الهيكلة الأردنية: تقاعد “جنرالات” وتقليص مديريات.. وبعد “ماكنتوش”: إف بي آي أم “شين بيت”؟

لندن- "القدس العربي”:

 منذ أكثر من عام وضعت في الأدراج وعبر المستشار السابق البريطاني للحكومة الأردنية واسمه الجنرال "إلكس ماكنتوش” الخطط الأولية تحت عنوان إعادة الهيكلة في المؤسسات الأمنية.

 

على صعيد الأمن الداخلي نجحت خطة إعادة الهيكلة بشكل كبير عندما تقرر وأنجز مشروع الدمج الأمني الثلاثي حيث اندمجت 3 مؤسسات مع بعضها البعض بقيادة جنرال واحد، وهي الأمن العام وقوات الدرك والدفاع المدني.

 

 وقبل ذلك ساهم ماكنتوش وهو أردني بريطاني يعرفه كبار المسؤولين وتقاعد الآن ويعمل في القطاع الخاص بالمشاورات المتعلقة بإعادة هيكلة القوات المسلحة وهو مشروع أنجز أيضا وبدرجة عالية من الكفاءة والمهنية وبدون أضرار جانبية.

 

وبالإعلان عن إعادة هيكلة دائرة المخابرات العامة مؤخرا وبرسالة ملكية علنية وبوتيرة أسرع بدأت الخطوات وسريعا بوضوح بعد رسالة شهيرة من الملك عبد الله الثاني للجنرال أحمد حسني.

 واعتبارا من مساء الأحد، اتخذت قرارات وإجراءات سريعة كان قوامها "تصغير” حجم مديريات أمنية كبيرة وإحالة 5 جنرالات كبار إلى التقاعد مع مساعدين لهم ضمن وجبة إحالات على التقاعد تؤكد مصادر دبلوماسية بريطانية على صلة بالمشاورات بأنها ستكون أولية وستعقبها تغييرات أخرى.

 

بين المحالين على التقاعد في قرارات إدارية سريعة من كبار المسؤولين الأمنيين في الأردن مسؤول مباشر عن طاقم يتولى الاستثمار والشأن الاقتصادي وجنرال آخر مسؤول عن المساهمة بمكافحة الفساد وثالث له علاقة بالمسار الإداري فقط ورابع مختص بالشؤون الأمنية الفنية وخامس بالعمليات.

 

هذه المناقلات في خطط التحول الأمني الأوسع مرسومة بمقدار دقيق ومهني على حد الأوامر المباشرة في الرسالة الملكية وستؤدي أو قد تؤدي إلى تحويل العديد من الأطقم المختصة إلى العمل الاستخباري فقط وتزويد دوائر صناعة القرار بالمعلومات ليس أكثر.

 

وستؤدي أيضا إلى تقليص حجم مديريات أمنية مهمة.

في حال التتبع لحزمة إحالات التقاعد ولنصوص الرسالة الملكية العلنية يمكن القول بأن آليات العمل تغيرت أو يفترض أن تتغير في مجالات محددة

وفي حال التتبع لحزمة إحالات التقاعد ولنصوص الرسالة الملكية العلنية يمكن القول بأن آليات العمل تغيرت أو يفترض أن تتغير في مجالات محددة هي على الأرجح تراخيص ومتابعة ومراقبة الاستثمارات وعمليات مكافحة الفساد والجوانب الإدارية الفنية والنطاق العملياتي.

 

الملك كان قد أمر اللواء حسني بالعودة إلى الاختصاص وتم تحديد الاختصاص المقصود وهو الانشغال بثلاثية الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب وتزويد دوائر القرار الدستورية بالمعلومات الاستخبارية.

 

رسالة الملك أيضا تضمنت بالنص السريع الدعوة إلى وقف الدور الأمني في مفاصل محددة من بينها تراخيص الاستثمار ومراقبة قطاع الأعمال والفساد ويمكن بوضوح ملاحظة بأن وجبة الإحالات على التقاعد الأولى تمتثل للتعليمات الملكية المفصلة هنا لكن إلى ماذا يقود ذلك في النتيجة؟

 

 يبدو أن الاتجاه يتسارع نحو تكريس مفهوم العمل الاستخباري لأغراض الأمن الداخلي وهو مفهوم كان قد بدأ يطبقه أصلا الجنرال حسين الحواتمة بالتوازي مع حملة الأمن العام الشهيرة والناجحة قبل عدة أسابيع ضد قطاعات وشرائح زعران الإتاوات والشوارع والبلطجية والتي انتهت بالقبض على نحو 700 منهم لكنها لا تزال مستمرة.

 

تندفع المؤسسة الأردنية بخطوات واثقة نحو تكريس مفهوم الأمن الداخلي ولا أحد يعلم بعد ماذا كانت الحلقة الأشمل في تسريع وتيرة إعادة الهيكلة للمنظومة الأمنية برمتها قد تتطور إلى مستوى وزارة متخصصة لاحقا بمفهوم الأمن الوطني الداخلي.

 

قد يحصل ذلك.

 

 وقد لا يحصل سريعا لكنه يمثل هدفا وطموحا ويتم سياسيا وتشريعيا الآن تمهيد المسار الميداني لأهداف أعرض من هذا النوع.

 

 الحوار تحت عنوان التحول أو الإصلاح الأمني الهيكلي في الأردن يتطرق همسا على صعيد المشاورات خلف الكواليس إلى بعض التفاصيل في التنميط الهيكلي التي لم تحسم بعد.

 

 ليس سرا هنا أن دبلوماسيين غربيين ومستشارين سياسيين محليين يحاولون التوصل إلى صياغات أو تصورات مرسومة طوال السياق.

 

وليس سرا بالمقابل أن تجارب محددة ومختبرة في العالم قيد التمحيص والدراسة الآن قد يكون من بينها النظام الأمني الفدرالي الأمريكي بعنوانيه الخارجي والداخلي والذي تعبر عنه استخباريا وعملياتيا التجربة العميقة والتاريخية لجهاز مثل إف بي أي إضافة إلى أن التمحص يشمل كيفية إدارة الأمور في الاستخبارات الأمريكية والتي يفترض أن يقودها قريبا جدا دبلوماسي عريق صديق للأردنيين وسبق أن عمل سفيرا في بلادهم هو وليام بيرنز.

 

رادار التمحيص لا يستثني تجربة جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي أيضا "شين بيت”.

 

 لكن الهيكلية في التحول الأمني الأردني أميل إلى خلطة هجينة ووطنية أو "هايبرد” بمعنى تناسب المواصفة والمقاييس المحلية وتأخذ بالاعتبار الاحتياجات والتحديات الإقليمية الأمنية وقد تنتهي هذه التساؤلات وبعضها في الواقع ليس أكثر من تكهنات أو تسريبات أو حتى اقتراحات من منظور سياسي أو إداري وليس من منظور عملية ومنتج.

 

 أغلب التقدير أن مركز القرار الأردني وبعد النجاح الكبير لمشروع الدمج الثلاثي لمؤسسات الأمن الداخلي وأثر الرسالة التي تطالب بتسريع إعادة الهيكلة لديه تصور وخطة وبرنامج يأخذ بالاعتبار كل المساحات والمصالح والعناصر حتى وإن كانت بعض الأجزاء لا تزال تقرأ أو تدرس بالقطعة والتقسيط.