هاني الحسن .. ذكراه حاضرة فينا .. وتتجدد رغم الغياب
بقلم : فراس الطيراوي عضو الامانة العامة للشبكة العربية للثقافة والرأي والاعلام/ شيكاغو
رغم مرور ثمانية اعوام على رحيل الاخ القائد هاني الحسن الى الرفيق الاعلى ذكراه حاضرة فينا .. وتتجدد رغم الغياب .. لأنه كان قائداً وطنيًا ملهماً، وفارساً عربياً فلسطينياً شجاعاً، ورمزاً شامخاً من رموز الوطن والقيم و المبادئ الإنسانية النبيلة، ومثالاً رفيعاً للسياسي الشجاع والثائر الحر الصبور والمتفاني، بعيداً عن مظاهر الحياة وزخرفها، مناضلاً صلباً لا يستكين، اختط لنفسه سيرة حافلة بالمجد الإنساني ، وثرية بالنضال السياسي المشبع بنقاء الثورة والمنحاز كلياً لقضايا الوطن وجماهير الشعب، هذه هي إحدى تجليات المهابة التي يفرضها شخص بتاريخه النبيل ، فمنذ بواكير الكفاح الوطني الفلسطيني سجل " هاني الحسن حضوره كواحد من اؤلئك الذين اجترحوا خط الثورة ،ومضوا صوب الحرية الغالية مرفوعي الهامات تتزاحم في روحهم الباسلة، قيم الانتماء الوطني ومعاني الشرف الخالدة”.
ينتمى الراحل" ابو طارق" بصورة جلية الى زمن القادة الاستثنائيين ، بكل أصالة واقتدار، وبأنه كان حاضراً كقائد سياسي من الطراز الرفيع، تمتع بحس يقظ ورؤية ناقدة، وعقلية تحليلية، وقدرة على ربط الأحداث وصولًا لاستنتاجات، ورؤية صائبة للعديد من القضايا، يقف الوطن في المقدمة منها ، كان رحمه الله يقول كلمته دون مواربة ، ولا يخشى في قول الحق لومة لائم، طالما تجلت إرادته القوية في اوقات المحن والشدائد، وفي تلك اللحظات التي تتطلب الشجاعة وصلابة الموقف".
حقا وبعد كل هذه السنين ما زلنا نشعر بالحزن العميق برحيله في زمن ما احوجنا الى امثاله من الرجال الغر الميامين الذين يتمتعون بالحكمة والشجاعة، والرصانة والبصيرة ، والوطنية الخالصة، وخاصة في هذا الوقت العصيب التي تمر به قضيتنا الوطنية في ظل الانقسام اللعين، والتشتت والتشرذم، ومحاولة الكيان الصهيوني الغاصب وبدعم ومباركة امريكية وتأمر من بعض الانظمة العربية لتصفية القضية الفلسطينية من خلال السطو على ما تبقى من وطن وضم اجزاء من الضفة الغربية والاغوار.
ختاما : لقد رحل الاخ القائد هاني الحسن رحيل العظماء، لروحه العطرة الرحمة والسلام، والمجد المؤثل، ومهما قلنا او كتبتا تبقى كلماتنا عاجزة ولن تفي هذا القائد المغوار حقه لان مجده وتاريخه لا يكتب بالحروف والكلمات، وانما بمداد من الذهب واللؤلؤ! لانه بقي على الوفاء والعهد للثورة والوطن والشعب حتى النفس الاخير ، وكان مرجعيه وطنية واخلاقيه، لديه ايمان راسخ وعطاء دائم .. لاجل الانسان الفلسطيني والوطن، لا يحده زمان ولا مكان، رحل بصمت ، وغيبه الموت في لحظه وجع والم على وطن ضيعه الزمن ، واختم بما ما قاله الامام الشافعي " كان رجلاً على الأهوال جلداً... شيمته السماحة والوفاء ".
وفيما يلي بعض ملامح السيرة الذاتية للقائد هاني الحسن : ولد سنة 1938 في قرية إجزم المجاورة لحيفا لأربعة إخوة وأختين، وينحدر من عائلة فلسطينية متوسطة الحال تمتعت بولاية دينية عريقة في المدينة ، وهو شقيق خالد الحسن رحمه الله- عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية – وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، وأحد المؤسسين التاريخيين للحركة. وكان والده سعيد الحسن عضواً في المجموعات الفدائية التي شكلها الشيخ عز الدين القسام، ثم أصبح خطيباً لمسجد الاستقلال.
• سنة 1948 لجأت عائلته من فلسطين إثر المجازر الصهيونية التي رافقت قيام دولة إسرائيل على الجزء الأكبر من مساحة فلسطين. وفي أواخر الخمسينات انتقل للدراسة في ألمانيا ودرس فيها الهندسة حيث كان رئيساً للاتحاد العام لطلبة فلسطين فيها، ومن أنشط الطلبة في الدفاع عن قضيته.
• وفي ألمانيا انضم إلى حركة «فتح» ، وكان أول معتمد وأمين سر الحركة هناك، ومن أول مجموعاتها السرية في أوروبا، وتفرغ في الحركة بعد حرب حزيران 1967، ثم أصبح أول سفير فلسطيني في طهران بعد الإطاحة بشاه إيران عام 1979 وفي عمَّان في أوائل الثمانينات.
• تقلد عدة مناصب رفيعة في منظمة التحرير الفلسطينية، وفي حركة «فتح» أصبح عضواً في اللجنة المركزية لها سنة 1970، وتولى منصب المفوض السياسي العام لـ «قوات العاصفة» الجناح العسكري لحركة فتح، ونائب مفوض الجهاز الأمني المركزي ومفوض الأمن السياسي في الحركة. وعمل مستشاراً سياسياً واستراتيجياً للرئيس ياسر عرفات، ومفوضا لدائرة العلاقات الخارجية في الحركة, منذ تأسيسها وحتى عام 2003.
• كان يوصف برجل المهمات الصعبة في الحركة وأميناً لأهم أسرارها وفعالاً في رسم استراتيجياتها. ونسج علاقات واسعة النطاق مع الكثير من الرؤساء والملوك والزعماء العرب والأجانب وكان مفاوضاً بارعاً ومتمرساً في إقناع محاوريه، وحتى خصومه وصفوه بـ«المفاوض الصعب» .
• عاد الحسن إلى قطاع غزة سنة 1996 رغم أنه عارض اتفاق أوسلو(1993).
كلفة الرئيس الشهيد ياسر عرفات بقيادة مفوضية التعبئة والتنظيم منذ العام 2002- 2007، وشغل منصب وزير الداخلية في العام 2003، وكان رئيس اللجنة الفلسطينية الأردنية ورئيس اللجنة السعودية الفلسطينية.
• عرف عنه دماثة الخلق والنزاهة والمسؤولية والحرص على المصالح العليا للشعب الفلسطيني والدفاع عن الحقوق والثبات على المبادئ. ويحظى باحترام كبير في صفوف الشعب الفلسطيني وداخل حركة «فتح».