استبعاد الاتفاق بين فتح وحماس وظهور قائمتين داخل منظمة التحرير ودحلان يشكل قائمة مدعومة إماراتيا

غزة- "القدس العربي”: بات من الواضح حسب الاتصالات التي تجرى حاليا، لتشكيل قوائم انتخابية من الفصائل المنضوية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية، أن هناك توجها لتشكيل ائتلافين، الأول تتزعمه حركة فتح، وتشترك فيه فصائل قريبة من نهجها السياسي، والثاني يضم "قوى اليسار”، بعد أن بات دخول حركتي فتح وحماس في قائمة مشتركة ضربا من الخيال.

أيام حاسمة

ومن المتوقع أن تكون الأيام القادمة حاسمة بشأن معرفة الفصائل التي ستدخل في الائتلافات من أجل تسمية القوائم، والدخول بشكل سريع في مباحثات لتحديد نسب كل فصيل، وترتيب أعضائه في القائمة الانتخابية المفترض أن تكون جاهزة بشكل كامل قبل تاريخ 20 مارس/ آذار الجاري، وهو الموعد الذي سيُفتح فيه باب الترشح للانتخابات.

ولأن موضوع الدخول في الائتلافات والاتفاق على برنامج سياسي لتلك الفصائل التي تنوي الدخول في قوائم مشتركة، لن يكون سهلا، علمت "القدس العربي” أن الأيام القادمة ستشهد لقاءات مكثفة تجرى بين فصائل داخل إطار المنظمة بشكل ثنائي، وأخرى موسعة، للاتفاق سريعا وتجاوز أية معيقات. وما علمته "القدس العربي” بخصوص تلك الاتصالات التي أجريت، وكانت أشبه باستطلاع آراء قادة الفصائل، كانت تضع في السطر الأول، عنوانا عريضا يتمثل في "البرنامج السياسي”، والذي يُعتبر حجر الأساس في التحالفات.

وتطلب حركة فتح التي تتوجه حاليا بقائمة موحدة تعبر عن كل قطاعاتها الحركية، كما أكد ذلك عدة مسؤولين، بينهم مقربون من القيادي الأسير مروان البرغوثي، أن يكون أساس البرنامج السياسي لأي تحالف تدخل فيه، هو البرنامج السياسي لمنظمة التحرير، على أن يجري الاتفاق على برنامج اجتماعي توافقي، وهو ما يضع حدا لأي توافق قادم بين فتح وحماس للدخول في قائمة مشتركة؛ بسبب الفجوة الكبيرة في البرنامجين السياسيين لهما، رغم تصريحات قادة الحركتين المرحبة بالدخول في تحالفات مشتركة.

لكن ما يرشح حتى اللحظة من الاتصالات التي أجريت، ومن حديث قادة الفصائل، يشير إلى احتمالية تشكيل تحالفين داخل منظمة التحرير بما يشمل المستقلين، على الأقل، فيما ترجح مصادر مطلعة أن تشارك فصائل محددة من المنظمة في ائتلافات مع مستقلين وقادة عمل أهلي، في حال نشب خلاف على النسب الموزعة في القوائم، على أن تكون هناك قائمة لحركة حماس، بعيدة عن تلك القوائم، بالإضافة لقوائم أخرى تضم شخصيات معروفة.

قائمة موحدة لفتح

وخلال الساعات الـ48 الماضية، جرى التأكيد من قيادات فتحاوية وازنة، أن الحركة ستذهب بقائمة موحدة، بعد إعلان ناصر القدوة عضو اللجنة المركزية للحركة عن تشكيل قائمة تضم ناشطين في مؤسسات المجتمع المدني، حيث لم تلاقِ فكرته التي انتقدتها فتح بشدة، قبولا من أي من قادة الحركة، بمن فيهم فريق القيادي مروان البرغوثي، وهو ما عبّر عنه حاتم عبد القادر، أن فتح سوف تخوض الانتخابات بقائمة واحدة، وأن كافة أبناء الحركة سيصطفون لإنجاح القائمة. وقال: "نجاح حركة فتح هو نجاح للمشروع الوطني الفلسطيني لإنجاز الاستقلال”، لافتا إلى أن جميع أبناء الحركة سيناضلون في كافة الأطر القيادية والقواعد لكي تكون القائمة معبرة عن طموحات الحركة وآمال الشعب الفلسطيني وفق معايير موضوعية.

وفي هذا السياق، يقول الدكتور واصل أبو يوسف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، والأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية، إن تنظيمه أبلغ خلال المشاورات التي أجريت، أن خياره الذهاب في قائمة مشتركة تضم فصائل منظمة التحرير، ويضيف لـ”القدس العربي”: "سيتم الالتزام بالبرنامج السياسي للمنظمة”، لافتا إلى أنه في حال تعذر دخول كل الفصائل المنضوية تحت لواء المنظمة في هذا الائتلاف، يدخل فيه من يرغب.

ويتقاطع حديث أبو يوسف، مع ما صرح به عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد، حيث نُقل عنه القول إن هناك خمسة فصائل فلسطينية أعلنت موافقتها رسمياً على خوض غمار الانتخابات التشريعية بقائمة مشتركة مع حركة فتح، معلنا أن حركته بدأت الاتصالات مع تلك الفصائل من أجل الاتفاق النهائي للتحالف والوصول لصيغة مشتركة بينها، تاركا الباب مفتوحا لبقية الفصائل الأخرى للدخول في الانتخابات بقائمة مشتركة، حيث قال: "الأيام القليلة القادمة ستكون حاسمة في إطار هذه المناقشات”، وقد أكد الأحمد أنه حتى اللحظة لم يتم الاتفاق مع حركة حماس، آملاً أن تكون الأيام القادمة حاسمة بالنسبة للتحالف بين الطرفين أو عدمه.

من جهتها، أكدت حركة حماس تمسكها التام بمسار الشراكة الوطنية، وتحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام، وبناء النظام السياسي الفلسطيني من جديد، فيما قال عضو مكتبها السياسي فتحي حماد، إن خيار حركته المفضل لخوض الانتخابات هو "القائمة الموحدة مع الفصائل التي تؤمن بخيار المقاومة وتحافظ على الثوابت”، فيما كشف القيادي في الحركة أسامة حمدان، عن ثلاثة خيارات تدرسها حركته لتحديد شكل مشاركتها في الانتخابات التشريعية، وهي المشاركة بقائمة وطنية تضم كل القوى، أو قيادة قائمة مع فصائل وشخصيات تتفق معها في البرنامج السياسي، أو قائمة خاصة بحماس.

هذا ومن المتوقع أن يثار ملف التحالفات الانتخابية، خلال جولة الحوار القادمة التي تجمع الفصائل الفلسطينية منتصف الشهر الجاري في العاصمة المصرية القاهرة.

مشاورات اليسار مستمرة

هذا ومن المتوقع أن تشارك قوى اليسار الفلسطيني، التي خاضت الانتخابات البرلمانية السابقة بقائمة مشتركة، وهي الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وحزب فدا وحزب الشعب، في الانتخابات القادمة بقائمة أخرى مشتركة، يدخل إليها هذه المرة تنظيمات جديدة مثل الجبهة الشعبية، وربما المبادرة الوطنية، تحت مسمى "تحالف قوى اليسار”، حيث يجري العمل حاليا على حل بعض المعيقات التي تعترض خروج هذه القائمة، وهو أمر لم ينفه بسام الصالحي، الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني، حين قال إنه لا يرغب بالحديث عن معوقات بشأن تشكيل قائمة لليسار، لكنه قال إن "الأمور ليست كما يجب، وهناك عقبات لابد من زوالها”، مضيفا: "الأمور في قائمة اليسار، ليست بالسرعة التي نشتهيها. لا تزال هناك بعض العقبات التي نأمل أن يختفي الجانب الفئوي منها،”، مؤكدا حرص الحزب على تشكيل كتلة شعبية في مركزها قوى اليسار الفلسطيني، كونها حاجة لكسر الثنائية في النظام السياسي، وإعادة التوازن لهذا النظام، وتعزيز المشروع الديمقراطي والاجتماعي، لكنها ليست مسألة فئوية لأي طرف من أطراف اليسار.

وقد أعلن المكتب السياسي للاتحاد الديمقراطي الفلسطيني "فدا”، معارضته لأي تحالف انتخابي يضم حركة حماس، وقال إنه منذ البداية، كان الحزب مع تشكيل قائمة وحدة وطنية لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية، "تأكيدا على أن ما يجمعنا أكثر مما نتباين عليه دون أن نختلف”، وأكد أن موقف الحزب من تشكيل قائمة وحدة وطنية لفصائل المنظمة، "لا يتقاطع ولا يقبل انضمام حركة حماس لمثل هذه القائمة لاعتبارات تتعلق باختلاف برنامجنا السياسي والاجتماعي معها”، وقال إن هذا الموقف ينطلق من ضرورة أن تكون القائمة تعبيرا عن الوحدة والشراكة الحقيقية "لا أن تكون شراكتنا فيها شكلية”، مشيرا إلى أن ذلك جرى التأكيد عليه خلال لقاءات، سواء مع حركة فتح أو مع فصائل منظمة التحرير.

وكان القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، عمر شحادة، قال إن الجبهة تسعى لتشكيل "قطب شعبي ديمقراطي” أو تحالف واسع، "لا يقوم على أساس الرقص على حبال السلطة وأوسلو والنضال السلمي”، وأضاف في تصريحات نقلها موقع الجبهة الشعبية: "إن التحالفات يجب أن تستند لبرنامج سياسي بصيغة قادة شعبنا الحقيقيين داخل الاسر، بما يخدم البرنامج الوطني، ليكون جسراً نحو التحرر لا جسراً نحو إحياء أوسلو”.

قوائم لفياض ودحلان

وإلى جانب هذه القوائم التي تجري بلورتها، كُشف عن اتصالات قادها سلام فياض رئيس الوزراء الأسبق، من أجل تشكيل قائمة تضم العديد من الشخصيات البارزة، ومن بينهم مسؤولون سابقون في بعض فصائل منظمة التحرير، ومنهم من حركة فتح، ومسؤولة في جمعية نسوية، ومسؤولون سابقون في السلطة، عملوا معه كمعاونين خلال ترؤسه الحكومة الفلسطينية.

وقد نفى فياض في تدوينة نشرها على صفحته في موقع "فيسبوك” أن تكون قائمته التي يعمل على تشكيلها لها ارتباطات بالإمارات، وقال: "هذا غير وارد ولا أساس له مطلقاً”، وأضاف: "ما أعمل عليه هو تشكيل قائمة من شخصيات مستقلة”، لافتا إلى أن كتلته البرلمانية لن تكون امتداداً لأي تنظيم أو فصيل أو فريق.

وعلى الأرض، بدأ أتباع محمد دحلان، القيادي المفصول من حركة فتح، التجهيز للمشاركة في قائمة انتخابية، ستكون مدعومة ماديا من دولة الإمارات. حيث يتردد أن دحلان يريد أن تشمل قائمته أسماء شخصيات مستقلة، وأخرى من نشطاء العمل المجتمعي، وآخرين من فريقه. ومن أجل ذلك، قام مؤخرا بإرسال عدد من قادته الذين كانوا يقيمون في مصر منذ وقوع أحداث الانقسام إلى غزة، ومن المتوقع عودة آخرين من مقربيه في الإمارات إلى القطاع أيضا، للإشراف على تحضيرات الانتخابات.

ويربط المطلعون بين المساعدات الطبية والانسانية التي تبرعت بها الإمارات مؤخرا لقطاع غزة، وبين التوجه الانتخابي لدحلان. حيث يستغل الرجل المساعدات بأنها جاءت بناء على تحركاته في أبو ظبي.

وإلى جانب هذه القوائم، يعمل حاليا ناصر القدوة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، على ترتيب قائمته التي ينوي المشاركة بها في الانتخابات القادمة، تحت اسم الملتقى الوطني الديمقراطي، وذلك بعيدا عن قائمة حركة فتح، حيث يجري في هذه الأوقات اتصالات ولقاءات لأعضاء الملتقى لإقرار الشكل النهائي للقائمة.

كما بدأ الحديث في المجالس الفلسطينية، عن أشخاص شكلوا فيما بينهم قوائم انتخابية، بعضهم وزراء سابقون، ومسؤولون مؤسسات أهلية، للمشاركة في الانتخابات، دون أن يغلق هؤلاء الباب أمام المشاركة مع فصائل قوية أو قوائم أخرى في ائتلاف انتخابي، يضمن فوزهم.