على طريق الإصلاح والتنمية السياسية هل نسمح للعبثيون ان يدمروا ويخربوا بمصالح البلاد والعباد ..؟؟

زهير العزه

قبل سنوات عديدة ، وفي العام 97 على وجه التحديد، خضت بدفع وبرغبة من بعض الاخوة في الدائرة الاولى في عمان، وبدعم من عدد من السياسيين المخضرمين أمثال المفكر العربي الكبير معالي الاخ المرحوم الدكتور جمال الشاعر والرفيق سالم النحاس" الذي عاد وطلب مني الإنسحاب من الترشح" وآخرين، الانتخابات النيابية على قاعدة أنني مرشح الحركة الوطنية، لكن وبعد أن قاطعت أحزاب المعارضة "القومية واليسارية"  الانتخابات أنذاك وكان لي وجهة نظر اخرى بعدم المقاطعة لضررها على المجتمع ،أكملت الترشح للانتخابات ،وللحقيقة لم أكن أتخيل أن الناس في هذه الدائرة سيرحبون بي بهذا الشكل الذي دفع بوسائل إعلام غربية وإقليمية أن تضعني على رأس قائمة المرشحين المؤهلين للفوز في الانتخابات ،  لكن ما حصل أنه قبل أيام من التصويت بدأت أيادٍ خفية تتلاعب في الدائرة ،حيث تم تمزيق كل اليافطات التي تعود لي في كل من ماركا والهاشمي ومخيم الحسين والنزهة وطبربور،وغيرها من مناطق تابعة للدائرة الاولى ،وتم منع الشباب المتبرعين للعمل معي مجاناً في توزيع المنشورات أو لصقها في الشوارع من إكمال أعمالهم وملاحقتهم،وغيرها من أعمال للتضييق على الحملة الانتخابية الخاصة بي،ومنها إخفاء بطاقات الانتخابات الخاصة بي وبعائلتي التي وجدتها قبل ساعات من عملية الاقتراع موجودة لدى أحد المرشحين، الى أن وصل الامر أثناء عملية الفرز الى قطع الكهرباء وإعادة الفرز مرة أخرى وظهور نتائج هزلية لا تعبرعن حقيقة إرادة الناخب في الدائرة الاولى.     

بعد هذه التجربة المريرة "والتي علمت فيما بعد من خلال السادة سميح أطال الله في عمره، وسميح الآخر رحمه الله وبحضور السيد يعقوب، حقيقة ما جرى معي ومن هو المسؤول عما وقع " أصدرت ومجموعة من المهتمين بالشأن العام بياناً طالبنا فيه بضرورة إحداث إصلاح حقيقي وليس شكلي كما كان عليه الحال آنذاك ،ما يمكّن الاردن من التخلص من المعرقلين للاصلاح الحقيقي وإبعادهم عن مواقع الخدمة وعن عمق الدولة بكل مفاصلها ومنع تدخلهم بالعمل العام وعدم السماح لهم باستغلال المؤسسات من أجل عرقلة الاصلاح ..! ومنذ ذلك الوقت وأنا مع آخرين نطالب بالإصلاح السياسي الحقيقي كمقدمة للإصلاحات الإقتصادية والاجتماعية في البلاد، لكن وللأسف لم نتمكن كمواطنين أو كغيورين على الوطن من منع عرقلة الاصلاح الذي طالب ويطالب به جلالة الملك والشعب، وكذلك عدم قدرتنا على منع المعرقلين من الوصول الى سدة التحكم بمفاصل الدولة،ما أوصل الدولة الى الأزمات الخانقة التي نعيشها الآن .

اليوم ونحن نشهد تحركاً ونشاط من أجل البدء بإحداث إصلاح ، نطرح الاسئلة التالية ،هل سنشهد أصلاحاً حقيقياً؟ وهل ستسمح أدوات العرقلة السابقة بإجراء هذه الاصلاحات؟وهل سنتمكن من الوصول الى قانون إنتخابات يعبرعن التمثيل الحقيقي للمواطن الاردني، ويبعد التدخلات ؟

 وهل بالإمكان أن نصل الى قانون للأحزاب يعطيها المزيد من الحريات ويمنع القوانين التي ترهب المنتمين لها، "وهنا أشير للأحزاب اليسارية والقومية"؟    

والواقع أن الحقيقة المطلقة التي لايمكن إنكارها كعنوان للعمل العام في الاردن، أن هناك من يريد تعطيل أية بوادر لإصلاح سياسي حقيقي، وإن هناك طبقة أو" أشباح"وطبقة أخرى من أهل السياسية التي تولت المناصب وحصلت على المغانم، وتحالف من أصحاب المصالح المتمولين ممن حصلوا على عقود وعقود من مؤسسات الدولة، قد أفلحوا جميعاً في إنتاج جبال من الكلام والوعود، وجبال أخرى من نفايات العمل السياسي تم إفرازها لتكون في واجهة العمل العام .

الاردن يحتاج الى إصلاح حقيقي يبدأ من قانوني الانتخاب والاحزاب بما يعزز الحريات العامة وبمشاركة كل القوى الفاعلة الممثلة الحقيقية للناس على الارض ،وليس من خلال مشاركة قوى التضخيم والتزوير الاعلامي أو محاسيب التعيينات في النواب والاعيان والحكومات ، وكذلك تفعيل دور وزارة التنمية السياسية التي كان وما زال وجودها من عدمه واحد،حيث لم تقدم أية أفعال حقيقية للتنمية السياسية سوى بيانات أو تصريحات أو مشاريع لا تطبق على أرض الواقع، والدليل أن الوزير الحالي هو وزير للتنمية السياسية منذ سنوات طويلة ، دافع عن قانون الانتخابات الحالي واليوم يرجمه بحجر، هذه الحقيقة وعلى سوداويتها وعلى آلية "الترقيع" المتبعة ، الا أنها تعبرعن كيفية تعامل أهل السياسة من صناع القرار مع الاصلاح  .

اليوم أيضا ونحن نسعى لدفن "العبث" السابق (على ما تقول به الحكومة وأجهزتها) الذي تم على طريق الاصلاح ،على الجميع أن يدرك انه لا بد من نية حقيقية للاصلاح قبل فوات الاوان، وأن يفهم الجميع الفارق بين السياسة والعبث ، فالسياسة تقوم على إنتاج الأمل ، بينما العبث يقوم على التخريب ولذلك يجب أن يكون دور أهل السياسة وصناع القرارات قائما على ضخ الأمل،( وأعتقد جازما أن هذا ما يريده جلالة الملك من إصراره على ضرورة الاصلاح)،أما العبثيون فإنهم يدمرون ويخربون ويعبثون بمصالح البلاد والعباد من أجل مصالحهم ومصالحهم فقط ما يؤدي الى خراب الاوطان  .

Zazzah60@yahoo.com