الاحتفال بنقل المومياوات يثير نقاشات حول السجناء وحول «فرعونية» مصر وهويّتها القومية والدينية

القاهرة ـ «القدس العربي»: أعاد الاحتفال الذي نظمته مصر بمناسبة نقل 22 من مومياوات ملوك وملكات مصر التي تعود لعهد الأسر القديمة من المتحف المصري إلى متحف الحضارة، الجدل حول هوية مصر، ففي الوقت الذي دعا البعض للعودة إلى الهوية الفرعونية واعتبار العروبة دخيلة على مصر، اعتبر آخرون أن هناك محاولات لفك الارتباط بين مصر وعروبتها، فيما رأى فريق ثالث أن مصر هي خليط من كل الهويات التي مرت على تاريخها.
ولم تكن قضية الهوية وحدها هي التي طفت على سطح الأحداث في مصر، بل استدعى الموكب الحديث عن سجناء الرأي، واعتبر كثيرون أن الاهتمام بحرية الأحفاد أهم من نقل الأجداد والاحتفاء بهم.
الداعية المصري عبد الله رشدي، أثار الجدل بتعليقه على "موكب المومياوات” الذي أُقيم في مصر أمس الأول، بعد أن شدد على أن هوية بلاده ستبقى "عربية إسلامية”.
وقال في تغريدة تزامنت مع إقامة الموكب: "هي مصرُ العربيةُ الإسلاميةُ. هذه هويتنا. شاء من شاء وأبى من أبى”، حسب قوله.
وتابع في تغريدة لاحقة: "فرحين بحضارة سبعة آلاف سنة. فرحين بعراقة تاريخنا، لكن هذا لن يغير من هويتنا شيئا. هويتنا العربية. هويتنا الإسلامية، فأنا فخور بوطني، فخور بعراقة تاريخي، متمسك بعروبتي وإسلامي. يعني لن نترك تاريخنا بلا عناية ولكننا لن ننفصل عن هويتنا بحالٍ من الأحوال، وإذا غضب بعضهم فمعلش”.
وأضاف رشدي: "الأصوات الكاسدة التي تزعم أن الفتح الإسلامي كان احتلالا وأن العرب دخلاء على مصر وأن اللغة العربية يجب تغييرها، وأن هوية الدولة يجب أن تتغير، هذه الأصوات لا قيمة لها، ولن يُؤتي صياحُ أصحابِها ثمرتَه. نفرح بتاريخنا وحضارتنا وعراقتنا، ونستمسك بهويتنا العربية الإسلامية، حفظ الله مصر”.
وزاد: "يقول بعضهم: العالم تقدم وترككم لأنكم مشغولون بمن سيدخل الجنة ومن سيدخل النار، ومشغولون بالبخاري وابن تيمية، والعالم تقدم وتركنا لأننا لم نأخذ بأسباب التقدم، وليس لأننا مشغولون بمصيرنا الأبدي، فالانشغال بالمصير الأبدي لن يمنعك من البحث والتقدم إلا إن كنت فاشلا وتريدُ تعليق فشلك على الدين”.
وأثار رأي الداعية المصري ردود فعل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ هاجمه العديد من المغردين، واعتبر آخرون أن مصر للفراعنة قبل أن تكون عربية.
وكتب حساب هيبة هيبا: "أصلا مصر هي مهد الحضارة ومصر في رأيي لا تنتمي للعرب من الأصل أو لشبه الجزيرة العربية وإن كانت لغتها العربية والدين الرسمي لشعبها الإسلام. مصر أكبر وأعمق بكثير جدا من الاختزال في ثقافة بعينها كالثقافة العربية (طب ما بدل ما نقول مصر عربية ممكن أوي نقول مصر تتبع الثقافة اليونانية والرومانية القديمة حيث ثراء الفهم والحكمة) لكن مصر أعمق وأهم من كل هذا، مصر اختزنت داخلها كل الثقافات ثم كانت هي أما لكل الثقافات. هناك فرق بين اللغة وبين الهوية، وهوية مصر مستقلة، ممكن العرب أو الغرب أو أيا من كان أن ينتسبوا لنا لكن نحن لا ننتسب لأحد أبدا، لأن هويتنا مستقلة منذ فجر التاريخ”.
إلى ذلك، طالب مصريون من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بالإفراج عن سجناء الرأي، معتبرين أن موكبا لسجناء الرأي بعد الإفراج عنهم سيثير سعادة أكثر في نفوس المصريين من موكب المومياوات.
وكتبت الصحافية المصرية مي عزام على صفحتها على فيسبوك: عندي أمل أن يتم يوما في مصر الاحتفاء بالأحياء بنفس عظمة الاحتفاء بالأموات، إن كان للموت جلاله، فالحياة لها حقوق.
كما غردت الصحافية هبة الله يوسف: بلد عظيمة كما أظهرت نفسها اليوم لا يليق أن يكون فيها سجناء رأي.
حمدين صباحي المرشح الرئاسي السابق كتب على صفحته الرسمية على فيسبوك : ليلة للفرح رغم كل الأحزان، شكرا لكل صناع الفرح، وربنا يفرحنا قريبا بيوم الإفراج عن سجناء الرأي.
ونظمت مصر أمس الأول السبت، حفلا ضخما شارك فيه فنانون بمناسبة نقل 22 مومياء ملكية بينها 18 مومياء لملوك و4 مومياوات لملكات في موكب مهيب، من مكان عرضها الحالي في المتحف المصري في ميدان التحرير، إلى مكان عرضها الدائم في المتحف القومي للحضارة المصرية في منطقة الفسطاط في القاهرة التاريخية.
وانطلق الموكب من المتحف المصري في ميدان التحرير باتجاه كورنيش النيل متجها إلى منطقة مصر القديمة.