بين ورقة النقد وورقة الشيك والحكومة .. حبس المدين باطل



بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

بين ورقة النقد وورقة الشيك والحكومة 

ان ورقة النقد تكتسب قيمتها وصلاحيتها للتعامل التجاري من الضمان الحكومي لها ، سواء بغطاء ذهب او سلة عملات او ميزان تجاري .
ان حكومة اي دولة ، توقع اشد العقوبات على من ينشيء ورقة نقد بنفسه ( تزوير النقد ) ، وتصل احيانا في بعض الدول الى الاعدام ، وذلك لما فيه خطر على الاقتصاد وعلى الدولة نفسها ، لانها الضامن لقيمة ورقة النقد وملزمة بسداد قيمتها .

بالمقابل فان الحكومة ايضا قدمت ضمان لورقة الشيك بحيث يصبح له قيمة شرائية وصالح للتعامل التجاري ، وذلك بضمان عقوبة مشددة تتمثل بحبس المدين مدى العمر بموجب ٤ شيكات ، دون نقصان ما بذمته واجباره على بيع ممتلكاته بالمزاد العلني .

وبذلك اصبحت ورقة الشيك مماثلة لورقة النقد في الضمان الحكومي لها ، وبالتالي في صلاحية الورقتين للتعامل التجاري.

لكن ، ورقة النقد وحجم السيولة في السوق يتم التحكم بها بشكل صارم من قبل السلطات برفع وخفض سعر الفائدة للتحكم بمقدار السيولة في السوق ، والتي هي اساسا صادرة عن الحكومة بحجمها وفئاتها .

بالمقابل ، كمية الشيكات ككم وكقيمة ، لا يوجد لدى الحكومة اي وسيلة للتحكم فيها ، فبجرة قلم يكتب التاجر شيك بعشرات الاف الدنانير ، ياخذها المستفيد ويجيرها لغيره او يخصمها في البنك وتتحول الى سيولة وهمية في السوق.

هذه الثغرة ، مصيبة لوحدها ، كون حجم سيولة الشيكات لا توجد لدى الحكومة الية للسيطرة عليها ، ولا حتى معرفة حجمها اساسا ، مما خلق اقتصاد وهمي مشوه ، ادى الى تعثر الاف التجار والمواطنين بسببه ، كشارع عام به خطأ هندسي خفي ، يحصد كل يوم سائقا او اكثر .

والنقطة الثانية ، التي لا تجروء الحكومات على الاعتراف بها واعلانها ، ان الضمان الحكومي للشيك من خلال الحبس ، اثبت عدم جدواه واستحالة تطبيقه ، بعد تعثر عشرات الاف المواطنين ، فلا الحبس ردع ومنع من اصدار شيك بلا رصيد ، ولا الحكومة قادرة على حبس كل من رجعت شيكاته ، نظرا للاعداد المهولة للمطلوبين على خلفية القضايا المالية عموما والشيكات خصوصا .

هنا ومع ازدياد الجدل حول قانون منع حبس المدين ، الذي يعارضه بشدة الدائنين ، نظرا لتخوفهم من ضياع حقوقهم المالية حال اقراره ، وجب على الحكومة ان تتحلى بالشجاعة الادبية وان تعترف بمسؤوليتها الاساسية في خلق هذه الازمة ، وان تتدخل وتقدم للدائنين بدائل وضمانات لاسترداد حقوقهم ، بدل ضمانة الحبس التي تعهدت بها الحكومة وفشلت في الغاية المطلوبة منها .

ان من حق الدائنين الان ، ان تكون الحكومة كفيلة للمدين ، وان تقوم بانشاء صندوق حكومي لسداد قيمة الشيكات التي ثبت تعثر اصحابها ، وتتولى الحكومة تحصيل قيمتها من المدينين لاحقا عن عودتهم للانتاجية سواء في الوظيفة او التجارة .

والله الموفق 
حبس المدين باطل
حق الدائن مكفول

بيان حسن