محمد دحلان في مرمى هدف جيمس بوند تركي ومسلسل “تشكيلات” يصوره بالشرير
دخلت شخصية القيادي المفصول من حركة فتح الفلسطينية محمد دحلان في الدراما التركية. وفي مسلسل يلعب فيه رجل شرير تشبه ملامحه دحلان الذي يعيش في الإمارات يحاول "مسلسل تشكيلات” أو المنظمة تقديم هذا البعد الشرير في شخصية دحلان.
وقال رجب سويلو في تقرير نشره موقع "ميدل إيست آي” إن القادة الأتراك لم يخفوا بغضهم لشخصية دحلان، فقد وصفه وزير الخارجية مولود تشاوش أوغلو بـ "زعيم العصابة الإرهابي” ورصدت مكافأة بـ 700 ألف دولار لمن يكشف معلومات عن مكان وجوده. وذهبت محطة "تي أر تي” خطوة أبعد وقدمته بالرجل الشرير في مسلسل تشكيلات. وهو مسلسل مميز من ناحية أنه الأشهر بين المسلسلات التركية في الأسابيع الخمسة الأخيرة. ولم يحصل أن خاض مسلسل في عمق العمليات الاستخباراتية بهذه الطريقة. وتدور أحداث المسلسل حول عملاء يتركون وراءهم حياتهم الخاصة للكشف عن مؤامرة لاستهداف أهم سر لدى أنقرة وهو تصميمها السري لطائرات درونز، الطائرات المسيرة. وبعد ذلك يلتقي المشاهدون بزعيم فلسطيني غير مواقفه وانتقل إلى الجانب الآخر بعد تعذيب شديد على يد المخابرات الإسرائيلية. ولم يفت اختيار الاسم على المشاهد التركي، فزايد فادي، وهو اسم الفلسطيني يشير فيه إلى زايد، محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، أما فادي فهو اسم ولد دحلان حيث يلقب بـ”أبو فادي”.
من صفحة مسلسل تشكيلات على فيسبوك
ولم يخف كاتب نص المسلسل، في مقابلة مع الموقع، استخدامه الإمارات كملهم في بناء الخصوم في المسلسل. وفي الحلقة الأولى تم التلميح لدعم الإمارات للتنظيم الكردي الشقيق لحزب العمال الكردستاني (بي كي كي) في سوريا. ويقوم سردار أو جيمس بوند التركي بدخول سوريا من أجل إحباط هجوم إرهابي. أما زايد فادي، فيترأس مجموعة اسمها "الشركة” التي تحاول تقويض سلطة تركيا الإقليمية. ولكن المسلسل التركي يقدم أكثر من مجرد الحديث عن نشاطات دحلان المتهم بلعب دور مهم في المحاولة الإنقلابية بتركيا في 2016، بل عن الكيفية التي تحولت فيها منظمة المخابرات الوطنية تحت قيادة حقان فيدان، من منظمة مهتمة بالقضايا المحلية مثل النشاطات الكردية والمتشددين الإسلاميين إلى وكالة استخبارات ذات اهتمام إقليمي واسع. وبالمقارنة مع مسلسل "وادي الذئاب” الذي بثت حلقاته مطلع القرن الحالي تعطي صورة عن التطور الذي وصلت إليه دراما التجسس التركية تحت قيادة حقان فيدان، من منظمة مهتمة بالقضايا المحلية مثل النشاطات الكردية والمتشددين الإسلاميين إلى وكالة استخبارات ذات اهتمام إقليمي واسع.
المسلسل التركي يقدم أكثر من مجرد الحديث عن نشاطات دحلان المتهم بلعب دور مهم في المحاولة الإنقلابية بتركيا في 2016، بل عن الكيفية التي تحولت فيها منظمة المخابرات الوطنية من منظمة مهتمة بالقضايا المحلية مثل النشاطات الكردية والمتشددين الإسلاميين إلى وكالة استخبارات ذات اهتمام إقليمي واسع
وبالمقارنة مع مسلسل "وادي الذئاب” الذي بثته حلقاته مطلع القرن الحالي تعطي صورة عن التطور الذي وصلت إليه دراما التجسس التركية. ففي وادي الذئاب كان هناك رجل استخبارات يحاول اختراق مافيا تركية والسيطرة على العالم السفلي، ولم يكن لديها أي بعد خارج الحدود التركية.
وفي "تشكيلات” يواجه المشاهد منظمة استخبارات حديثة وتقودها امرأة. وتقول عميلة استخبارات اسمها زهرة، وأم تعيل عائلتها لوحدها وتعمل في عملية حساسة لها علاقة بالطائرات المسيرة والوحدات التركية الخاصة في سوريا من أجل القبض على زعيم إرهابي. وتواجه رجلا عنصريا في ألمانيا عندما كانت في مهمة هناك لحماية امرأة مسلمة. وهناك عميلة أخرى تمنع تسليم معلومات حساسة تعود للدولة التركية عندما كانت في مهمة بباريس. ومع أن مسلسل "تشكيلات” يصور شريرا غربيا إلا أنه ليس بالضرورة معاد للغرب. وبعض المسؤولين في الإستخبارات تلقوا تعليمهم في الغرب وتباهى عدي أنه حصل على درجة الدكتوراة من جامعة ييل.
ولا يتم التطرق في الحلقات إلى عرقية رجال الاستخبارات وهم يقومون بمهامهم رغم البعد القومي في المسلسل ويؤكدون على أنهم يخدمون الدولة التركية. وصورت الحلقات مشاهد خاصة من داخل مقر الاستخبارات التركية أو "القلعة” وتم تصوير بعض المشاهد داخل المقر مما يقترح مساعدة الإستخبارات في المسلسل.
وقال تشاغلر أرطغرل الذي يلعب دور سردار إنه استشار بعض العاملين المتقاعدين في المخابرات لكي يحضر نفسه للدور. وما ساعده في دوره هو تدربه على الفنون القتالية و”في النهاية تعاملنا بسهولة مع النص” و”تعلمنا القصة الحقيقية عن الإستخبارات من ضباط الاستخبارات المتقاعدين، لكنهم رفضوا مشاركتنا في الكثير من التفاصيل لحساسيتها، وكانت القصة الحقيقية هذه ملهمة لنا”.
ولم يخف مخرج المسلسل ياغيز ألب القادين أن "تشكيلات” كانت محاولته لأن يقدم جيمس بوند تركي. وقال "لدينا أبطال لم يستطيعوا أبدا الإحتفال علنا بنجاحاتهم، وكرسوا حياتهم لخدمة بلدهم” و”هو ما أثار إعجابي وأنا أقوم ببناء الشخصيات”.
وقللت دول عدة من قدرة المخابرات التركية، فلم يكن أحد يتوقع مثلا أن تقوم بمراقبة القنصلية السعودية التي تم فيها قتل الصحافي جمال خاشقجي.
وفي افتتاحه مقر المخابرات التركية في اسطنبول العام الماضي، وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الاستخبارات بأنها "الطليعة” لقوات الأمن التركية التي تعمل في ميادين حقيقية وقبل أي شخص آخر. وعمل رجال الاستخبارات في السنوات الماضية في سوريا والعراق وليبيا وأذربيجان وأوكرانيا قبل أن ترسل تركيا قواتها.
ويعتقد بولات صافي، المتخصص في الاستخبارات التركية وتاريخها إن الحروب الأهلية والهجرة والإرهاب وحروب الوكالة والإلكترونية دفعت المخابرات التركية للتحول وتصبح منظمة قوية. وقال "يمكننا القول إن المنظمة لعبت دورا في دبلوماسية القنوات الخلفية أثناء أزمة الرهائن وترحيل المشتبه بعلاقتهم في الإرهاب إلى تركيا” و”كلها ساهمت في تقوية كفاءة المخابرات الدبلوماسية”. وتم تعزيز قدرات المنظمة، حيث قال أردوغان إنها تملك طائرات مسيرة عسكرية وقوارب بحرية تجمع المعلومات وعمليات إلكترونية وإشارات استخباراتية. لكن هناك من انتقد المسلسل مثل عاكف بيكي، الذي كتب في يومية "كرار” ووصف الحلقات بأنها "دعاية مر عليها الزمن” ولأنها تروج للقومية الرخيصة للمشاهدين وتصور أن العالم كله يقف ضد تركيا وهو خطاب تبناه أردوغان في السنوات الأخيرة. وهو أمر لم يعد موجودا، فقد نشرت كرار عنوانا عريضا "تركيا تلوح بغصن الزيتون للعالم” قالت فيه إن المتحدث الرئاسي إبراهيم قالين قال "إنهم مستعدون للتعاون مع مصر وفتح صفحة جديدة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي”. وهذا صحيح لأن تر كيا تحاول تحسين علاقاتها بالمنطقة بسب الإدارة الجديدة في واشنطن ولأسباب خاصة. ومرة أخرى قادت المخابرات التركية المحادثات الحساسة مع السعودية والإمارات ومصر لتصحيح العلاقات.
القدس العربي