العبادي : حديث جلالة الملك .. رسالة حق

حديث جلالة الملك .. رسالة حق
محمد يونس العبادي 
إنّ قراءة الأحداث التي مررنا بها منذ لحظة انقطاع الأوكسجين عن مرضانا في مستشفى السلط، وما سببته الحادثة من خسائر لأردنين أعزاء، يؤكد على الكثير ويكشف عن أشياء أخرى. 
هذه الحادثة الأليمة التي جاءت في توقيتٍ وبائي صعب، أكدت على قرب القيادة الهاشمية، ومليكنا المفدى، من الأردنيين كافة، وبأن التفاصيل جميعها حاضرة في فكر الملك ومساعيه، وسيذكر الأردنيين طويلاً كيف هبّ جلالة الملك إلى مستشفى السلط، بغضبة عميقة وسعي لتضميد الجراح وقطع دابر الإهمال ومحاسبة من قصر في أداء واجبه. 
هذه الغضبة الملكية، تبعها حديث هام لجلالة الملك عبدالله الثاني، وهو حديث القائد من قلبه، وبين مفرداته رسائل لربما أهمهما بالتأكيد الملكي على القيم الأردنية في الخدمة العامة ونفي انطباعٍ سعى البعض إلى تكريسه حول ثقافة الفساد، وهي ثقافة مستحيلة في بلدٍ أسسه الأباء والأجداد بقيم الشرف والرجولة والكرامة، وهذه المفردات جاءت على لسان جلالة الملك لتعزز ثقة الأردنيين بأنفسهم في هذه اللحظة الصعبة. 
جلالة الملك تحدت أيضاً، عن رسالة الحق، وهي الرسالة والرواية التي شهدت في الأعوام الأخيرة تراجعاً، إثر رسالة مضادة روج لها بعض أشخاصٍ أو تياراتٍ لها مآربها. 
وفي هذا السياق، ومن صلب حديث جلالة الملك، يبرز السؤال: لماذا يريدون إضعاف الأردني؟ ولماذا يريدون أن يكون الأردني محبطاً مشحوناً بالغضب والانفعال؟ 
نعم، ندرك أن المرحلة صعبة، وأن هنالك خلل في الإدارة العامة، وبأن مكمن الوجع هو الوباء والإهمال، غير أنّ هذا دافع لأن نصحح وأن نقبل على الوطن بعزمٍ لنتمكن من عبور هذه الجائحة التي ألمت بالعالم كله.
ولقد جاء الحديث الملكي داعياً إلى الوعي، وإغلاق أبواب الفتنة... فنحن نمّر اليوم بمرحلةٍ دقيقة، يسعى خلالها البعض لإضعاف الأردن، لمرامٍ مختلفة وأهواء مشحونة بحب الظهور واستسهال النقد، بما يجعله بضاعة رائحة عبر الفضاء الرقمي. 
اليوم، وأمام هذا الظرف الصعب، نحن نثق بأن هذه المحنة ستمر، فمن متى لم يمر هذا الوطن بصعاب؟ ومتى كان الأردني غير قادر على مواجهتها؟ 
نحن نستطيع اليوم العبور، وتفويت الفرصة على المشحونين باليأس، فهذا الوطن لمن يدرك حكايته وتفاصيله قادر، ولطالما حقق بعزيمة ملوكه الكثير من العزة، لإنسانه ولمؤسساته، وانتصر لعروبته وقيمها. 
المطلوب اليوم، هو العمل، ونفض غبار الأيام الأخيرة، وتجربتها المرة، وسيحاسب المقصرون، فهذه مرحلة ستؤسس لما بعدها، ونقرأ ذلك من تاريخنا الممتد عبر مئة عامٍ أثبتت عبقرية الأردن بقيادته وشعبه، بتجاوز الصعاب، وتجاوز مراحل سابقة حاول كثر مس الأردن الدفع به إلى الوهن. 
فهذا الوطن بُني بالأردني المحب لوطنه وقيادته، من المؤمنين الصادقين قولاً وعملاً، لخدمة الناس، وصون كراماتهم... وهذا الوطن الهاشمي نريده أن يبقى للجميع بجيله الحاضر وأجياله القادمة مؤمن بإنسانه.. وبرسالته وشرعيته ومشروعيته، وحقه بالانتماء إليه والإيمان بتاريخه وحاضره ومستقبله. 
دام الملك عبدالله الثاني، ودام مُلكه..