صمتت الحكومة الأردنية وتحدث الجيش .. “إنذار شفوي للأمير” واعتقالات “مزدوجة”

صمتت الحكومة وتحدث الجيش الأردني هذه المرة. فقد حسم رئيس أركان القوات المسلحة اللواء يوسف الحنيطي، في بيان صحافي، "مقتضب ومتأخر” الجدل وبعيدا عن نهش الشائعات على خلفية الاعتقالات والمداهمات التي هزت الأردن، مساء السبت.


رد الحنيطي بوضوح شديد على "تحرشات ” الصحافة الأمريكية وعمل على طمأنة الرأي العام الداخلي بعد 4 ساعات حبس فيها الأردنيون أنفاسهم.


قالها الحنيطي بلهجة العسكر الصارمة والمختضرة: "الأمير حمزة بن الحسين لم يعتقل ولم يتم توقيفه”.


المعنى واضح هنا حيث "لا انقلابات ولا ما يحزنون” على حد تعبير مسؤول بارز في الحكومة تحدثت معه "القدس العربي”.


وما حصل في قياسات بيان القوات المسلحة ليس أكثر من "عملية أمنية” بعد تحقيقات مشتركة وعميقة تمت "في إطار القانون”.


وقد توقعت "القدس العربي” ذلك في تقرير سابق لها.


لكن لم يعرف بعد ما هي الأسباب التي دفعت الإعلام الأمريكي لروايات "متسرعة” بعد عملية أمنية عسكرية متقنة سارت بالتوازي في اتجاهين. وتلك مسألة تجيب عليها الأيام القليلة المقبلة لكن تزيدها غموضا بيانات الخارجية الأمريكية والديوان الملكي السعودي.


إلا أن الأهم في بيان الجنرال الحنيطي هو تلك الإشارة التي ترد لأول مرة في بيانات "سيادية” وتنطوي على "معلومة مثيرة” لها علاقة بالأمير حمزة بن الحسين، إذ قال المسؤول العسكري: "طلب منه التوقف عن تحركات ونشاطات توظف لاستهداف أمن الأردن واستقراره”…”في إطار تحقيقات شاملة مشتركة قامت بها الأجهزة الأمنية واعتقل نتيجة لها الشريف حسن بن زيد وباسم عوض الله وأخرون”.


ما الذي يعنيه ذلك؟

باختصار سياسيا على الأقل تعني عبارات رئيس الأركان الأردني أن المؤسسة العسكرية طلبت من الأمير التوقف عن نشاطات لم تحددها.


والتفسير المنطقي الوحيد يؤشر على نشاطات "مخالفة للقانون” أو لها علاقة بأشخاص مقربين من الأمير أو يعرفهم والمطلوب منه التوقف عن نشاطات يمكن أن تؤدي إلى الإخلال بالأمن والاستقلال.


وعد الحنيطي بتحقيقات شفافة تبلغ الأردنيين بكل التفاصيل.


ويعني ذلك أن محاكمات في الطريق مما يؤشر ضمنيا على الاعتقالات لم تنظم لولا توفر "ملفات ومعطيات” تسمح ببناء شكاوى قضائية على الأقل ضد شخصيتين بارزتين هما عوض الله رئيس الديوان الملكي الأسبق والشريف حسن بن زيد.


عليه ثمة "طلب واضح” هذه المرة يوجه للأمير حمزة بالتزامن مع اعتقال شخصيات مقربة منه دون توفر أي معطيات حول طبيعة العلاقات التي تشمل تسعة معتقلين على الأقل حتى الآن،و ثمة أنباء عن "زيادة محتملة” في عددهم خلال الساعات القليلة المقبلة ما دام التحقيق في إطاره القانوني "قد فتح” والمسألة، كما أفاد الحنيطي، في”إطار القانون”.


يحتوي تصريح الجنرال الأردني كل التجاذب في موسمه المبكر ويبقى أن الحاجة ملحة لفهم الكثير من بقية الألغاز وترقب تدحرج الملف الجديد الذي ملأ الدنيا وأقلق الأردنيين وسيشغلهم حتى عن فيروس كورونا لفترة أطول من الوقت.


يُفهم عمليا من كل الحيثيات أن العملية الأمنية تتعلق بـ”أمن واستقرار الأردن” وأن المؤسسة العسكرية هي التي نفذت وهي التي تتحدث للشعب الآن، وأن مسألة "الأمير” تضمنت "مبالغات” درامية أمريكية لها هدفها على الأرجح.


ويفهم- وقد يكون هنا الأهم- أن المشهد الأردني الذي يعج بالإثارة أصلا إزاء "تطور نوعي” في قوامه عملية أمنية متقنة ومبرمجة وخفيفة التنفيذ انتهت باعتقال شريحتين من الشخصيات المهمة الأولى لها علاقة بعوض الله. والثانية لها علاقة بمتقاعدين يعملون في مكتب الأمير حمزة. وعليه فهي عملية اعتقال بـ”ضربة مزدوجة”…هل يوجد رابط بين الشريحتين؟. وما هي طبيعة "العلاقة الخفية” بين "الأمن والاستقرار” وتسريب معطيات عن "مجلس يبيع عقارت في القدس لليهود”؟.


السؤال الأخير قد لا تكون الإجابة عليه متاحة حقا قبل تجاوز حاجز "الاعتقال” باتجاه "ملف قضية” في محاكمة علنية تخص هذه المرة بعض الرؤوس الكبيرة وبعد "رسالة واضحة تماما” وفيها "طلب محدد” يوجهها الجنرال الحنيطي للأمير حمزة.

القدس العربي