المشروعية والشرعية
د. حازم قشوع
هل غدت المشروعية اقوى من الشرعية في ظل سيطرة مناخات التواصل الاجتماعي على مشروعية القرار وباتت بذلك تعتبر عنوان القبول، واذا كانت الاجابة بنعم فهل هذا يعني ان قرار الشرعية ذات المصوغات القانونية بات مرهونا بمدى قبول اصحاب المشروعية لقرارات السلطات الشرعية واذا كانت الاجابة ايضا بنعم فان الصور البرلمانية الغير قادرة على التمثيل باتت غير مجدية باستلام كرت المشروعية وهذا ما قد يقود الى تحول كبير في المشهد البرلماني والديموقراطي بشكل عام.
وهو التحول الذي بحاجة الى دراسة معمقة تعطي استخلاصات مفيدة يمكن التعاطي معها حتى تكون قادرة على اجابة بعض الاستفسارات التي من شانها اعادة ترتيب الجملة السياسية لبيت القرار بما يمكنه من الاستجابة للمتغيرات التي فرضتها ظروف ومناخات حركة التواصل الاجتماعي والتي باتت مباشرة وليست بحاجة الى تمثيل برلماني يوصل صوتها او حتى مقترحاتها، فان مدى القبول هنا بات يعتبر عنوانا للمشروعية التي تحول نهجهها من طريقة تستند الى نظم التمثيل الى منظومة تعتمد التصويت المباشر على القرارات والاحداث من خلال شبكة التواصل الاجتماعي بعناوينها المتنوعة.
وهذا ما يجعل الكثير من القائمين على الانظمة الانتخابية والمؤسسات الديموقراطية تعيد تصويب اوضاعها وطرق عملها بناء على هذا المعطى الجديد والذي بحاجة الى وسائل وتقنيات اخرى اضافة الى اليات تتناسب مع المقتضيات الجديدة التي فرضتها متغيرات حركة التواصل الاجتماعي والعالم الافتراضي والذي بدور شكل بيئة متممة لروابط التواصل المباشر واحدث اسقاطات مؤثرة على العالم الوجاهي.
وهذا ما يستدعي من بيت القرار الانتباه والاستدراك لان زعزعة المستقرات تاتي من باب مشروعية الاقرار بالتعليمات الصادرة التي يستلزمها مشروعية القبول، وهو الميزان الذي بحاجة الى بحث وضبط ايقاع، فهل ستقوم المنظومة الاعلامية باعادة صياغة ادواتها لتعيد ميزان التاثير حتى تستجيب للمتغيرات، وهو السؤال الذي سيبقى برسم اجابة المنظومة الاعلامية، والتي بحاجة الى ثورة اعلامية تعيد انتاج ذاتية الاعلام وتقوم على تحصين رسالته فان المنظومة التقليدية باتت غير صالحة في البيئة المعاصرة.
وحتي يستقيم ميزان قياس الاحداث وترسم اجابات للاستفسارات المطروحة فان روابط التواصل الوجاهي ايضا بحاجة الى اعادة ترسيم في الميزان الثقافي في السياق المتمم على ان توضع استراتيجية عمل للثقافة الوطنية يعني بالتركيز على المبادىء الانسانية والقيم الوطنية والحضارية بحيث تعتبر من المهمات الاساسية التي يمكن البناء عليها في بناء منظومة التطور الثقافي على ان يستند هذا التطور على سياسة متوالية ومتصلة تقوم على ميزان البيان بين الضابط والوازع على ان ينطلق من الموروث الثقافي الاصيل الذي يميزه المحتوى الحضاري القويم.
فان تجسير الهوة بين بيت القرار وشرعية البيئة الحاضنة لمقرارات ومشروعيته، كما هي بحاجة الى اصلاح في المنظومة الاعلامية والثقافية بحاجة ايضا الى تعزيز منصات التواصل الوجاهي التي على راسها الاحزاب بالمعلومة والبيان حتي تستطيع المؤسسات الحزبية من تفهم الابعاد السياسية لصناعة القرار والوقوف عند الاستخلاصات الضمية لبيئة المقرر عند صياغته وبما يجعلها قادرة على الاشتباك المحمود من اجل تحصين بيت القرار والمجتمع من صور العالم الافتراضي واسقاطاته المؤثرة على بيت المشروعية.