أسبوع حافل!
د. محمد حسين المومني
بعد رسالة ملكية من جلالة الملك لشعبه، يطمئن الناس فيها على منعة وقوة الأردن ودفعه لأثمان جراء مواقفه، تنطوي صفحة أحداث مثيرة وغير مسبوقة عاشها الأردنيون على مدى أسبوع، انتاب الأردنيين خلاله الغضب والحزن والثقة في آن معا: غضبوا أن منهم من سولت له نفسه التخطيط للعبث بأمن واستقرار الأردن، وحزنوا لماذا يستهدف هذا الوطن من الخارج والداخل وهو لم يكن يوما إلا محراكا للخير والوئام ومنبرا للتسامح والنبل، وانتابت الأردنيين ثقة مردها قدرة قيادة هذا البلد وأجهزته على وأد الفتن وإيقاف العبث وترسيخ الأمن الذي هو جوهر وجود المجتمعات وعصب تقدمها. كان يمكن للأردن أن يكون أشد بطشا في التعامل مع ما حدث، ولكن إرثه أملى عليه أن لا يكون إلا متسامحا عادلا يعمل ضمن مؤسسية القانون والدستور.
مساران لمستقبل ما حدث: سمو الأمير حمزة برعاية الملك في قصره مع عائلته بعد رسالته التي وضع فيها نفسه بين يدي الملك متعهدا السير على نهج الآباء والأجداد الذين ما كانوا يوما إلا عضيدين لعميد آل البيت في زمانهم… رسالة كان لحكمة وخبرة سمو الأمير الحسن بصمات واضحة فيها، وهو العالم بالتاريخ الأردني وما قبله من قرون من الحكم الهاشمي. أما المسار الثاني فهو التحقيقات التي تجري مع من تم توقيفهم، ثم التكييف القانوني فبدء جلسات الحكم، ليصدر القضاء حكمه العادل بحسب حجم الجرم ونوعه كما ستكشفه التحقيقات. بعد فترة من الزمن ستبدأ الجلسات ومن ثم سنسمع الحكم الذي نثق أنه سيكون عادلا من قضائنا النزيه الذي لا يقبل ولا الأردن يقبل أن يدان فيه بريء.
ما حدث جلب الانتباه العالمي والمحلي على نحو كبير، لأنه غير مسبوق، فلم يحدث أن عايشنا هكذا نوع من الأحداث على مدى مائة عام من عمر الدولة، وإن كنا قد شهدنا محاولات انقلاب تحطمت جميعها على صخرة الصمود الأردني. الدروس المستفادة عديدة، يعلوها على الإطلاق أن لا ننتظر طويلا حتى تتحول المشكلة الى أزمة، وتعلمنا أيضا أن زيادة الوعي والوحدة واللحمة الوطنية زادت الأردن الكبير الذي يشكل أساسا لمنعته. آن لنا أن نتعلم ونتحصن من منطق من يتجاوزون حدود الحق بالمعارضة للدخول في حرمة ارتكاب ما يمس الاستقرار، فمنطقهم واحد… أن الدنيا خراب والبلد سائر نحو المجهول والفساد عم وطم، وما الخلاص إلا بنا نحن من نقول بذلك، وهؤلاء من خبرتنا بهم عبر تاريخنا تارة يكونون تيارا أو حزبا أم مجرد أصوات فوضوية مبعثرة، لكن كلها تجتمع على تسويد الحياة والبلد في وجوه الأردنيين لكي تنال من وحدتهم وسلمهم الأهلي. النقد مشروع، والمعارضة البناءة ضرورة وطنية، لكن ذلك يجب أن يتم بموضوعية وإنصاف، لا أن نرسم الوطن أنه منهار في عيون أبنائه، ففي ذلك ظلم عظيم والظلم ظلمات والفتنة أشد من القتل.
عبرنا هذه الأزمة وسنعبر غيرها، زادنا في تحقيق ذلك قيادة حكيمة رائدة سمحة، وأجهزة يقظة محترفة فيها خيرة أبناء الوطن، ومواطن واع محب لبلده منتم لترابه. حمى الله الأردن والأردنيين.