثروة في عهدي عمره ما راح يغتني «.
الاشارة في ختام الفيلم مشفرة وموجهة الى كثيرين.. وافهم يا حمار. وتؤكد على ان اي تشابه بين رأفت رستم وزير الصدفة واي رجل سلطة فهو مسؤولية هذا الرجل وهذا التشابه مقصود.
حقيقة، الأن فيلم معالي الوزير استدراك فني يعري السلطة وازمتها، وعيوبها ومثالبها،ووجهها القبيح والاسود. الفيلم بعبقريته السينمائية يأخذنا الى خلع الاقنعة عن كل الوجوه دون تردد ومواربة.