بين إحياء “التجمّع” واقتحام “علماء المسلمين”.. ما هي الرسائل الإمارتية لتونس؟

لندن- : لم يكن اختيار يوم 9 آذار/ مارس لاقتحام مكتب اتحاد علماء المسلمين في تونس، من قبل عبير موسي زعيمة الحزب الدستوري الحر وأنصارها، اعتباطيا، فهو يوافق الذكرى العاشرة لحل حزب التجمع الدستوري، حزب الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، وهو ذات الحزب الذي تنتمي له موسي، البرلمانية المثيرة للجدل والتي تؤكد مصادر عدة تلقيها دعما كبيرا من أبوظبي.

يدرك الملاحظون لسلوك الحزب الدستوري الحر أنه نسخة مستحدثة من حزب بن علي السابق، وخاصة أنه يضم عددا كبيرا من قيادات التجمّع ويتبنى خطابا متشددا يطالب بإقصاء الأطراف الإسلامية من المشهد السياسي، وإعادتها إلى السجون.

رهان الإمارات على الحزب الدستوري الحر يأتي في إطار البحث عن طرف سياسي قوي يواجه حركة النهضة، أكبر الأحزاب التونسية وأكثرها تنظيما، وخاصة بعد الرهان الخاسر على حزب نداء تونس، الذي أسسه الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي عام 2012، بعد رفض قائد السبسي الرضوخ لمطالب أبوظبي المتعلقة بإقصاء الإسلاميين من الحكم وإعادتهم للسجون، فضلا عن تفكك الحزب لاحقا.

دعم أبوظبي لعبير موسي لم يعد خافيا على أحد، إذ دأب السفير الإماراتي على حضور المؤتمرات التي يعقدها الحزب الدستوري الحر، فضلا عن الاهتمام المبالغ فيه الذي توليه وسائل الإعلام الإماراتية لموسي، المعروفة سابقا بمحامية التجمّع، مستخدمة صفات من قبيل "المرأة الحديدية” و”امرأة بألف رجل” و”المرأة التي هزت عرش الإخوان”، وغيرها.

على مدى أشهر، ساهمت عبير موسي وأعضاء حزبها بتعطيل العمل البرلماني في مناسبات عدة، عبر افتعال فوضى ومحاولة استهداف رئاسة البرلمان، فضلا عن الدخول في شجار مع كتل برلمانية

وعلى مدى أشهر، ساهمت عبير موسي وأعضاء حزبها بتعطيل العمل البرلماني في مناسبات عدة، عبر افتعال فوضى ومحاولة استهداف رئاسة البرلمان، فضلا عن الدخول في شجار مع كتل برلمانية عدة، وهو ما عطل المصادقة على عدة قوانين، ودفع عددا كبيرا من السياسيين والنواب للمطالبة بإحداث "شرطة برلمانية” لوضع حد لـ”بلطجة” الحزب الدستوري الحر.

لكن ما يميز "غزوة” اتحاد علماء المسلمين الأخيرة هي أنها تأتي بعد أيام من "الهبة” الي قدمتها أبوظبي للرئاسة التونسية والمتمثلة بألف جرعة من لقاح كورونا، والتي اعتبر البعض أنها نوع من "الهدايا المسمومة” التي تسعى الإمارات من خلالها لتلويث الحياة السياسية في تونس، وخاصة أن أبوظبي استغلت تكتّم الرئاسة التونسية على الأمر لعدة أشهر، ليقوم السفير الإماراتي بالإعلان عنه، قبل أن تسوق وسائل الإعلام الإماراتية له على اعتبار أنه يدخل في إطار العطايا التي تمنّ بها أبوظبي على "الدول المحتاجة”، وهو ما أثار موجة استنكار واسعة دفعت السياسيين التونسيين لمطالبة بلادهم بإعادة اللقاحات للإمارات.

وهذه ليست المحاولة الإماراتية الوحيدة لإثارة الفوضى في تونس، فقبل أشهر أثارت صفحة على فيسبوك تُدار من الإمارات تحت عنوان "حراك الإخشيدي” (لقب يردده أنصار الرئيس قيس سعيّد) جدلا واسعا بعد دعوتها لتنظيم "اعتصام رحيل” جديد يهدف لإسقاط منظومة الحكم الحالية وحل البرلمان وإعادة النظام الرئاسي وتنظيم انتخابات جديدة، تأمل من خلالها بإعادة "أيتام بن علي” إلى سدة الحكم في تونس.

"القدس العربي”