الهاشمي الذي بنى دولة الإسلام
أحمد الحوراني -نحتفل اليوم بذكرى الهجرة النبوية الشريفة، ذلك الحدث الإسلامي التاريخي العظيم، وتلك المناسبة التي شكلت مرحلة هامة وحاسمة في تاريخ الإنسانية وأعلنت ميلاد عهد جديد عنوانه تحرير النفوس من أمراض الجهالة إلى نور العلم والإيمان في ظل قيم المحبة والتسامح بين كافة أفراد المجتمع، كما أنها تمثل منهج حياة وعقيدة إلى قيام الساعة. نحتفي بهجرة النبي العربي الهاشمي محمد مستذكرين كفاحه في سبيل الانتصار للحق، وكيف كانت حادثة الهجرة انتقالا بالدعوة إلى آفاق واسعة، والى تربة صالحة لتنمو فيها الدعوة الإسلامية وتنتشر، وتبث هدايتها إلى الناس في مشارق الأرض ومغاربها حتى تعلو كلمة االله، ما يعني أنها كانت انتصاراً ولم تكن اندحارا ولا فراراً من الموت أو طلباً للنجاة بالجسد، وإنما كانت انتقالاً بالعقيدة إلى وطن آخر يأمن فيه الناس على دينهم. بنى النبي محمد دولة الإسلام وشيّد أركانها على قواعد العدالة والمساواة وبث روح المحبة والتسامح بين أبناء المجتمع، وآخى بين المهاجرين والأنصار، تلك الخطوة التي تجلت فيها أجمل معاني الأخوة والإنسانية وتقبل الآخر واحترام سائر الديانات السماوية، فأشاع في النفوس الطمأنينة وبث فيها الأمن والأمان وآمن الناس على أرواحهم وممتلكاتهم في ظل دول راقية تحترم العهود والمواثيق وتنبذ العنف والتطرف وتنكر التقوقع والتقزم وتنطلق إلى آفاق واسعة هدفها إعلاء البناء وتمتين أركانه وتعظيم الإيجابيات ومعالجة مواطن الخلل. بنى النبي محمد دولة الإسلام مستنداً إلى مبادئ إنسانية كرّسها في منهجه الواقعي، فكان الإنسان قبل أن يكون نبياً، وكان المثل والنموذج والقدوة في كل عمل قام به او أمر طلب من المسلمين إتباعه، وكان ذو قلب رحيم عطوف ولم يكن فضاً فيتفرق الناس من حوله، وعلم الناس أن الأخلاق هي أسمى ما يمكن أن يمتلكه الإنسان، وبتلك القيمة أسلم معه الكثير من أتباع الديانات طواعية» لكم دينكم ولي دين». إن للمملكة الأردنية الهاشمية علاقة من نوع خاص مع حدث الهجرة النبوية، ذلك أن هذا الثرى الذي لامس أقدام محمد وسار على اديمة الأطهار من الصحابة أمثال عمر وخالد وأبو عبيده وشرحبيل، قد شرفه االله بوجود أسرة عربية هاشمية اختصها لحمل لواء ومسؤولية قيادة الأمة والنهوض بها ورعاية شؤونها، ولئن انبرت قيادتنا