لماذا القاصات؟



فارس الحباشنة

في كل قضية فساد تظهر ادوات ومفردات جديدة. هروب رجل اعمال، وطلب لجوء في دولة اجنبية، وتهريب اموال، والملاذات الضريبية الامنة، وغسيل الاموال، وارصدة سويسرا وبنوكها.
لا تنفتح قضية فساد الا تفجر عالما من الغرائب. وحكايا لا متناهية عن اسرار سوداء لاختفاء الاوراق والوثائق، وتصدير الاموال الضخمة واخفائها، والتحايل على النظام العام واجهزة الرقابة القضائية والقانونية والسياسية.
من اظرف ما انتجته قصص الفساد المطروحة. «القاصات «، ففي تاريخ الفساد الاردني لاول مرة تطرح كلمة «قاصة «، ملاذات وثائق واموال الفساد تختفي، وتهرب الى الخارج.
نقطة تحول جديدة في قصص الفساد. ما بين القاصة والاموال المنهوبة والمفقودة، ووثائق الادانة والاتهام قانونيا. 
صديق، مسؤول سابق، علق على فكرة» القاصة « قائلا : الاسلوب والطريقة بدائية وقديمة، وكانت رائجة بمصر في الخمسينات. 
في قضايا الفساد المطروحة حاليا وسابقا، ثمة حقائق غائبة او مغيبة. وهناك ما يشبه الطلاسم والالغاز في التعامل معها. وكغيرها من القضايا التي اختفت، وانمحت من ذاكرة الرقابة دون ان تنفك كلمة سرها.
الاردنيون لا يعرفون امورا كثيرة جليلة وفاصلة في تاريخ بلادهم. لا يعرفون كيف وصل الاقتصاد الى حافة الانهيار؟  ولا حقيقة ارقام اخرى ايضا، كم معدل البطالة الحقيقي / وكم معدل خط الفقر مثلا ؟ وكم عدد مصابي كورونا ؟
الحقيقة تتماهي مع الخيال والاشاعة، وتضيع لتصبح نصف الحكاية كلاما من الاشاعات. في الاردن لابد من قانون للافراج عن الوثائق والاوراق الرسمية، قانون المعلومة وحق الحصول عليها دون موانع ومعيقات تحت اي ذريعة تذكر. 
فمن يضاعف الازمة وتداعيها الصامت عن قول الحق، والمانع لاقامة المساءلة والعدل. من الاردنيين ان يعرفوا حقيقة ما يجري، وما يواجه بلادهم من ازمات، ومن هو العدو في الداخل والخارج. ومن حق الاردنيين ان يعرفوا لماذا وصلنا لهذا المربع. 
من الصعب القول ان ما نشاهده اليوم من محاربة للفساد لا يعبر عن ارادة جادة بازالة الستار والعتمة عن رجال سرقوا واستغلوا مواقعهم وبنوا نفوذا على اكتاف الدولة والشعب. 
والارادة المضاعفة تكون لو ان الرواية كاملة تقدم للاردنيين. حتى لا يسمح للمرضى والمتصيدين بان يقتنصوا الفرص، ويستغلوا الفراغ، ويمارسوا شيطنتهم للدولة واجهزتها ورموزها.