اليمن: التصعيد الحوثي على مأرب المعركة الفاصلة للحيلولة دون الدخول في مفاوضات سلام

تعز-»القدس العربي»: ذكر مصدر سياسي يمني أن التصعيد العسكري الحوثي غير المسبوق على مدينة مأرب، منذ الأسبوع الأول من الشهر الجاري، واستماتتهم في السيطرة عليها يعطي انطباعا واضحا بأنهم يخوضون معركة كسر العظم للسيطرة على ما تبقى من المحافظات الشمالية، تفاديا لعدم الدخول في أي مفاوضات سلام وليس مجرد تحسين أوراقهم التفاوضية كما يردد البعض.
وقال لـ»القدس العربي» إن «الضخ الحوثي الهائل من مقاتليه إلى مأرب رغم سقوط أعداد كبيرة منهم يوميا والاستتماتة الحوثية الهائلة في اقتحام مدينة مأرب والسيطرة عليها يعطي مؤشرا بأنهم يخوضون معركتهم الأخيرة والتي استعدوا لها منذ وقت طويل واستنفدوا لها كل طاقتهم البشرية والتقنية».
وأوضح أن «التحرك العسكري الحوثي الكبير نحو السيطرة على مدينة مأرب بالتزامن مع التحرك الدبلوماسي الدولي الواسع لفرض الوقف الشامل والنهائي للحرب في اليمن يكشف ان الحوثيين لا يرغبون الدخول في مفاوضات سلام قريبا حتى يسيطرون على محافظة مأرب بالكامل، ليس فقط للسيطرة على منابع النفط والمنشآت النفطية فيها ولكن أيضا للسيطرة على ما تبقى من المحافظات اليمنية».
مشيرا إلى أن محافظة مأرب، رغم انها كانت هامشية في السابق، لكن كونها المعقل الرئيسي للثروة والمنشآت النفطية اليمنية، وإثر سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وأغلب المحافظات الشمالية الأخرى فيما يسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي على العديد من المحافظات الرئيسية في الجنوب، أصبحت المدينة الرمز الأبرز والأهم لحضور الدولة والحكومة الشرعية، وسقوطها في أيدي الحوثيين يعني سقوط رمزية الدولة وبالتالي سيقطع الطريق أمام أي مفاوضات سلام يسعى المجتمع الدولي إلى فرضها على الأطراف المتحاربة في اليمن.
وكانت هذه التصعيدات العسكرية الحوثية على مدينة مأرب تزامنت مع مساعي الإدارة الأمريكية الجديدة لوقف الحرب في اليمن عبر الضغط على مختلف الأطراف المحلية والإقليمية المرتبطة بهذه الحرب وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية، التي أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدين وقف بيع الأسلحة إلى السعودية للحيلولة دون استخدامها في الحرب اليمنية.
وقالت الخارجية الأمريكية نهاية الأسبوع المنصرم إن الولايات المتحدة تحث الحوثيين على وقف تقدمهم نحو مأرب ووقف جميع العمليات العسكرية والتحول إلى المفاوضات. وأوضحت في بيان لها ان «اعتداء الحوثيين على مأرب هو عمل جماعة غير ملتزمة بالسلام أو بإنهاء الحرب التي ابتلي بها الشعب اليمني».
وأضافت «إذا كان الحوثيون جادين في التوصل إلى حل سياسي تفاوضي، فيجب عليهم وقف جميع عمليات التقدم العسكري والامتناع عن الأعمال الأخرى المزعزعة للاستقرار والمميتة، بما في ذلك الهجمات عبر الحدود على المملكة العربية السعودية». مشددا على أنه «يجب عليهم الالتزام بالمشاركة البناءة في العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة».
وكان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث قال في احاطته الشهرية أمام مجلس الأمن الخميس ان الوضع العسكري في اليمن «دخل منحى تصعيدياً خطيراً» ووصف التصعيد العسكري الحوثي على مأرب بـ»الأكثر توتراً» منذ توليه مهامه في اليمن مطلع العام 2018.
وأوضح غريفيث ان «الاعتداء على مأرب يجب أن يتوقف، فهو يعرض ملايين من المدنيين للخطر». مشيرا إلى أن تصعيد الحوثيين «والسعي لكسب المناطق بالقوة تهديد لعملية السلام ويعرض حياة النازحين لمزيد من المخاطر».
ودعا غريفيث أطراف النزاع في اليمن إلى اغتنام الزخم الدولي المتجدد لإيجاد حل سلمي للصراع المسلح في اليمن وإعادة فتح المجال لحل تفاوضي شامل.
وأطلع غريفيث مجلس الأمن، على مجريات المباحثات الجارية حاليا في العاصمة الأردنية عمان بشأن تبادل الأسرى والمعتقلين بين وفدي الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي، والتي تعقدت كثيرا مع إزالة تصنيف الإدارة الأمريكية لجماعة الحوثي كمنظمة إرهابية، حيث شعر الوفد الحوثي بالانتصار والاستقواء بهذه المستجدات الدبلوماسية على الوفد الحكومي المفاوض.
وطالب غريفيث في إحاطته بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المرضى والجرحى وكبار السن والأطفال المحتجزين لدى أطراف النزاع اليمني، وجميع المدنيين المحتجزين تعسفيا، وفي مقدمتهم النساء والصحافيين.
وعلمت «القدس العربي» من مصدر في الوفد الحكومي المفاوض لمباحثات تبادل الأسرى مع الحوثيين أن «مشاورات تبادل الأسرى في طريقها إلى الفشل ان لم نقل انها قد فشلت فعلا». وأرجع أسباب هذه التوقعات بالفشل إلى «المتغيرات الدولية من رفع التصنيف إلى حظر بيع السلاح للسعودية والإمارات إلى تصريحات الإدارة الأمريكية بان الحل الوحيد للقضية اليمنية هو الحل السياسي، بما معناه فشل استعادة الشرعية بموازين عسكرية…. الخ».
وأوضح أن هذه المستجدات أسهمت في «تعنت الجانب الحوثي وكان مرنا في البداية قبل التطورات السابقة وقبل معركة مأرب». واستدل على ذلك برفض وفد جماعة الحوثي الحديث عن الإفراج عن الصحافيين الاربعة المحتجزين في معتقلات الحوثي والصادر ضدهم قرار حوثي بالإعدام وكذا الإفراج عن عدد من أساتذة الجامعات والناشطين المدنيين الذين قدموهم لمحاكم ميليشياتهم ولو بنسبة عشرة في المئة من قائمة التبادل.
وكشف ان الوفد الحوثي يسعى حاليا إلى إضاعة الوقت فقط في هذه المباحثات وانهم يؤكدوا «انهم سيدخلون مأرب ويأخذون الأسرى بعد إسقاطها حتى لو كلفهم ذلك عشرين ألف قتيل أو أكثر». وتوقع ان ترفع مشاورات تبادل الأسرى بين الجانب الحكومي والحوثي لأجل غير مسمى عما قريب.