«أمازون» تعيد تسويق نفسها عبر الدفاع عن زيادة الضرائب على الشركات
واشنطن- أ ف ب : غالبًا ما يُشار إلى أمازون باعتبارها مثالًا للشركات متعددة الجنسيات التي تتجنب دفع الضرائب، لكن بعد عام ارتفعت فيها أرباح الشركة بنسبة 84٪، تسعى الشركة لتغيير السمعة السيئة الملتصقة فيها منذ سنوات عبر التسويق لنفسها بأنها داعمة لرفع الضريبة على الشركات. والثلاثاء، فاجأ مؤسسها ورئيسها جيف بيزوس الجميع بإعلان دعمه زيادة ضرائب الشركات التي يريدها الرئيس الأمريكي جو بايدن لتمويل خطته لاستثمار 2000 مليار دولار في البنية التحتية.
وكان بايدن قد هاجم عملاق التجارة الإلكترونية تحديدًا بشأن هذا الموضوع، إذ قال الأسبوع الماضي: «في 2019، كشف تحليل مستقل أن هناك 91 شركة، أؤكد: 91 شركة من بين (…) أكبر الشركات في العالم، بما في ذلك أمازون، لجأت إلى حيل قانونية مختلفة ولم تدفع سنتًا واحدًا كضريبة دخل فيدرالية على الأرباح». ويقول معهد السياسات الضريبية والاقتصادية، وهو مركز أبحاث متخصص في السياسة الضريبية، إن أمازون دفعت 9.4% كضريبة فيدرالية على أرباح قدرها 20 مليار دولار، بعد سنتين لم تدفع خلالهما أي شيء.
ويعود هذا المعدل المنخفض جزئياً إلى التعديل الضريبي الذي قرره دونالد ترامب في عام 2017 وأدى إلى خفض الضرائب على الشركات بشكل كبير من 35% إلى 21% في عهده. ويعتزم بايدن إعادتها إلى 28٪. لكن أمازون استفادت أيضًا من الإعفاءات الضريبية المتعلقة بتخفيض الأصول والاستثمارات. وللدفاع عن نفسها، تسلط مجموعة سياتل الضوء بانتظام على مساهماتها في تكوين الثروة والوظائف.
وفي عام 2019، غرّدت الشركة ردًا على تعليق من جو بايدن عندما كان مرشحًا: «نحن ندفع كل ما يتوجب علينا. أقر الكونغرس قوانين تشجع الشركات على إعادة الاستثمار في الاقتصاد الأمريكي». وقالت أمازون إنها خصصت 1.7 مليار دولار العام الماضي لدفع ضرائبها الفيدرالية وإنها ستنفق مليارات أخرى على ضرائب الرواتب والضرائب المحلية والتعريفات الجمركية. وقال جيف بيزوس الذي يعد أغنى رجل في العالم مع ثروة تقدر بأكثر من 188 مليار دولار وفقًا لمجلة فوربس: «نحن ندعم رؤية حكومة جو بايدن التي تريد القيام باستثمارات جريئة في البنية التحتية الأمريكية».
ويوضح دانيال شافيرو، أستاذ القانون في جامعة نيويورك، أن أمازون والشركات الأخرى غالبًا ما تلجأ إلى أساليب ضريبية «جريئة» ويمكنها بالتالي أن تنجح في الالتفاف على السلطات، لكنها بشكل عام تستفيد ببساطة من الأحكام التي يحددها القانون. ويضيف خبير القانون الضريبي أن «النظام السياسي هو المسؤول قبل كل شيء عن المشكلة». ويقول معهد السياسات الضريبية والاقتصادية إن 55 شركة أميركية كبيرة مربحة على الأقل لم تدفع أي ضرائب فيدرالية في عام 2020، بما في ذلك مجموعة التوصيل فيدإكس وشركة نايكي المصنعة للوازم الرياضية.
وأشارت إيمي هاناور مديرة المعهد مؤخرًا إلى أن «تجنب الشركات دفع الضرائب يضر بالأمريكيين العاديين من خلال تقليل الموارد المخصصة للصحة وإصلاح الطرق والقطاعات الأساسية الأخرى».
وتُحسم استثمارات أمازون الضخمة في بناء المستودعات والخدمات الأخرى من أرباحها الخاضعة للضريبة، مما يقلل بشكل كبير من المبالغ التي تدين بها الشركة للخزانة. ويستند هذا النظام الضريبي إلى الرهان على مكاسب أعلى في المستقبل. فالمجموعة المتنامية كما قال شافيرو «تدفع ضرائب أقل في الوقت الحالي، لكنها من الناحية النظرية ستدفع أكثر عندما تتوقف عن توسيع أعمالها».
وأشار إلى أن ممارسة تحويل الأرباح من دولة إلى أخرى للاستفادة من الثغرات الضريبية أمر خاضع للجدل أخلاقيا ويظهر الحاجة إلى تنسيق الضرائب بين الدول. وطرحت وزارة الخزانة الأمريكية مؤخرًا فكرة اعتماد حد أدنى لمعدل الضريبة عالميًا على الشركات.
والمقترح الذي أيده صندوق النقد الدولي ورحبت به دول مثل فرنسا وألمانيا، قد يتم التوافق حوله بحلول الصيف بفضل المفاوضات الجارية في مجموعة العشرين. لذلك، فإن لشركة أمازون مصلحة في إقامة علاقات جيدة مع حكومة جو بايدن. فتأثير الزيادة الضريبة التي يخطط لها الرئيس سيكون على الأرجح أقل كلفة بالنسبة لها من فرض ضريبة محتملة على المنصات الرقمية تنادي بها الدول الأوروبية.
ولاحظ ستيف روزنتال الباحث في مركز أوربان بروكينغز للسياسة الضريبية أن «أمازون بحاجة إلى دعم من حكومة الولايات المتحدة لمكافحة مخاطر الازدواج الضريبي». ومن ثم فإن تأييد جيف بيزوس لخطة الرئيس قد تنبع برأيه من «أمل أمازون في كسب ود بايدن» قبل أن تنتهي المفاوضات.