الفريق الاقتصادي للحكومة لم يقدم اية مشاريع بالرغم من وجود الصيغ .. والرزاز بين سنديان صندوق النقد ومطرقة الركود

زهير العزه
قبل ازمة كورونا تحدثت الحكومة عن خطة لإصلاح الحالة الاقتصادية في البلاد، والواقع أننا كنا نسمع عن ملامح الخطة دون أن نرى تفاصيلها، ولم يشعر المواطن وللأمانة ان هناك خطة اقتصادية اصلاحية شاملة منذ أن أتت هذه الحكومة الى سدة الدوار الرابع.

ولعل مراجعة بسيطة لكل التصريحات المتعلقة بالاصلاح والتي صدرت عن الحكومة  سنجد ان غالبيتها تنصب على تكلفة القطاع العام ،ما يعني أن معظم الواردات المالية بحسب وجهة نظر الحكومة تذهب لخدمة القطاع العام،  ما دفعها ويدفعها للاستدانة وهذا بالتاكيد ليس صحيحا على الاطلاق، بالرغم اننا نتفق مع الحكومة على ضرورة اصلاح القطاع العام إن على صعيد الاداء او على صعيد الحجم المتضخم في بعض الوزارات والفقير بشريا في بعضها الاخر ، لكن الأكيد ان  المشكلة لا تكمن هنا .

واذا كان لنا مأخذ كثيرة على هذه الحكومة فأنه للانصاف ان الحكومة الحالية لا تتحمل مسؤولية الأزمة وتفاقمها" بالرغم من مساهمتها بها في السنوات الماضية "،بل ان الحكومات المتعاقبة منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي تتحمل المسؤولية ولكن هذه الحكومة معنية لأنها هي من يقود السفينة الان وهي صاحبة الولاية .

والواضح ان الفريق الاقتصادي للحكومة " ان وجد"  لم يقدم اية مشاريع بالرغم  من وجود عشرات الصيغ التي من خلالها كان بامكان الحكومة ان تعمل على اخراج البلد من ازمته وبالتدرج ، لكنها للاسف لم تفعل خلال اكثر من عامين الى ان وصلنا الى ازمة كورنا وتفجرت معها ازمة جديدة اقتصادية اجتماعية لا يعلم احدنا كم ستستمر،وهل تستطيع الحكومة وضع الخطط التي تمكن البلاد من الاستمرار بالوقوف على قدميها ،كما تمكن المواطنين من الصمود امام المطالب المالية التي تتعاظم يوما بعد يوم ؟.

ان اخطر ما واجه  ويواجه الاقتصاد الاردني منذ سنوات ولغاية الان ، هو سيادة  المنطق المالي النقدي على حساب خيار الاقتصاد المنتج الموجه الى تعظيم قيم الزراعة والصناعة في هيكل الاقتصاد الكلي للدولة والذي يقوم على اساس اشباع الداخل من المنتوجات الزراعية والصناعات الغذائية ومن ثم التصديرلجلب العملة الصعبة ، الامر الذي  ينعكس على التخفيف من فاتورة الاستيراد وبالتالي من الاستمرار في الاستدانة  لتغطية فاتورة الاستيراد ،كما ان سيادة المنطق المحاسبي الجبائي المعتمد عل الضرائب ، مع غياب الادارة المالية الحصيفة وغياب الخطط الاقتصادية  ذات الانعكاسات الاجتماعية ادى  ويؤدي الى احداث فجوة عميقة بين غالبية المواطنين ، واصحاب رؤوس الاموال ما ادى ويؤدي الى تولد الحقد الطبقي الذي له مخاطر عديدة على المجتمع والدولة.

الحكومة اليوم مطالبة بوضع خطة تستجيب لمصلحة الوطن والمواطن وتخرج البلاد من قيد صندوق النقد الدولي وخططه ،وهذه الخطه ممكن تنفيذها خلال عام بالتعاون مع القطاع الخاص عبر وقف الاستيراد للمواد او المنتوجات التي يمكن تصنيعها محليا بما في ذلك الادوية مع تعهد الحكومة للقطاع الخاص بان المؤسسات التابعة لها ستقوم بشراء كل انتاج هذه المصانع ، اضافة الى امكانية فرض ضرائب على المستوردات تذهب لصالح دعم المصانع التي تعمل على فتح اسواق خارجية وتقوم بتحويل العملة الصعبة لحسابات خاصة بها في البنك المركزي .

 ان أهمية هذه الخطة تتمثل ب:

 اولا: وقف الاستدانة لتغطية فاتورة الاستيراد

ثانيا : تشغيل الايدي العاملة

ثالثا : تصدير الفائض من المنتوجات المحلية الى اسواق خارجية ما يمكن من استجلاب عملات صعبة الى البلاد .

رابعا : دفع القطاع الخاص الذي يقوم بدور المستورد الى فتح المصانع ما يؤدي الى توسيع فرص الابتكار، فليس من المقبول استمرار سياسة الانفلات في الاستيراد ، اذ لا يعقل ان نستمر باستيراد على سبيل المثال اللبنه او منتوجات الحليب الاخرى او العصائر بل وحتى المياه المعدنية والمنتوجات الجلدية والاجبان  وغيرها من منتوجات ونحن من البلاد المنتجة للمواد الاولية لهذه الاصناف!

خامسا: لقد اثبتت ازمة كورونا ان القطاع الزراعي حمى الاردن من مجاعة او من تحكم الدول الاخرى بالبلاد، حيث وجدنا دول العالم الكبرى والصغرى يتدافع مواطنوها من اجل الحصول على حبة بندورة او بطاطا ، بعكس ما حصل عندنا من توفر هذه المنتجات  وبكثرة ،وهذا ما يؤكد صوابية وجهة نظرنا التي كنا نطالب بضرورة  وضعها على جدول اعمال الحكومات  المتعاقبة التي كانت في غالبية توجهاتها تقول ان الحل دائما عند صندوق النقد الدولي باعتباره الخيار الوحيد امامنا في هذه البلاد

ان الحكومة قادرة اذا ارادت ان تحدث معجزة في الانقلاب على مفاهيم اقتصادية وضعت البلاد  والعباد تحت رحمة  دول اخرى كبرى كانت ام صغرى ،وتحت رحمة وصفات صندوق النقد الدولي ،وطبعا حتى لا يقول البعض اننا نعيش الوهم ، نقول ان الخطة لا تمنع استمرار الاستيراد لاحتياجاتنا التي لا يمكننا تصنيعها ، فنحن هنا نتحدث عن ما يمكن تصنيعه للاستهلاك المحلي او تصديره، وبالتالي نوفر 30% او 40% من قيمة فاتورة الاستيراد وبالوقت نفسه نخفف من اعباء البطالة وايضا نحصل على تدفق مالي خارجي نتيجة عملية التصدير ،فهل تأخذ الحكومة بهذه النصيحة ام تبقى تتبع نصائح اصحاب رؤية ان الحل والربط عند العم سام وصندوق النقد الدولي .!

 

zazzah60@yahoo.com