جدل قانوني: “دفاع 28”.. تعطيل أم مصلحة عامة؟
محمد الكيالي
عمان- فيما اعتبر محامون أن أمر الدفاع رقم 28 الذي أصدره رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، مؤخرا، سيؤثر سلبا في تقاضي حقوق موكليهم والحصول عليها، شدد آخرون على أن الأمر جاء بغية منح فرصة للمدينين لترتيب أوضاعهم المالية تجنبا للحبس.
ويتيح أمر الدفاع رقم 28 لسنة 2021، والصادر بمقتضى أحكام قانون الدفاع رقم 13 لسنة 1992، استمرار إجراءات التقاضي، وطلب تثبيت الحقوق بين الدائن والمدين، دون تنفيذ إجراءات الحبس بحق المدين حتّى نهاية العام الحالي، مع التأكيد على منع المدين من السفر لحين قضاء الدّين.
وينص على وقف قرارات حبس المدين الصادرة وفق قانون التنفيذ، بموجب المادة (22) ووقف تنفيذ الاحكام الجزائية المتعلقة بشيك لا يقابلة رصيد، وفق المادة (421) من قانون العقوبات حتى نهاية العام.
وفي هذا السياق، أكد عضو مجلس جمعية المحامين الشرعيين، المحامي رفيق شحادة، أنه قبل إصدار أمر الدفاع رقم 28 كانت توجيهات المجلس القضائي هي العمل بقانون التنفيذ لسنة 2020 فيما يتعلق بالمادة 19 والخاصة بالإشكالات التي طرحت حول حبس المدين.
وأشار شحادة إلى أن "قانون التنفيذ منح صلاحية لرئيس التنفيذ الحق في تأجيل الحبس، ولم يكن على هذه المادة أي خلاف”، موضحا أنه ونتيجة لجائحة كورونا واكتظاظ السجون، "تم تأجيل حبس المدين مع وضع إشارة منع السفر أو أخذ الضمانات الكافية”.
ونوه إلى أن هذا "التأجيل أعطى الفرصة للمتعثر بالتوقف عن سداد الدفعات، رغم أن المحامين يلجأون في آخر مرحلة من عملهم في حال عدم الدفع، الى حبس المدين”، مؤكدا أن المحامين ارتأوا الحصول على 25 % من قيمة المبالغ المترتبة على المدين وفق احكام القانون، وتقسيط النسبة المتبقية بقرار من رئيس التنفيذ أو باتفاق مشترك مع المدين.
ولفت شحادة، إلى أن 90 % من المدينين أو المحكوم عليهم، أصبحوا غير ملتزمين بالتسويات المعروضة عليهم من قبل المحامين، بعد صدور أوامر الدفاع التي تختص بحبس المدين، إما بسبب الجائحة أو بسبب المماطلة في السداد.
وبين أنه مع عودة المحامين إلى المحاكم في بداية حزيران (يونيو) العام الماضي، لم يقم مدين بدفع الأقساط المترتبة عليه، مشيرا إلى أن لديه 25 قضية تم تقسيط المبالغ فيها على المدينين، لم يلتزم بينهم سوى مدين واحد فقط.
وأشار شحادة إلى أن أمر الدفاع رقم 28 ألغى التعليمات وعطل نصوص القانون الخاصة بحبس المدين وأجل العمل فيها الى ما بعد نهاية العام الحالي 2021.
وأوضح أن امر الدفاع رقم 28 أعطى الاستقرار القضائي والقانوني والصلاحية للمدين بعدم دفع المبالغ التي عليه.
وتساءل شحادة "هل أمر الدفاع رقم 28 يساهم بشرعنة إلغاء حبس المدين؟”، مبينا أن قانون الإعسار تطرق إلى السبل التي يتم فيها تأجيل حبس المدين، والقانون في هذا الواقع غير مفعل.
وبين أن الالتزام الأدبي للمحامي عبر توقيعه اتفاقية مع موكله للسير في قضيته، تجبر المحامي على إكمال القضية، مبينا أن الموكل في حال لم يدفع أتعاب المحامي فإنه لا يوجد أي قانون يجبره على الدفع في الوقت الحالي.
وأوضح أن توقف المحامي عن التحصيل سيؤثر أيضا في حصوله على حقه أو أتعابه، خاصة إذا كان هناك اتفاق بين المحامي وموكله حول الحصول على الأتعاب مقسطة في حال التحصيل من المدين.
بينما قال المحامي علي نوفل، إن أمر الدفاع رقم 28 انعكس سلبا على اداء العمل القضائي فيما يتعلق بقانون التنفيذ تحديدا، حيث أصبح يهدد حقوق الدائنين والمواطنين واستحالة تحصيل الدين من المدين.
وأضاف نوفل، "أصبح هناك تغول واضح من السلطة التنفيذية والمتمثلة بالحكومة على عمل السلطة القضائية والسلطة التشريعية، فيما يتعلق بتعديلات قانون التنفيذ الذي هو من اختصاص السلطة التشريعية”.
وأشار إلى أن مبدأ الفصل بين السلطات، هو مبدأ مكرس في الدستور الأردني، وأن الحكومة بإصدارها لهذا الأمر، "أعاقت عمل السلطتين التنفيذية والتشريعية وعطلت عملهما”.
بدوره، قال الباحث الدستوري المحامي بشير المومني، إنه "لا يعتقد ان هناك تأثيرا سلبيا كبيرا على قطاع المحامين نتيجة لأمر الدفاع رقم 28″، موضحا أن خلاصة أمر الدفاع رقم 28 هي "تأجيل أحكام الحبس على المدين لنهاية العام”.
وبين أن المحامين يمثلون أطراف العلاقة في الدعاوى التنفيذية وقضايا الشيكات سواء أكان دائنا ومدينا او مشتكي ومشتكى عليه.
وأضاف، "كما للدائن والمشتكي محام، فللمدين والمشتكى عليه محام ايضا”، معتقدا أن أمر الدفاع رقم 28 جاء تحقيقا للمصلحة العامة بحيث يتقدم النفع العام على النفع الخاص حتى لو تضررت بعض الفئات. وأكد المومني أنه لا يجب أن "ننسى أن هذا قرار مؤقت وسيصار الى المثابرة على تنفيذ الأحكام بعد فتح القطاعات الاقتصادية بشكل كامل وهذه فرصة كبيرة للمدين للعمل والوفاء”، لافتا إلى أن الدافع لتحريك الدعوى هو اقتضاء الحق المالي بشكل أساسي وليس الحبس نفسه.