التلهوني و مبيضين، أبعد من قضية الكمامات
تلقف الأردنيون خبر إقالة وزيري العدل و الداخلية بردود فعل متفاوتة، فمنهم من أثنى على قرار الإقالة، و منهم من اعتبرة مكيدة، و لكن الإقالة بتقديري أبعد من ذلك بكثير، فالحديث عن تعديل وزاري على حكومة الخصاونة هو أمر متداول منذ اكثر من شهر و الأمر مرتبط بتوجيهات " إدارة بايدن"، و كنت قد طالبت في مقال كتبته قبل شهور و قبل الانتخابات النيابية بتأجيل الانتخابات و تشكيل الحكومة لسببين : الأول يتعلق بكورونا و الثاني لمعرفة ساكن البيت الأبيض الجديد لنتمكن من تشكيل حكومة تتعاطى مع توجهات الإدارة الجديدة، فواشنطن هي أكبر الداعمين للأردن إقتصادياً و عسكرياً ما يترتب عليه التماشي مع توجهات الحليف الأميركي.
أعتقد أننا أخطأنا كما باقي الدول العربية الحليفة لأميركا في المنطقة، اخطأنا التقديرات و ظننا أن ترامب قادم ثانية لا محالة فبنينا سياستنا الخارجية و الداخلية على ذلك، انبطاح امام صفقة القرن و مزيد من التضييق على الإعلام و النقابات و الأحزاب و توسع في الاعتقالات.
جاء الديموقراطيون و بايدن و في جعبتهم رسائل واضحة : حقوق الإنسان والعودة الى حل الدولتين.
أميركا تريد الإنسحاب من المنطقة للتوجه إلى مواجهة الصين،... فلن أُطيل في هذا الموضوع : بالنسبة للأردن في الشق المتعلق بالقضية الفلسطينية يشكل ذهاب ترامب تحرراً من الضغوط و التعامل مع إدارة تؤمن بحل الدولتين ما يتماشى مع مصلحة الاردن.
بقي الشق الثاني و المتعلق بحرية الراي و حقوق الإنسان و حرية العمل النقابي و الحزبي و الذي تماهت فيه الاردن وبرغبة ايضا منها و لإسباب إقتصادية مع ضغوط دول عربية شجعها سكوت ترامب على سياساتهم الداخلية.
الاردن اليوم لديه فرصة ثمينة في الملف الفلسطيني بالتخلص من صفقة القرن وأيضاً على المستوى الداخلي لتحقيق مزيد من الإنفتاح الداخلي و العودة الى أوراق الإصلاح الملكي و تطبيقها على أرض الواقع ، فقضية إقالة الوزيرين و ربما غيرهم تدخل في هذا الباب. الوزيران قاما بتأدية أدوارهم كما هو مطلوب منهم و لكن التوجه الأن يختلف. شكرا لكم ايها الوزراء و تقبلوا طريقة الاخراج خلال أقل من شهر وصلت رسالتين من نقابة المعلمين في اميركا و إتحاد نقابات أميركا موجهة الى رئيس الوزراء الخصاونة تطالبه بالعودة عن حظر نقابة المعلمين و التوقف عن إعتقال أعضائها و تطالب بعودة الأردن الى سياسة التسامح والإنفتاح.
احدى هذه الرسائل سلمت من قبل السفير الأميركي في عمان الى الخصاونة باليد، إقالة الوزيرين (و أحدهم كان مشرعاً قانونياً متماهياً مع حل نقابة المعلمين )بسبب مخالفة التباعد مسألة لا تنطلي على عاقل و ربما يكون الوزيران على علم مسبق بطريقة الإخراج حتى يسود شعور لدى الناس بأن اجراءات الحكومة تطبق على الجميع حتى الوزراء ما يكسبها شعبية لدى جماهير عريضة فقدت ثقتها بحكومات أوصلتنا الى الدرك الأسفل من الفشل في الإقتصاد و جميع مناحي الحياة و في محاربة كورونا التي هي نتيجة حتمية لفشل إقتصادي و مالي وفشل في محاربة الفساد.
نأمل أن نشهد تغيراً في النهج لإنقاذ البلاد فهل تساعدنا رسائل واشنطن الواضحة في تعديل النهج و العودة الى تفعيل الرسائل الملكية، آمل أن لا نعمد إلى تجميل الصورة فقط لإرضاء الإدارة الجديدة للحليف الإميركي ، فمصلحة البلاد و الحكم تقتضي تغييراً جذرياً في النهج و واشنطن تمهد لنا الطريق دون ضغوط عربية هذه المرة، فالكل سيطلب الرضى الإميركي و لو على مضض.
ملاحظة : عقوبة عدم التباعد او عدم إرتداء الكمامة بحسب أمر الدفاع غرامة مالية و لا تصل الى إقالة شخص من عمله.
صالح ماضي ~باحث و صحفي استقصائي