ارتفاع معدل العنف الأسري في العالم العربي
عطلت جائحة كورونا كل الخطط والعديد من المكاسب التي تحققت بشق الأنفس في العقدين الماضيين حيث واجهت النساء والفتيات صعوبات حادة، بما في ذلك ارتفاع معدلات الفقر، وزيادة أعباء الرعاية، وزيادة التعرض للعنف، ومن المتوقع أيضا أن يزداد زواج الأطفال.
وكشف تقرير نشرته منظمة الأمم المتحدة للمرأة أن وباء كورونا والحجر الذي رافقه أدى إلى ارتفاع معدلات العنف ضد المرأة في المنطقة العربية.
وأجرى المكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية مسحًا عبر الإنترنت في مصر والعراق والأردن ولبنان وليبيا والمغرب وفلسطين وتونس واليمن، شارك فيه أكثر من 16 ألف شخصا من الجنسين، مع التركيز على أدوارهم والمواقف والممارسات المتعلقة بالعنف ضد الإناث أثناء الوباء والحجر.
وبحسب الدراسة، فإن نصف المشاركات في الدراسة تعرضن للعنف من أزواجهن أثناء الوباء، وأن أقل من 40٪ منهن طلبن المساعدة أو أبلغن عن الجريمة، كما يعتقد واحد من كل ثلاثة مشاركين (رجالًا ونساءً) أنه يجب على النساء تحمل العنف أثناء الجائحة للحفاظ على التماسك الأسري.
وكان تقرير لمنظمة الصحة العالمية أفاد أن الإقليم يأتي في المرتبة الثانية على مستوى العالم من حيث انتشار العنف ضد المرأة (37%)، وأن هناك زيادةً في حالات العنف خلال الجائحة بنسبة تتراوح من 50% إلى 60% بناءً على مكالمات الاستغاثة التي تُجريها النساء عبر الخطوط الساخنة لمنظمات المرأة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، إن النساء والفتيات يجب أن يكونوا أكثر أمانًا في منازلهم، وأضاف "إننا نعلم أن أوامر عدم الخروج والحجر الصحي ضروريان لكبح جماح كوفيد-19. ولكن في ظل هذه الظروف، تجد النساء أنفسهن حبيسات المنازل مع شركاء مسيئين".
وحث جميع الحكومات على جعل منع العنف ضد المرأة وتعويضه جزءًا رئيسيًا من خطط الاستجابة الوطنية، ودعمت أكثر من 140 حكومة هذا النداء.
كما أكدت العديد من الدراسات واستطلاعات الرأي أن تفشي كورونا في المجتمعات العربية أدى إلى زيادة العنف المنزلي وارتفاع نسب الطلاق والعنف اللفظي وعلى وسائل التواصل الاجتماعي.
هشاشة القوانين من جانبها، قالت بشرى العبيدي، الخبيرة القانونية وعضو المجموعة الاستشارية النسائية لممثل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في العراق، إن القيود المفروضة على حرية التنقل والعمل الناتجة عن فيروس كورونا تؤثر على سلوك الناس.
وأوضحت في تصريحات لصحيفة جيروزالم بوست، أنه "نتيجة للضغوط النفسية والاقتصادية التي صاحبت الوباء وأثرت على أفراد الأسرة، فإن المواقف المعتادة التي كان يتم التغلب عليها قبل جائحة فيروس كورونا تثير العنف بين أفراد الأسرة".
وأشارت إلى أن هذا الغضب عادة ما يكون له عواقب أكبر على الطرف الأضعف، أي النساء والأطفال. وهكذا أصبحت الزوجات والأطفال هدفا للرجل للتعبير عن غضبه.
وقالت العبيدي إن "القفزة في العنف ضد المرأة كشفت هشاشة القوانين والإجراءات، وضعف الإرادة السياسية لحل قضية العنف الأسري والعنف ضد المرأة"، وتابعت "للأسف، القوانين تشجع على العنف، خاصة من قبل الرجال ضد النساء".
بينما ذكرت أماني الطويل، محامية ومديرة برنامج المرأة في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة، أن الوباء يضع ضغوطا إضافية على الأسر في مصر، مما يؤدي إلى زيادة العنف ضد المرأة.
ثقافة الذكور وأوضحت أن جميع أفراد الأسرة رزحوا تحت ضغوط هائلة، ويرجع ذلك أساسًا إلى حبسهم معًا في نفس المكان لفترات طويلة من الوقت، بالإضافة إلى الضغط الناتج عن تحويل التعليم إلى التعلم عبر الإنترنت، وخاصة للأطفال الذين يحتاجون إلى أنشطة اجتماعية.
وقالت إن هذا يؤدي إلى احتكاك دائم بين أفراد الأسرة مما يزيد العبء على النساء. وهذا يضعهن في حالة نفسية مضطربة مما يؤثر على علاقات المرأة مع شركائها.
من جانبها أرجعت ديانا مقلد، الكاتبة والإعلامية اللبنانية البارزة، هذه الظاهرة إلى الجانب الاجتماعي وثقافة الذكور، فضلًا عن مكانة الرجل في المجتمع الذي لا يوازي مكانة المرأة.
وقالت: "النظام القانوني يهمش النساء ويضعهن في مستوى أدنى من حيث الحقوق. في لبنان، لدينا قوانين الأحوال الدينية والمذهبية، بالإضافة إلى قوانين الأحوال الشخصية، والتي بموجبها يتم تكريس وضع المرأة الهامشي". وأشارت إلى أن لبنان، مثل العديد من الدول العربية، لا يزال يسمح بزواج القاصرات وتعدد الزوجات لبعض الطوائف.