حسن صفيره : لهذه الأسباب صناعتنا ليست بخير واتفاقياتنا مع الدول العربية والاجنبية عقيمة ومختلة .. وينك يا حكومة ..؟؟

خاص / حسن صفيره

ما زال القطاع الصناعي في الاردن يعاني من التجاهل الحكومي لمقوماته والنواحي المؤثرة في استرداد عافيته بعد دخول الأردن في جائحة كورونا والنتائج السلبية التي خلفتها الإجراءات الاحترازية الصحية من اغلاقات وحظورات دمرت واهلكت ما تبقى من مؤسساتنا الصناعية المحلية وقد اغفلت الحكومتان المعاصرتان للمرض ألاسباب الرئيسية للخروج من هذه الأزمة ومنها الخلل الواضح في الاتفاقيات العربية الشاملة والثنائية وحتى التي تم التوقيع عليها بمشاركة بعض الدول وقد اختلت فيها البنود وتطبيقها على الواقع بما يعطي الدول المقابلة الميزات ويحرم منها منتجاتنا وصناعتنا ولم تحرك إزاء ذلك حكومتنا لاصلاح العطب وتصويب المسار.

اتفاقية جامعة الدول العربية والتي نصت صراحة على تشجيع التبادل التجاري والعمل على تسهيل مهمة انسياب البضائع فيما بين الدول العربية دون قيود ادارية او رسوم جمركية تجد ان الاردن بدوائره الرسمية ملتزماً بالكامل ببنود هذه الاتفاقية الا ان البلدان العربية الاخرى كمصر والعراق وفلسطين وغيرها من الدول أخذت بالتنصل من هذه الاتفاقية وتعمل على فرض الرسوم وتضع العراقيل بحجة تشجيع منتجها المحلي ونحن أمام هذا لا يكون لحكومتنا اي ردة فعل معاكسة ومماثلة لما يجري وكأننا أصبحنا عاجزين عن حتى البحث والمراجعة مع الحكومات الاخرى وبالطبع فمن يدفع الثمن هنا صناعتنا وبضائعنا التي كسد سوقها الخارجي والداخلي واصبحت لا تستطيع مجاراة المنتج العربي الذي يحظى بدعم حكومي في بلدانهم من اعفاءات وتخفيضات على الطاقة والمواد الخام والعمالة.

اتفاقية اغادير التجارية والتي تم التوقيع عليها بالاضافة للأردن البلدان العربية مصر والمغرب وتونس وفلسطين فقد أصابها الخلل في أكثر من جانب فالجمهورية العربية المصرية تشترط على البضائع الواردة من المملكة الأردنية ان تكون مسجلة رسميا في مصر وهذا التسجيل يتطلب إجراءات تعقيدية ومصاريف باهضة يصعب إنجازها وعلى عكس معاملتنا للبضائع المصرية التي يتم التسهيل لها وفتح كل ابواب المساعدات الحكومية الأردنية لمنتجاتهم التي باتت مفضلة عن المنتج المحلي بحكم تدني أسعارها لعدم وجود ضرائب ورسوم بحكم الاتفاقيات وأدى هذا إلى توقف العديد من المصانع وتسريح اعداد كبيرة من العمالة تم اضافتهم إلى صفوف العاطلين عن العمل لدينا .

كما أن هذه الاتفاقية أصابها العقم مع الجانب الفلسطيني بعد أن تحكمت أجهزة ما يسمى دولة إسرائيل بمدخلات ومخرجات البضائع الصادرة والواردة إلى فلسطين من الأردن واصبحت تفرض عليها املاءاتها المالية وقراراتها التعسفية حتى تنفرد هي ومنتجاتها بالسوق الفلسطيني وهذا ما حصل بالفعل إلى أن أصبحت الاتفاقية مع الشقيقة فلسطين بحكم المنتهية ولا يستفاد منها من قبل الطرفين.

وعلى جانب اخر كان مجلس الوزراء الأردني قد أوقف في آذار/مارس 2018 العمل باتفاقية التجارة مع تركيا بحجة أن الاتفاقية ليست في صالح المملكة وتضر بالمنتج الوطني والصناعات المحلية وبغض النظر عن الأهداف السياسية وراء هذا الإجراء الغير مدروس فقد كانت تركيا مستعدة لزيادة حجم التبادل التجاري معنا واعتماد الأردن للدارسين للغة العربية من الاتراك والعمل على زيادة اعداد السياح للمملكة مما يزيد من مداخيل العملة الصعبة ويعد تشجيعا للقطاعات السياحية والتعليمية وناهيك عن هذا كله فان تأثر صناعتنا كان سلبيا بالغاء الاتفاقية بعد استغلال الجانب المصري لخطوة الحكومة وبعد أن قامت باغراق الأسواق الأردنية بمنتجاتها المصرية ذات الاسعار المتدنية بسبب انخفاض كلفة الإنتاج لدعمها حكوميا في اوطانها وعدم وجود أي رسوم من جانب الأردن مما جعل رواج بضائعها اسهل وعقد الأمر أمام صناعاتنا ومنتجاتنا الملاحقة بدفع الضرائب واثمان الطاقة وارتفاع تكلفة اليد العاملة وغيرها من العقبات والمعيقات.

وعن جانب علاقتنا مع القطر العراقي الشقيق الذي يعد سوقه من أفضل واقوى الأسواق العربية بعد اشتعال حربه مع إيران وانشغاله بصراعات داخلية وخارجية حيث كان الأردن يُصدر اليه آلاف المنتجات الصناعية ما قبل العام ٢٠١٦ الا ان هذا الرقم بدأ بالتقلص إلى أن وصل الى ٣٤٠ سلعة معفاة من الجمارك من اصل٧٠٠ سلعة كان الأردن قد طالب بادراجها وكانت الحجة لديهم لتشجيعهم صناعاتهم المحلية الا ان هذا الأمر لم يكن صحيحا فقد كان للدور الإيراني ولمصالحه التجارية الأثر في تخفيض اعداد السلع وكمياتها بعد أن فتحت الآفاق للمنتج الإيراني وقد اصبح مجمل صادراتنا للعراق لا يتعدى ٥٠٠ مليون دولار بعد أن كان يزيد عن المليار ونصف المليار دولار وبالمقابل فان صادرات إيران للعراق تفوق الان الـ ٦ مليارات دولار.

واضف إلى ذلك أن من مطالب العراقيين التعجيزية هو في انشاء مدينة حدودية صناعية كشرط لاستقبال البضائع وان كُانا لسنا ضدها بل ومعها إلى أن انشاءها يتطلب وقت وجهد ومال يصعب الان توفيره في ظل أجواء المرض والكساد والانشغال في أمور اكثر حاجة وننوه هنا بأن زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني الاخيرة إلى العراق كان لها مردود ايجابي على زيادة الصادرات إلا أن عدم المتابعة الحكومية لنتائج الزيارة الملكية قد اعاد الأمور إلى المربع الأول.

 

في ظل هذه الأوضاع المأساوية التي ترزخ تحت ظلالها صناعتنا المحلية فالمطلوب الان وعلى وجه العجل والسرعة من الحكومة ومن وزارة الصناعة والتجارة بالتحديد ومن اجل انقاذ ما تبقى من مصانعنا وصناعتنا العمل على إعادة النظر في مجمل الاتفاقيات التجارية مع الدول العربية والاجنبية ايضا بما يكفل عدم اختلال الميزان التجاري معها وان تكون المعاملة بالمثل كما يجب دعم القطاع الصناعي بتخفيض فاتورة الكهرباء وتشجيعه ودعمه ماديا لانشاء وحدات الطاقة البديلة والعمل على خفض الرسوم الجمركية على مدخلات الإنتاج ووضع له سلم اعفاء ضريبي سنوي على كل يد عاملة أردنية تعمل في المصانع ويكون هنالك تعليمات في تيسير الإجراءات الحكومية لهذا القطاع في التراخيص والضمان الاجتماعي والضريبة العامة وتصاريح المرور وغيرها من مستلزمات إدامة العمل والا سنفقد اهم ركن من أركان الاقتصاد الوطني الذي يعول عليه جلب العملة الصعبة وتشغيل الشباب الاردني وتوفير السيولة النقدية في الأسواق التجارية ودعم صندوق الدولة فإذا صلحت صناعتنا يكون بلدنا بخير وان كان عكس ذلك لا سمح الله فان الناتج حتما سيكون وخيماً وكارثياً.