الاتحاد الأوروبي يغري تركيا اقتصادياً لتخفيض التوتر وإبعادها عن التنسيق مع روسيا
مدريد- «القدس العربي»: يرغب الاتحاد الأوروبي في إعادة صياغة العلاقات بينه وبين تركيا على أسس الحوار والتفاهم بعد التوتر الذي ساد خلال السنوات الأخيرة. ويقترح في هذا الصدد دمج أنقرة في البنية الجمركية الأوروبية الحديثة وكذلك المساعدة على دمج المهاجرين السوريين لتفادي الأسوأ مستقبلاً خاصة الخوف من تنسيق تركي-روسي للضغط على الأوروبيين.
وجاءت مقترحات الاتحاد الأوروبي خلال زيارة وفد برئاسة رئيس مجلس أوروبا تشارل ميشيل ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى تركيا الثلاثاء من الأسبوع الجاري عقدا خلالها لقاء مع الرئيس طيب رجب اردوغان. وإلى جانب الدمج الجمركي، اقترح الوفد الأوروبي تخصيص ميزانيات ثابتة للمساعدة على إدماج المهاجرين السوريين في هذا البلد. ووضع الاتحاد الأوروبي شرطين رئيسيين هما خفض التوتر التركي- اليوناني وقبرص في شرق البحر الأبيض المتوسط، ثم احترام حقوق الإنسان.
ووصفت جريدة «لوموند» في عدد الأربعاء/الخميس من الأسبوع الجاري «بالأجندة الإيجابية» مقترحات الاتحاد الأوروبي لتهدئة الجار المزعج تركيا، ويرغب الاتحاد في استغلال مشاكل تركيا مع العقوبات الأمريكية لفتح صفحة جديدة. وتعترف جريدة «الباييس» في مقال لها كيف تحول الملف التركي إلى مصدر قلق حقيقي وسط الدبلوماسية الأوروبية بسبب الانقسام الحاصل في التعاطي مع اردوغان. وفي هذا الصدد، تنادي دول مثل فرنسا واليونان بالضغط على الأتراك لكي يتراجعوا عن سياسة التوتر، ومن جهة أخرى تفضل دول أخرى مثل ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا سياسة الحوار. وتبرز ألمانيا كيف ساعد الحوار مع تركيا على تراجع أعداد المهاجرين وخاصة السوريين من 900 آلاف عام 2015 إلى بعضة آلاف العام الماضي ثم ألفين فقط خلال العام الجاري.
وتعترف الأوساط الأوروبية بأن تركيا تمثل التحدي الكبير في الوقت الراهن. فقد تحدت فرنسا واليونان بشأن معالجة الملف الليبي، حيث كادت الأوضاع أن تصل إلى مواجهة بين فرقاطتين فرنسية وتركية خلال يونيو الماضي في قضية تعلقت بإيصال الأسلحة إلى حكومة الوفاق وقتها. وتكرر التوتر بسبب الواقع الذي فرضته تركيا في شأن التنقيب عن النفط شرق المتوسط. وتبرز الأحزاب اليونانية الهدف الرئيسي لأثينا هو إبعاد تركيا من الشواطئ الليبية، فهي لا ترغب في رؤية «العدو» التركي جنوب اليونان.
ويبرز خبراء الاتحاد الأوروبي صعوبة تحقيق أهداف متكاملة مع تركيا، ويجب الرهان على ما هو تدريجي، إذ يجب تخفيض التوتر وإقناع الأتراك بأهمية الاتحاد الأوروبي كشريك، ثم الانتقال لاحقاً إلى إقناع أنقرة بضرورة احترام حقوق الإنسان التي تراجعت منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة.
كما يعترف خبراء الاتحاد الأوروبي أن أسوأ خطأ يمكن للاتحاد ارتكابه هو دفع تركيا إلى التنسيق مع روسيا في ملفات تخص الاتحاد الأوروبي.