الرئيس التونسي يوظف التاريخ في “معركته” ضد المشيشي.. وسياسيون: زمن الخلفاء ولّى!

تونس- "القدس العربي”: "أحمل هذا الكتاب- الساعة- إلى صاحب البريد”، بهذه الكلمات خاطب الرئيس التونسي قيس سعيّد مدير المراسم، في شريط فيديو نشرته صفحة الرئاسة لفترة قصيرة قبل أن تزيله، بعدما أثار جدلا واسعا في البلاد.

ويظهر سعيد في شريط فيديو قصير وهو يكتب بخط يده رسالة موجهة إلى رئيس الحكومة، هشام المشيشي، قبل أن يسلم الرسالة الملفوفة بشريط أحمر إلى مدير التشريفات (المراسم).

وأثار الفيديو جدلا واسعا لدى الطبقة السياسية في تونس، حيث انتقد البعض إصرار الرئيس على التشبه بالخلفاء الراشدين، وخاصة أنه أعلن في أكثر من مناسبة أنه يقتدي بالخليفة عمر بن الخطاب للقضاء على الفقر في تونس، فضلا عن استعانته دوما بحكَم وأشعار قديمة في خطاباته السياسية.

وحاول النائب مبروك كرشيد تقليد طريقة سعيد في خط رسالة سياسية توجه بها للأخير، ودعاه فيها إلى تجاوز خلافاته مع المشيشي، والجلوس معه على طاولة واحدة من أجل مصلحة البلاد، حيث خاطبه قائلا "اجلس معه وخذ بيده فإنكما الى بعضكما أقرب، ولن ينفعك شنآنك شيئا فالسياسة تدبير وعبرتها كالحياة بخواتمها، ولن يكتب التاريخ عنك التفاصيل بل سيذكر منجزاتك. واعلم أن حزامك ليس أفضل من حزامه أو أمتن بعد أن انتسب إلى قبيلة تجيد فنون الخديعة والسعي بين الأخوة والأقارب، فلا تترك لهم سبيلا واعدم حجتهم وأطفئ جمرتهم”.

وقال النائب عن حزب قلب تونس، فؤاد ثامر، إن طريق رد سعيد على التعديل الوزاري الذي أعلن عنه المشيشي "غير لائقة وتذكر بالعصور الجاهلية، وقد رجع بنا إلى ما قبل ثلاثة آلاف سنة حضارة عاشتها تونس”، مشيرا إلى أن إعفاء المشيشي لعدد من الوزراء هو خطوة إيجابية.

ودوّن سعيد العايدي، الوزير السابق ورئيس حزب بني وطني، على صفحته في موقع فيسبوك "بعد ما شهدت مقطع الرسالة والمرسول من القصر المكنون وعلمت أن صاحبها هو الأول في استطلاعات الرأي وثقة التونسيين، أقول لكم هنيئا لكم فأنتم تريدون. فبعد عشر سنين أطبق فيهم بني الأزرق بن اخوان على صدوركم، وتصدّر فيها كثير من بني رهدان بن سرقان في أعلى المناصب والبرلمان”.

وأضاف "ها هو اليوم يلتحق فلتة بن حكمان ليشبع بطون اطفالكم الجائعة نثرا وحكما ويلقنكم فنون حرب القانون الدستوري الأصم في معركة الريح والنويح. فهنيئا لكم. اخلقة الحياة السياسية تبدأ بالكدّ والعمل، بالعلم والفعل بعيدا عن السفسطة”.

وقال إياد الدهماني، الناطق باسم الحكومة السابقة، إن الطريقة الغريبة التي يتبعها الرئيس قيس سعيد للتواصل مع التونسيين مستوحاة من الموروث الحضاري والتاريخي ومن الخلفاء الراشدين، مشيرا إلى أن الرئيس "يسعى لتجسيد صورة أمير المؤمنين وقد نجح في ذلك”، لكنه قال إن مبالغة سعيد في استحضار الموروث التاريخي أثارت "سخرية” عدد كبير من التونسيين.

وكان الرئيس قيس سعيد أكد في مناسبات عدة أنه يقتدي بالخليفة الراشدي عمر بن الخطاب، ويسعى لمحاربة الفقر ومساعدة المحتاجين، وهو ما دفعه للقيام بزيارات "سرية” لعدد من الأحياء الشعبية في البلاد، فضلا عن مشاركته في توزيع المساعدات الغذائية على العائلات المتضررة من فيروس كورونا.