التعليم المهني في الأردن إلى أين؟
كانت قد دعت الورقة النقاشية السابعة لجلالة الملك إلى بناء قدراتنا البشرية وتطوير العملية التعليمية كجوهر لنهضة الأمة وكسبيلٍ لمستقبلٍ زاهر، وللعلم يَحكم هذا القطاع وتبعاته (9) قوانين ومَرّ (هذا القطاع) بقرابة (7) إستراتيجيات لتطويره، فهل حققت الحكومات المعنية مُرادها بالخصوص؟! وهل فهمت الحكومات المتعاقبة وهذه الحكومة بأن دورها في هذا المجال لن يكون إلا مشرفاً متابعاً لما يجري في سوق العمل لرسم السياسات المطلوبة وتذليل العوائق فقط؛ لا أن تكون المنفّذ للبرامج التدريبية والمهنية والتقنية لقيادة سوق العمل؟ كلها أسئلة تقدودنا إلى البحث عن إجابة مفقودة ابتدؤها بإلى أين؟
وللإجابة على هذه التساؤلات فقد أَضْعَفت محليا –وللأسف- مُخرجات هذه القوانين والإستراتيجيات، بسبب ضيق أفق المفكّر الحكومي، من خلال تكريس النظرة السلبية نحو هذا القطاع بطرق تبدو بأنها غير مقصودة، وعزز ذلك سَنّ تشريعات قلّصت من فرص تشغيل خريجيه، فهل يعلم صاحب القرار بأن نسب الملتحقين بالتعليم المهني قد انخفضت بحوالي 10% في عام 2018 نسبة للعام المرجعي 2000، فلا يخفى على أحد بأننا قد أصبحنا بالغالب نعاني (ضنك العيش)، وهناك إتساع واضح في الفجوة الطبقية المجتمعية، مما يدعو للبحث مليا في جدوى التعليم المهني وإعادة النظر في التخصصات المرجوة منه، وضرورة الإستماع إلى وجهات نظر أصحاب العمل بمخرجات هذا البرامج كتغذية راجعة.
محليا أيضا؛ فقد إزدادت نسب البطالة المعلنة وغير المعلنة، وأصبحت معدلات البطالة بين فئة الشباب بين سن (20-24) سنة تصل إلى قرابة 45%، مما يستدعي أهمية إعادة النظر بتفعيل مؤسسة التدريب المهني والجامعات، كجامعة الحسين التقنية وجامعة البلقاء التطبيقية وغيرها؛ (كنُواة) عمل لتخريج من هم في أمس الحاجة لهم في سوق العمل خدمة للتنمية، ولعدم الإنتظار والإكتظاظ دون عمل، في ظل إشباع وركود في معظم التخصصات التعليمية.
لقد أصبح مهما إحداث نقلة نوعية في مجال تحفيز التعليم والتدريب المهني ضمن آلية لوضع أهداف ومؤشرات واقعية مرسومة بعناية، وضرورة أن تكون العمالة الأردنية ضمن المستويات المطلوبة لسوق العمل، أما على (الصعيد الخارجي) فتبرز التحديات الإقتصادية الجمة؛ إذ كيف سنبحث (فرص تغيير) أسس التعاون الدولي في كافة الصعد ومنها تحفيز وتمويل برامج التعليم المهني والتقني؟ وما هو دور الإتحاد الأوروبي (EU) والإتحاد من أجل المتوسط (UFM) لدولة مثل الأردن مثلا في إثراء وتحفيز التعليم التقني كحل لسوق العمل؟ وفي موضوع الإقتصاد الشمولي؛ كيف سنبحث عن مانحين جدد (Donors) ولجدولة ما علينا من قروض؟ كيف سنفعل آليات مبادلة الدين العام للمملكة بمنح وقروض ميسرة؟ ماهي آلية وطرق تعظيم (الدعم النقدي المباشر) من المانحين للخزينة (Budget Support) وغيرها، والتي تصب جميع مخرجاتها في إحداث نقلة نوعية لمجابهة كافة التحديات ومنها فتح أسواق العمل لخريجي البرامج المهنية والتقنية.
حقيقة... لقد شهدنا محليا –وللأسف- عدة (إخفاقات إقتصادية) متتالية خلال السنوات السابقة؛ فهل سننتظر حتى تتفاقم مثلا؟ وهل حددنا ماهو الجهد المطلوب لتجاوز هذه الأزمة؟ وهل سنتحمل إهدار المزيد من الفرص الضائعة؟ جميعها أسئلة مشروعة نتمنى سرعة الإستجابة لها بالعلم والدراية..