الملك يعرب عن ألمه وغضبه: ندفع ثمن مواقفنا والأمير حمزة مع عائلته وفي قصره وبرعايتي
تجاوز العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مشاعره الشخصية بـ”الألم والصدمة” في اتجاه "ترسيم دقيق” لاستراتيجية بلاده في التعاطي مع "نتائج” التحقيق في التطورات الأخيرة بعنوان "مؤامرة أو مخطط” لزعزعة أمن واستقرار المملكة.
ويبدو سياسياً هنا أن "الصدمة” نتجت عن سببين، أولهما كما يفهم من رسالة الملك لشعبه "تورط جهات داخلية”، وثانيهما المتعلق ببعض "الجهات الخارجية” والتي يفترض الجميع اليوم دون تصريح ولا تلميح أنها "في الجوار” وليست بعيدة عن فضاء اليمين الإسرائيلي، وبعض دول "التطبيع الإبراهيمي” قياساً بالتفاصيل المعلنة حتى الآن أولاً، وبالتلميحات الملكية ثانياً وأهمها "ندفع ثمن مواقفنا”.
الأهم على المستوى الدولي هو الإعلان عن الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الأمريكي جو بايدن مع الملك الأردني مباشرة بعد بث ونشر رسالته الأخيرة مساء الأربعاء، حيث عبر بايدن عن تضامنه ودعمه للأردن والأهم – وهذا عنصر جديد – عن إسناد التحقيقات الجارية في عمان والتي بدأت خلف الكواليس ولم يتم الإعلان بعد عن نتائجها.
اتصال بايدن سينتهي على الأرجح باتصالات لزعماء عرب وغربيين، وسيعني الكثير في رفع معنويات المؤسسات الأردنية، لكنه صنف من "التضامن السياسي” الهادف لاحتواء ردود فعل الأردنيين لاحقاً والسعي لعدم حصول "شرخ كبير” في منظومة الدول الحليفة في الشرق الأوسط للولايات المتحدة ومعسكرها الإقليمي، في حال بروز "مفاجآت” عن التحقيقات يمكن ان تكشفها أجهزة عمان.
وسياسياً أيضاً يمكن القول إن هذا النمط من "الترميز” السياسي بعد اتصال بايدن يوفر الغطاء الدولي لموقف الأردن ويحاول التأسيس لفتح صفحة جديدة، خصوصاً وأن تحقيقات مخطط زعزعة أمن واستقرار الأردن قد ينتج عنها الكشف عن خلل كبير في سياق شركاء الولايات المتحدة، حيث أن اعتقالات السبت الماضي أعقبتها "تصدعات” لا يمكن نكرانها "قد تهدد” علاقات الأردن بإسرائيل او حتى بدول خليجية أخرى.
الدليل الأهم على "رؤية سياسية أعمق” بالسياق قدمه الملك نفسه وهو يعلن في الرسالة نفسها أن بلاده ستعتمد على معيار "مصالح الدولة والمجتمع” في التعاطي مع "نتائج التحقيقات”، وهي عبارة توحي بوضوح بأن بعض التحالفات قد تتصدع قريباً، مما يستدعي تدخلاً أمريكياً رفيع المستوى لتقليل الخسائر والأضرار.
وثمة دليل إضافي بالسياق تبرره استضافة المحطات الاردنية التلفزيونية لشخصيات خبيرة ودبلوماسية للتحدث عن مضامين ودلالات رسالة الملك ليلة الأربعاء، ومن بينها وزير الخارجية الأسبق المخضرم ناصر جودة الذي لمح لخطاب ملكي موزون ومؤثر وعميق ينسجم مع "المصالح العليا”، وبالتالي قدر دبلوماسيون بأن عبارة الملك بعد "العفو عن الأمير حمزة” عن "معيار المصالح” هي الكلمة الافتتاحية في تقدير وإقرار استراتيجية التعامل مع مرحلة ما بعد "التحقيقات” التي شملت شخصيات بارزة في خارطتي الدولة والمجتمع.
هنا يبرز بأن الحسم الملكي تحت عنوان "وأد الفتنة” يرتب أوراق ما بعد "مفاجآت التحقيق” حيث بعد امتصاص ردود الفعل الداخلية وإدارة ملف التداعيات وفقاً "للنهج الهاشمي الموروث” كما قال الملك فيما تستمر السلطات والأجهزة المختصة بتحقيقات معمقة وموسعةـ لكنها خلف الستارة وبدون "أي تسريب” بعدما طمأن الملك شعبه بأن "الأمير حمزة مع عائلته وفي قصره وبرعايتي”.
معنى كل ذلك أن الخطوات اللاحقة ستتقرر في وقتها وفي إطار الحرص على "تحويل الأزمة إلى فرصة” عبر تكريس الثقة بالذات والمؤسسات والقيادة، وبعد نتائج التحقيقات ودون استعجال أو تسرع. هنا حصرياً محور ما يمكن فهمه من ملامح استراتيجية الملك التي كشف عن بعضها في رسالته مساء الأربعاء.
في الشارع تواصلت الدعوات لكشف أوراق الفتنة ورموزها وأدوارهم وزادت معدلات المطالبة بالكشف الدقيق للشعب الأردني عن "الخصوم والأعداء” المتربصين بأمن المملكة واستقرارهاـ فيما زادت معدلات الشغف بمتابعة التفاصيلـ وتم استئناف الحياة والعمل بصورة طبيعية في البلاد.
القدس العربي