موريتانيا: الرئيس السابق يلجأ لتدويل قضيته وتسييسها على المستوى المحلي
نواكشوط -« القدس العربي»: يتجه الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز حالياً للرد على الإجراءات التي اتخذتها النيابة ضده والتي يعتبرها تضييقاً للخناق حوله، ومن أبرزها الاستمرار منذ 11 آذار/ مارس الماضي في إخضاعه للرقابة القضائية واتخاذ إجراءات بتجميد ممتلكاته في الداخل وملاحقة ممتلكاته في الخارج.
وقد جهز الرئيس السابق محاطاً بمحامي دفاعه وبأنصاره، ملفات قضائية عن موكلهم سيقدمونها لعدة هيئات دولية، بينها الرابطة الدولية لحقوق الإنسان، وجامعة الدول العربية، والاتحاد الإفريقي.
وحسب مصدر مقرب من الرئيس السابق، فإن محاميه يستعدون لتقديم شكوى لرئيس المجلس الدستوري في موريتانيا دجالو ممدو بتيا، حول التجاوزات التي تعرض لها موكلهم والتي كشفوا عنها خلال مؤتمراتهم الصحافية.
ويرى محامو الرئيس السابق "أنه لا وجه لمتابعة موكلهم على مستوى القضاء العادي تأسيساً على المادة 93 من الدستور الموريتاني التي يرون أنها تحصن الرئيس خلال ممارسته لمهامه من أية متابعة، وأنها لا تسمح بمحاكمته إلا من طرف محكمة العدل السامية وعلى أساس تهمة الخيانة العظمى وحدها، حيث تقتصر العقوبة على عزله من منصبه”.
وسيسلم محامو الرئيس الموريتاني السابق قريباً للاتحاد الإفريقي في أديس أبابا شكوى معضدة بوثائق، وهي الشكوى التي يتوقع أن تنظر فيها اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان المختصة في مثل هذه الملفات والتي يوجد مقرها في العاصمة الغامبية بانجول.
ويلجأ رجالات المعارضة وكبار رجال الساسة الأفارقة للجنة الإفريقية لحقوق الإنسان، لتقديم شكاوى من المسارات القضائية التي تخضعهم الهيئات العدلية لها على مستوى بلدانهم.
وسبق للجنة الإفريقية أن ساعدت معارضين أفارقة كباراً، بينهم المعارض العاجي الشهير غيوم سوروه، الذي ساندته اللجنة الإفريقية ونددت بالمسار القضائي الذي فرض عليه؛ وقد أدى ذلك إلى انسحاب حكومة ساحل العاج من البروتوكول المؤسس للجنة الإفريقية لحقوق الإنسان.
ونقلت صحيفة "أفريكا انتلجانس” الآنية الاستقصائية عن المحامي الفرنسي دافيد راجو منسق فريق الدفاع عن الرئيس الموريتاني السابق على المستوى الدولي، قوله: "إن فريق الدفاع سيقدم شكوى للجامعة العربية التي انضمت لها موريتانيا عام 1973”.
وأضافت، نقلاً عن مصادر مقربة من الملف، أن "اتصالات عدة قد جرت بين محيط الرئيس السابق ولجنة حقوق الإنسان في نيويورك”.
وأشارت الصحيفة إلى أن "هذه الشكاوى وهذه الاتصالات تعتبر انطلاقة لتجاذب قضائي متوقع عما قريب، بين الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وخلفه الرئيس محمد الشيخ الغزواني، الذي حرص على الابتعاد عن مسار التحقيق مع سلفه منذ أن قدمت لجنة تحقيق برلمانية موريتانية تقريرها للقضاء قبل أشهر من الآن حول قضايا فساد خلال العشرية التي حكمها الرئيس السابق”.
وأكد مصدر مقرب من هذا الشأن أن الرئيس السابق يدرس حالياً مع محاميه طرح شكوى أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وقد قوبلت تحضيرات الرئيس السابق لتوزيع شكاواه على الهيئات العربية والإفريقية والدولية، بتعليقات كبار الساسة الموريتانيين، حيث كتب الوزير السابق سيدي محمد محم وكان أقرب مقربي الرئيس السابق، أنه "تابع مقابلة تلفزيونية للمحامي الفرنسي دافيد راجو، والذي قدم نفسه كمحام للرئيس السابق، محاولاً تقديم دفاع للاستهلاك الإعلامي والسياسي في وسط لا يعرف الكثير عن موريتانيا ولا عن تشريعاتها أو مؤسساتها”.
وقال: "بدا دافيد راجو هشاً في دفاعه، وبشكل جوهري حين تجلي عجزه عن تقديم تصور منسجم يخدم موكله في موضوع الحصانة الرئاسية ومقتضيات المادة 93 من الدستور الموريتاني، وقد كانت المهمة صعبة أمام صحفي فرنسي بدا من الصعب على عقله، رغم التمالؤ والتواطؤ البين منه، أن يستسيغ منح حصانة تغطي فساد الرئيس ونهبه وبأي ثمن”.
وأضاف الوزير محم: "كما ظهر جلياً تهافت دفاعاته حين لجأ إلى أسطوانة التسييس المعهودة من غلمان الرئيس السابق في عدم شرعية تشكيل لجنة التحقيق البرلماني دون دليل من نص أو سابقة عمل، والتشكيك الفج كذلك في استقلالية قضاء بلد بشكل خارج على تقاليد وأعراف مهنة الدفاع العريقة وضوابطها وأخلاقياتها، وهو ما يقتضي من الهيئة الوطنية للمحامين التي ستستضيف هذا الزميل في حال عودته، إن عاد، تذكيره وإلزامه بالضوابط والتقاليد المشتركة لممارسات المحامين التي يبدو أنه غير محيط بأغلبها”.
وقال: "على النيابة العامة وقضاء التحقيق ونادي القضاة تحديد موقف معلن وصريح من التصريحات الجارحة لزميلنا دافيد راجو، بحق قضائنا ومؤسستنا التشريعية، والخارجة عن كل قواعد اللباقة وأخلاقيات الدفاع”.
وتحدثت مصادر إعلامية عن استعداد قطب التحقيق المعني بمكافحة الفساد للتواصل مع جهات قضائية في العديد من الدول، في إطار متابعة حركة أموال تعود لمتهمين في "ملف العشرية”.
ونقلت وكالة "صحراء ميديا” عن هذه المصادر قولها إن "قطب التحقيق يرتب الآن للتواصل مع جهات قضائية خارجية” في سياق متابعة الأموال المهربة إلى الخارج.
وأضاف مصدر مطلع أن "القضاء الموريتاني سيكون مدعوماً في هذا المجال بجهد فريق من المحامين الموريتانيين، يتمتع بخبرة تراكمية كبيرة وشبكة علاقات دولية واسعة، ويتمتع أعضاؤه بمصداقية خارجية”.
ويواجه ولد عبد العزيز تهماً بالفساد والإثراء غير الشرعي من طرف القضاء الموريتاني، الذي وضعه تحت الرقابة القضائية، ضمن 13 من أركان نظامه السابق.