الدولة والإخوان

فارس حباشنة —الاخوان المسلمين نشروا وثيقة عمرها حوالي 80 عام وتحديدا لحكومة توفيق ابو الهدى تشير الى قانونية تأسيس الجماعة. 
الاخوان صامتون حتى الان ما عدا الوثيقة المشار اليها. فماذا ينتظرون ؟ وهل ستكون النهاية السياسية لجماعة الاخوان من بوابة القضاء ام يضمر الاخوان موقفا واوراقا اخرى للمناورة لم يوظفوها ويستغلوها في معركتهم؟
السؤال عن الشرعية القانونية لجماعة الاخوان ليس جديدا. فالمعركة حول قانونية الاخوان دخلت اشتباكات عديدة، وفي فصول قضائية سابقة فان القضاء الاردني اصدر حكما باعادة اموال جمعية المركز الاسلامي الى الجماعة، وما فسر بانه خطوة لاعادة انتاج تصالح ودفء في العلاقة بين الدولة والاخوان.
الاختبار الجديد في العلاقة.ماذا قد يليه، وما الخطوة التالية ؟ وماذا تريد الدولة القول؟ وهل يمكن ان ينظر اليه في ضوء التطورات والمتغيرات الاقليمية والدولية العاصفة، وتموضع تنظيم الاخوان منها ؟ 
ولماذا يتمسك الاخوان بالارث التنظيمي «الجماعة « ؟ لماذا لا ينتقلون الى العمل السياسي الشرعي على صعيد حزب جبهة العمل الاسلامي، وهو حزب سياسي مرخص وقانوني، ومسجل لدى وزارة الشؤون السياسية، ويتلقى سنويا تبرعا ماليا لا يقل عن 40 الف دينار؟
الجيل الثاني والثالث من الاخوان اكثر ابتعادا عن تنظيم الجماعة. ولربما ان الحزب لم يستطع ان يهضمهم ويستوعبهم لان ادبيات الاسلام السياسي في الاردن لم تخضع لمراجعة نقدية وفكرية. وما زال هناك تمرتس حول ادبيات اكل الدهر عليها وشرب. 
فعقدة الانفتاح والتعددية والاخر، والحوار مازالت تابوهات عالقة في العقل السياسي الاسلامي. وحتى تفريخات المنشقة عن التنظيم الجماعة الام من احزاب اسلامية وسطية وغيرها فشلت ان تكون بديلا او بديلا منافسا للاخوان. 
فما هدف الاخوان من الدفاع عن بقاء تنظيم الجماعة ؟ الاخوان المسلمين احوالهم لا يحسدون عليها. في الملف الانتخابي النيابي المرتقب ينحو تيار اخواني نحو ترشيح اسماء جديدة من العلب السوداء، والابتعاد عن المقاربات التقليدية، ويصعد اسماء لقياديين مصنفين في القوائم المحظورة لدى الجهات الرسمية، ومن غير المرحب ومرغوب ترشحهم. 
التنظم المحظور، هو من يقرر المشاركة بالانتخابات من عدمها، والتنظيم من يقرر مرشحي الاخوان وتحالفاتهم، وان ظهرت في الاونة الاخيرة العاب سياسية لالوان وتحالفات وتشكيلات سياسية جديدة الا ان القرار ياتي من القلب السري العميق للتنظيم الاخواني. 
حسابات الدولة اتجاه الاخوان ليست محصورة في الجماعة والمركز الاسلامي، والانتخابات البلدية والنيابية. فكلاهما يقفان على مسافة فارقة قبل ان يصلا الى النقطة صفر، وسياسيا تسمى تلك المسافة الحرجة والمتوترة، بمسافة المناورة.
وما لا يغفل اردنيا، ثمة توتر في ملف نقابة المعلمين. وكل الاتهامات المعلنة لم يفلت منها الاخوان المسلمين واصحابهم. والازمة الاخيرة للمعلمين فرغت جوا مشحونا ومتوترا بين النقابة والدولة على اكثر من صعيد، ومن المرجح ان تتصاعد الازمة في غضون الاشهر المقبلة مع بدء العام الدراسي، وعودة النقابة لتكرار سردية المظلومية والحق المسلوب، والتهميش،و الاستهداف.
وكما ان كل ذلك ياتي في سياق مناخ عام مشحون بتداعيات كورونا الاقتصادية والمعيشية. والاستحقاق غير المقرر لانتخابات نيابية، واعادة ترتيب الخريطة السياسية في ضوء ما تقوم به الدولة من معركة طاحنة مع قوى ومراكز نفوذ للفساد السياسي. 
لا جواب وافيا. ولكن هذه بعض من الملاحظات طرحتها في سياق اعادة قراءة وتفيكك القرار، والعلاقة بين الدولة والاخوان. ولربما بعضها واضح لاصغر مهتم في السياسة.