بعد توقعات البنك الدولي.. هل تراجع الحكومة تقديرات النمو؟
هبة العيساوي
عمان – بعد أن خفض البنك الدولي تقديراته لنسبة النمو الاقتصادي في المملكة للمرة الثانية منذ بداية العام الحالي، استغرب خبراء إصرار الحكومة على رفع توقعات نسب النمو ضمن الموازنة العامة.
وبين الخبراء، في حديث لـ”الغد”، أن توقعات البنك الدولي أقرب للمنطق في ظل ما أحدثته تبعات الموجة الثانية من كورونا على الاقتصاد، وخاصة التجارة العالمية والقطاعات الصناعية.
ودعوا الحكومة إلى ضرورة إعادة تقديراتها، وخاصة بعد توقع نسبة نمو عالية بنيت عليها افتراضات لإيرادات الخزينة وبالتالي خفضت من العجز المتوقع.
وخفض البنك الدولي توقعاته حول نسب النمو المتوقعة للاقتصاد الوطني خلال العام الحالي إلى 1.4 % مقارنة مع 1.8 % في التوقعات السابقة بعد الانكماش المتحقق في العام 2020.
وقدر البنك، في تقرير صدر حديثا، أن يرتفع الناتج الإجمالي المحلي الحقيقي (نمو الاقتصاد) للأردن إلى ما نسبته 2.2 % في العام المقبل، وهي نسبة ترتفع قليلا عن نسبة النمو التي حققها في العام 2019، حيث بلغت حينها 2 %.
وبين التقرير "أن جائحة كورونا وضعف التجارة العالمية وجها ضربة قاسية لقطاع المنسوجات في الأردن”، الذي "يشكل خامس أعلى قطاع مساهمة في القيمة المضافة للقطاع الصناعي، وتبلغ نسبته نحو 7.74 %، حيث كان لتصنيع الملابس الحصة الكبرى من هذا القطاع (5.5 %)، وصناعة المنسوجات والمنتجات الجلدية 0.6 % و0.1 % على التوالي من القيمة المضافة الإجمالية الصناعية”، بحسب منتدى الاستراتيجيات الأردني.
في حين تتوقع الحكومة نسبة نمو للاقتصاد المحلي بقيمة 2.5 % وزيادة في الصادرات الوطنية بنسبة 6.5 %.
وزير الاستثمار الأسبق مهند شحادة، قال "عندما بدأت الحكومة ببناء موازنة العام الحالي لم تأخذ بعين الاعتبار حدوث موجة ثانية لفيروس كورونا واللجوء للإغلاقات التي تؤثر بشكل سلبي ومباشر على الاقتصاد”.
وأضاف شحادة أنه عندما قال وزير المالية محمد العسعس إن نسبة النمو الاقتصادي ستكون 2.5 %، كان مبنيا على أفضل سيناريو.
ورأى أن البنك الدولي لفت في تقرير إلى تأثر التجارة العالمية من جائحة كورونا وتراجع الصادرات نتيجة الواقع الحالي والإغلاقات وتأثير الحالة الوبائية على الاقتصاد.
وأضاف شحادة أن على الحكومة إعادة حساباتها بما يتوافق مع الواقع لكي لا تضطر إلى وضع مخصصات لم تكن في الحسبان.
وبدوره، اتفق وزير تطوير القطاع العام ماهر مدادحة مع شحادة حول بعد تقديرات الحكومة لنسبة النمو عن الواقع المحيط، لافتا إلى أن 2.5 % ليست دقيقة كونها بنيت على افتراض أن الجائحة ستكون أقل حدة ولن تستمر الإغلاقات للقطاعات.
وأضاف مدادحة أن الحكومة وضعت نسبة النمو 2.5 % لأنها قدرت إيراداتها بناء على هذه النسبة وقللت من العجز المتوقع.
ودعا الحكومة لأن تعيد النظر في النسبة لتكون أقرب للدقة، لافتا إلى أن تقديرات البنك الدولي أقرب للواقع.
واعتمدت الحكومة موازنة توسعية بإجمالي إنفاق سيصل العام الحالي الى 11.3 مليار دينار، موزعة على إنفاق بالموازنة المركزية بحجم 9.93 مليار دينار، ولموازنات الوحدات الحكومية ما مقداره 1.5 مليار دينار، والتي ستعد الأعلى في حال تحقيق هذا الزخم من الإنفاق. وأنها ستحقق إجمالي إيرادات عامة في الموازنة المركزية ما مجموعه 7.87 مليار دينار.
غير أن الموازنة العامة، وفقا لفرضيات مشروع القانون، قدرت العجز الكلي بعد المنح بـ2.055 مليار دينار.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي مفلح عقل "إن تقديرات البنك الدولي لنسبة النمو الاقتصادي هي الأقرب للواقع رغم أن كل التوقعات حول الاقتصادات ما هي إلا افتراضات ليست عالية الدقة في ظل الحالة التي نعيشها”.
وبين عقل أن البنك الدولي لديه مؤشرات ومعلومات أقرب للواقع ولديهم أيضا خبراء وبيانات تجميعية يبنون عليها دراساتهم وتوقعاتهم.
ولفت إلى أن حالة عدم اليقين والغموض في ظل هذه الجائحة مستمرة، لذلك يجب على الحكومة أن تكون واقعية وأقرب للواقع وغير متفائلة جدا.
ودعا عقل، الحكومة، لإعادة توقعاتها، وخاصة أنها لن تقدر على ضخ السيولة بقيم عالية كما عملت وتعمل دول العالم لدعم قطاعاتها في ظل الإغلاقات الجديدة.