مهام الانفكاك عن الاحتلال وبناء الاقتصاد الفلسطيني

بقلم  :  سري القدوة

الواقع الناتج عن الغاء اتفاقيات اوسلو بما فيها اتفاقيات باريس الاقتصادية يدفع الحكومة الفلسطينية الى الاسراع للبحث عن بدائل عاجلة وسريعة حتى تتمكن من مواصلة دفع رواتب الموظفين والمتقاعدين والأسرى والشهداء والالتزامات المالية الاخرى بما فيها السفارات والمؤسسات الفلسطينية وخاصة في المخيمات الفلسطينية كون ان الازمة المالية الخانقة عادت من جديد بعد رفض القيادة الفلسطينية سحب اموال المقاصة، وهذا امر طبيعي وموقف مهم ولكن لا بد من ترتيب الامور بما يتناسب مع الواقع الجديد وضرورة التحلل من ماضي اوسلو والبحث عن شكل وطبيعة الاقتصاد الفلسطيني والتوقف الفوري عن استيراد البترول من قبل سلطات الاحتلال والتي تحصد نسبة اكثر من نصف عائدات الضرائب المسماه في المقاصة ووضع مخطط استراتيجي لشرائه من قبل الاسواق العربية وتوفيره بشكل عاجل وهذا حق طبيعي للحكومة الفلسطينية ان تقوم بشراء ما يلزم بعيدا عن اتفاقيات تم انهاء العمل بها ويجب عدم ترك هذا الملف للصدفة او المصادفة والعمل على تقديم الحلول الممكنة لمعالجة الاثار المترتبة عن هذه القرارات.
ان امام القيادة الفلسطينية فرصة كبيرة لإعادة ترتيب آليات الاقتصاد الفلسطيني ليعتمد على السوق المحلية تمهيدا للانفكاك الشامل ووقف الاعتماد على الاحتلال وإيجاد آليات عمل ووضع حد للتدخل والتحكم الاسرائيلي في الاقتصاد الفلسطيني وضرورة الاستفادة من الموارد البشرية والإمكانيات الفلسطينية وتشجيع الصناعة وقطاع الزراعة والاعتماد على الاستيراد من الدول العربية بشكل مباشر بعد ان تم انهاء العمل باتفاقيات اسلو وهذا الامر يتطلب الاعتماد الكلي على الإنتاج الفلسطيني وتشجيع السوق المحلي والمنتج الوطني بدلا من الاستيراد الخارجي وتغيير النمط التقليدي للسوق الفلسطينية.
ان الأزمة الاقتصادية تفاقمت ايضا بفعل الوباء حيث أوقفت دورة الإنتاج ليس لدى دولة فلسطين فحسب بل على المستوى الدولي وعلى الصعيد الفلسطيني كان لوباء كورونا الاثار الواضحة والتي ساهمت في خفّض حجم الاستيراد والتصدير إلى مستويات غير مسبوقة وأدت إلى انخفاض إيرادات الحكومة الفلسطينية إلى أكثر من 70 في المائة وهو ما دفعها إلى تبني موازنة طوارئ متقشفة مع توقعات بتراجع المساعدات الخارجية.
فى ظل استمرار ازمة الوباء التاجي تواجه الحكومة الفلسطينية اولويات العمل في المرحلة المقبلة والتي تحتم عليها تسخير كل الامكانيات المتاحة لديها والعمل على ان تكون أولويات سياستها المالية لتوفير احتياجات الرواتب التي تشكل ركيزة اساسية لدوران الدورة الاقتصادية والعمل على توفير ما يلزم للإنفاق المالي لمواجه الوباء التاجي ومحاربته وضرورة الحفاظ على القطاع الصحي وصموده ودعمه وتعزيز امكانياته من معدات وأجهزة خاصة بالفحوصات الطبية والعمل على توفير الدعم للفقراء ومساعدتهم على تخطي هذه الفترة بالإضافة لدعم قطاع التعليم الالكتروني .
ولمواجهة هذه الأزمة فلا بد من تحرك القطاع الخاص ورجال الاعمال ودعم الموازنة الفلسطينية وتوفير مقومات الصمود من قبل مؤسسات القطاع الخاص مثل البنوك وشركات الاتصالات والكهرباء والعمل من قبل الحكومة على حث الدول المانحة والبنك الدولي والبنك الإسلامي للتنمية وجامعة الدول والمؤسسات المالية العربية على إعادة تحريك عجلة الاقتصاد لخلق فرص عمل وإنعاش قطاع الإنتاج لضمان صمود الشعب الفلسطيني ومواجهته لصفقة القرن الامريكية وتعزيز آليات العمل الوطني ومواجهة سياسة الاستيطان والتوسع الاسرائيلي وخاصة في القدس وبيت لحم والخليل حيث تحتاج هذه المناطق الى توجيه ودعم صمود المواطنين في القرى والمناطق المهددة بالمصادرة والضم.



سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
infoalsbah@gmail.com