سيدة تُودع ساعة ألماس مزيفة لدى طبيب تجميل بدل أتعابه


كتبت:  إخلاص القاضي - قد يكون مبرراً أن يلجأ المرء للاقتراض أو بيع معدن نفيس بغية اجراء عملية تجميل اضطرارية، ولكن ما فعلته سيدة خمسينية مغاير لذلك تماما، إذ أوهمت طبيبها بان ساعتها من الالماس الخالص، وانها مضطرة "لرهنها" لديه حتى تؤمن المبلغ المالي المترتب عليها والبالغ 650 دينارا، ليتشكف الطبيب لاحقا أن ثمن الساعة لا يتعدى الخمسة دنانير.  
  يقول الطبيب الذي تعرض لعملية الخداع تلك، والذي فضل عدم ذكر اسمه" لم ارض عن اسلوبها، ولم أكن لاقبل بأخذ الساعة أصلا، مُفضلا بطبيعة الحال أخذ حقي المالي، دون القبول بمسألة الرهن التي لا تليق بطريقة التعامل مع المرضى، ولكنها صممت على ذلك، تاركة الساعة على مكتبي، واعدة بتأمين المبلغ في مساء ذلك اليوم".
 ويتابع: مضت عدة أشهر على غيابها، وانقطاعها، وعدم ردها على الهاتف، لاجدها يوما وعلى سبيل  الصدفة في عيادة أحد زملائي في المهنة، مقبلة على عملية احتيال اخرى، على حد تعبيره، محذرا زميله منها، ومتخذا اجراءً يضمن حقه، حيث أمهرت له وصل أمانة (شيكا) يؤمن مبلغه، والحصيلة انها لم تدفعه كاملا حتى اللحظة.
 ويقول، مهنة الطب رسالة انسانية قبل كل شيء، ولاسيما في تخصص التجميل، الذي من بين اهدافه تعزيز الروح المعنوية للمرضى، ولكن هذا لا يمنع من أنها مهنة يعمل بها المرء كمصدر للرزق لقاء خدمة، غير أن قيام البعض بالاستغلال او الاحتيال، يدفع بنا لمزيد من الحذر، والتعامل على أسس مالية واضحة دون مواربة.
 ويردف: ان التسامح في التعامل قيمة انسانية، نسير عليها في الكثير من المواقف، خاصة اذا كان هنالك ارضية من الثقة المتبادلة بيننا وبين المرضى.
 ويُعرج على اشكال اخرى لمحاولات التنصل من الدفع بعد اجراء العمليات الجراحية، كرهن لقطع ذهبية، ولكنها في حقيقة الامر عبارة عن تقليد أو ما يعرف ب "الذهب الروسي"، في وقت يودع به البعض وثائق، كهويات أو جوازات سفر، رغم عدم قبولنا كعيادة اطلاقا بهذا التصرف.
 ويتابع حول اشكال الاحتيال الذي تصادفه، فيقول "اتفقنا باحدى العمليات على مبلغ، وبعد تحضير المريضة وحجز غرفة العمليات باحدى المستشفيات، جاء زوج المريضة، واكد انه لا يملك من المبلغ المطلوب سوى نصفه، فما كان منا الا أن نجري العملية، لانه لا مجال للتأجيل، ولكن وسط شعور بان حقوقنا المالية قد اهدرت"    
  وفي قصة مختلفة، كما يروي: "اجريت عملية تجميلية لخمسيني مقبل على زواج ثان، كان قد أوهم الطبيب ذاته على انه من الاغنياء، المقبلين على استثمار بملايين الدنانير، وبالفعل دفع المبلغ المستحق عليه نظير تلك العملية، ولكنه عاد بعد فترة وجيزة لطلب مبلغ 150 الف دينار من الطبيب، ليشركه معه في استثماراته"، مشيرا الى ان علاقة الطبيب بالمريض من المفترض ان لا تتعدى الشأن الصحي، إلى شبكة مصالح تبدو مريبة.  
 طبيب تجميل آخر قال ": نصادف الكثير من القصص التي تكون نهايتها تنصل "المريض/ المريضة"، من الدفع بعد الانتهاء من الاجراء العلاجي، والأمر لا يتعلق بفئة عمرية معينة، أو جندرية، أو جنسية، أو مستوى تعليمي، مشددا على أهمية التحلي بالاخلاق الحميدة والصدق في تعامل الافراد بعضهم ببعض، وخاصة بمسألة الحقوق المالية.
 ويتحدث عن إحدى تلك القصص، حيث عمدت إحدى المريضات إلى التهرب من دفع المبلغ المستحق عليها، بعد إجراء تجميلي، إذ اكدت للطبيب انها تنتظر زوجها ليأتيها بالمبلغ، فما كان منها الا ان غافلته، وخرجت من العيادة على جناح السرعة، منوها إلى أن ما حدث يعد أستثناءً وليس قاعدة.   
 يقول استاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة الدكتور حسين محادين انه ومن منظور علم النفس الاجتماعي فان الانسان عندما يشعر بنقص ما، يحاول اشباعه بداية بالطرق المقبولة اجتماعيا، او المرضي عنها، وفي حال تعذر تحقق ذلك الاشباع بالطرق المشروعة، يتحول هذا النقص إلى دافع لدى صاحبه او صاحبته، بحيث يتم اللجوء للطرق الملتوية او غير المُقرّة اجتماعيا.
ويتابع: عندما يتحول هذا النقص إلى هاجس لدى صاحب العلاقة، ويشغل مركز تفكيره، فنجد صاحبه قد تحول لمحترف في التخطيط والتنفيذ، وصولا الى اشباع حاجاته، وعليه يتحول هذا الشخص بحكم اهتماماته، واهدافه، وخبرته في البحث عن الوسائل المنحرفة، إلى خبير بصيد فرائسه، محولا قدراته لمهنة،" كالمتسول مثلا"، مستسهلا الحصول على خدمات دون دفعه لمقابل مادي.
 ويسهب الدكتور محادين، إن سواد القيم الفردية لدى البعض في مجتمعاتنا، اضعفت فرص الحوار والتعامل على اسس من الثقة، لذلك من المهم جدا توثيق التعاملات المالية، ضمانا لحقوق الافراد، مشددا على تحلي المجتمع الاردني بجميل القيم والاخلاق.   
 بدوره يقول استشاري العلاج النفسي والادمان الدكتور أحمد مطارنة، على الانسان ان يتصرف بعقلانية وصدق وخاصة في التعاملات المالية، ومهما بلغت حاجته لاجراء تجميلي أو غيره، لابد من أن يراجع بشأن ذلك قبلا لمعرفة المبلغ المترتب عليه، وبالتالي تأمينه، وهذا بديهي لاعطاء كل ذي حق حقه.
  ويلفت إلى أن اللجوء للنصب والاحتيال للحصول على مظهر جميل غير مقبول وغير مبرر على الاطلاق، حتى أنه يؤثر على قيمة الجمال الداخلي، فما نفع المرء يجمل نفسه، ويعتدي على حقوق الناس؟، كما يتساءل. 
 ويبين الدكتور مطارنة: إن اللجوء إلى اساليب ملتوية للحصول على خدمة دون أن يوفى صاحبها حقه، ينم عن شخصية هستيرية، ترغب بلفت النظر اليها بأي طريقة كانت، محاولة تعويض نقص ما، مشيرا إلى أن هذه الحالة النفسية من الممكن علاجها، قبل أن تتطور إلى حالة أعقد.  
    يقول الاستاذ المشارك في التفسير وعلوم القرآن في قسم الدراسات الاسلامية في جامعة الحسين بن طلال الدكتور فرج الزبيدي إن الدين الاسلامي الحنيف لم يغفل عن أهمية تنظيم السلوك الانساني والاخلاقي، ولا سيما في مسألة التعامل المالي وإعطاء كل ذي حق حقه، والاجير أجره قبل أن يجف عرقه، وتوثيق القيمة المالية للدين، او المبلغ المستحق كتابة وأرقاما.
 ويضيف، كما حرم ديننا الغش والكذب والاحتيال، مشيرا إلى أهمية الحذر واليقظة في التعاملات المالية تحديدا، وعدم العبث بحقوق الناس المالية أو محاولات التذاكي عن دفعها بمواعيدها وبقيمها المستحقة، الأمر الذي يولد العداوات، ويُضيّع جهود الناس واوقاتهم فيما يضرهم.
من جهته يشدد الناطق الاعلامي بإسم مديرية الأمن العام العقيد عامر السرطاوي على أهمية ان يأخذ الطبيب، أو أي شخص، أجره لقاء الخدمة التي يقدمها.
ويتابع: أما وقد تعرض لعملية إحتيال كالتي حدثت مع قصة الطبيب آنفة الذكر، فعليه، كما يقول، أن يقدم شكوى احتيال لتحصيل حقوقه المالية. 
ويلفت العقيد السرطاوي إلى أنه "وفي حال اضطر المرء لتلقي بدلا عينيا عن قيمة النقد، فعليه أن يراجع بشأن قيمته الحقيقية، ويتاكد من قيمتا النقدية، ومن كونها مزيفة أم لا، حتى لا يقع فريسة للاحتيال. 
--