“عيد أم” حزين للفلسطينيات.. والأسيرات يعانين من سياسات السجّان

غزة- "القدس العربي”: تحرم قبضات السجان الإسرائيلي، 12 أمّاً فلسطينية من الاحتفال بـ”عيد الأم”، كما تحرم العديد من الفتيات الأسيرات من الاحتفال مع أمهاتهن بهذا اليوم، كباقي أمهات العالم.

وبعيدا عن الاحتفالات العائلية، تقضي 39 أسيرة فلسطينية، بينهم 12 أمّاً، وأسيرات أخريات بينهن شابات في مقتبل العمر، هذا اليوم في زنازين وغرف الاعتقال الإسرائيلي التي تفتقر إلى كل مقومات الحياة، دون أن يسمح لهن أيضا بالتواصل من عائلاتهن، أو تلقي الهدايا.

وعلى وقع المرارة القاسية التي تدمي القلوب، تمضي الأسيرات هذه اليوم بجراح تذكرهن بأيام أمضينها بين أسرهن، كباقي نساء العالم.

ولأنه الاحتلال المرير، الذي يتلذذ على عذابات الفلسطينيين، فإن الفرحة تبقى في أي مناسبة منقوصة بسبب غياب الأحبة، سواء كانوا شهداء أو أسرى.

وتقول هيئة شؤون الأسرى والمحررين، إن 12 أمّاً فلسطينية في سجني "الدامون” و”هشارون” يعانين من قسوة السجان ومرارة الحرمان من الأبناء، في اليوم الذي تحتفل به شعوب الأرض بـ”يوم الأم”، الذي يصادف الحادي والعشرين من مارس/ آذار كل عام.

وتشير الهيئة إلى أن الأسيرات الأمهات هن: إسراء جعابيص، وفدوى حمادة، وأماني الحشيم، وحلوة حمامرة، ونسرين حسن، وإيناس عصافرة، وآية الخطيب، وإيمان الأعور، وختام السعافين، وشروق البدن، وخالدة جرار، وأنهار الديك (وهي أسيرة حامل).

وأوضحت أن أبناء الأسيرات يفتقدون أمهاتهم في هذا اليوم وفي كل يوم من أيام السنة، حيث تحل مناسبة عيد الأم في الوقت الذي تحرم فيه الأمهات الأسيرات من زيارة أبنائهن الأطفال، كما تزداد الأمور صعوبة بدعوى الظرف الراهن المتعلق بالإجراءات الخاصة بفيروس "كورونا” المستجد، ومنها وقف زيارات العائلات.

وكان من بين أبناء الأسيرات الأطفال، الذين فقدوا أحضان أمهاتهم في هذا اليوم، الطفلان الشقيقان محمد عصافرة (5 سنوات) وعبد الرحمن (3 سنوات)، أبناء الأسيرة إيناس عصافرة اللذين لم ينقطعا عن سؤال أقاربهم عن الوالدة التي غيبتها زنازين السجون الإسرائيلية.

وحين تحدثت الهيئة عن أوضاع الأسيرات الأمهات، قالت إنهن يعشن أحوالا نفسية صعبة، نتيجة القلق الشديد والتوتر والتفكير المستمر في أحوال أبنائهن، وكيفية سير حياتهم بدون أمهاتهم، وتقول: "الأكثر قسوةً بالنسبة للأسيرة الأم أن يكون زوجها أسيرا أيضا، حيث يعيش أطفالهما دون رعاية الأبوين”.

وفي هذا السياق، يوضح مركز فلسطين لدراسات الأسرى، بأن الأسيرات الأمهات، لديهن 33 ابناً محرومون من رؤيتهن ويفتقدون إلى حنانهن والاجتماع بهن في "يوم الأم” وخاصة الأطفال منهم الذين يحتاجون إلى رعاية مباشرة. ويوضح المركز في تقرير له بهذه المناسبة، بأن عددا من الأسيرات تركن خلفهن اطفالا رُضّع لا تتجاوز أعمارهم عدة أشهر عند الاعتقال، مما أثر على نفسيات أمهاتهم بشكل كبير، بينما يحرم الاحتلال بعض الأسيرات من الزيارة لفترة طويلة.

وإلى جانب حرمان الأسيرات من هذا الاحتفال بهذا اليوم، هناك آلاف الأمهات، اللواتي يزج الاحتلال بأبنائهن في السجون، وهنّ كذلك يعشن هذا اليوم بحسرة وألم، حين يفتقدن تهاني أبنائهن الأسرى، ووجودهم مع باقي أفراد الأسرة في منزل العائلة.

وتتعرض الأسيرات لكافة أشكال الضغط والإجراءات التعسفية المشددة من قبل الاحتلال، سواء من حيث الإهمال الطبي أو اقتحام غرفهن وفرض العقوبات عليهن، ويعشن ظروفا حياتية واعتقالية صعبة وقاسية، وحسب الإحصائيات فإن سلطات الاحتلال اعتقلت أكثر من 17 ألف امرأة فلسطينية منذ عام 1967، لافتة إلى الدور الوطني والنضالي الكبير للمرأة الفلسطينية في تحمل مسؤولياتها في مواجهة الاحتلال.

من جهته، طالب مدير مركز الأسرى للدراسات، الدكتور رأفت حمدونة، المؤسسات الحقوقية والإنسانية والدولية التي تعمل في شؤون المرأة، بالضغط على الاحتلال لوقف الانتهاكات بحق الأسيرات، مشيرا إلى أن قضية الأسيرات الفلسطينيات "ستبقى جرحاً نازفاً لن يندمل إلا بتحقيق حريتهن”.

وأكد أن إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية تمارس الانتهاكات بهدف التضييق على الأسيرات، كسياسة الاستهتار الطبي والتفتيشات والاقتحامات، وعدم السماح بإدخال احتياجاتهن من الخارج مع الأهالي، والمعاملة السيئة من قبل إدارة السجون خلال الاعتقال والتحقيق في السجون وأثناء النقل، وإخضاعهن للتحقيقات بأساليب وحشية.

وفي بعض الأحيان يتم عزل الأسيرات مع الجنائيات الإسرائيليات، ومنع الأسيرات من تقديم امتحان الثانوية العامة، والجامعة وعدم إدخال الكتب، وحرمان الأهل من إدخال الملابس والاحتياجات.

وتدعو الهيئات التي تعنى بأوضاع الأسرى، المجتمع الدولي إلى العمل من أجل تحرير الأم والمرأة الفلسطينية، وتوفير الدعم الكافي من أجل حمايتها وأبنائها من غطرسة الاحتلال، وضرورة العمل على كافة المستويات للإفراج عنهن، ووقف معاناتهن داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي.