رؤية أميركية حول الأردن
ماهر أبو طير
ينشر معهد واشنطن للسياسات مقالا صحفيا حساسا حول الأردن، والقضية التي شغلت الأردنيين، مؤخرا، وأثارت ردود فعل عالمية وعربية، والمقال مهم لبعض النقاط فيه.
معهد واشنطن للسياسات، على الرغم من اتجاهه المعروف مسبقا، الا ان له تأثيرا على القرار في الولايات المتحدة، وهو احد المراكز البحثية المهمة التي تحلل شؤون الشرق الأوسط، ومعه مراكز ثانية، ومراكز نفوذ تستمع لها الإدارة الأميركية في واشنطن، في محطات مختلفة.
المقال جاء بقلم روبرت ساتلوف المدير التنفيذي للمعهد مع غيث العمري وهو زميل أقدم في المعهد ومحاضر سابق في القانون الدولي في الاردن، وكلاهما يتناول الظرف الأخير، مع رؤية تحلل المستقبل، والاخطار في المنطقة، من جهة، ومستقبل الأردن من جهة ثانية.
سواء اتفقت مع المدير التنفيذي او اختلفت معه، وهو خبير في السياسات العربية والإسلامية بالإضافة إلى سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط، الا انه يتطرق الى نقاط مهمة هنا، خصوصا، حين يحلل الظرف الحالي، والمخاطر القائمة من احتمال توظيفها مجددا، في وقت لاحق، بما يوجب معالجات جذرية على مستويات مختلفة، داخل الأردن والمنطقة.
يقول الكاتبان بشكل محدد ومباشر عن الظرف الحالي في الاردن
"الحفاظ على استقرار الأردن يحتاج إلى رعاية وليس شيئاً يجب أن يعتبره أصدقاء واشنطن أو عمّان في المنطقة أمراً مفروغاً منه” .
ويقولان في نقطة ثانية..” غالباً ما شكا المسؤولون الأردنيون من أن الدول المجاورة وواشنطن تعتبر الأردن من المسلّمات، وتحوَّل هذا الشعور إلى خوف في عهد إدارة الرئيس الأميركي السابق، التي حافظت على مساعدات كبيرة للمملكة، لكن كان يُنظر إليها على أنها غير مهتمة بآراء عمّان بشأن السياسات في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ويبدو أن الأحداث الأخيرة قد ذكّرت العديد من العواصم بأن التطورات المحلية في الأردن يمكن أن تلعب دوراً مركزياً في الأمن في المنطقة”.
عبر النقطتين السابقتين يفترض الكاتبان، ان الظرف الأخير، لا بد أن يولد استجابة عربية وعالمية بغير التضامن السياسي، نحو خطوات تعزز الاستقرار في الأردن، خصوصا، ان اكبر الازمات هنا، اقتصادية، ولها تداعيات على اصعدة مختلفة، بما في ذلك الصعيد الاجتماعي، واستخلاصا من المقال، فإن الظرف الأخير، لا بد ان يعيد تموضع قوى المنطقة والعالم، وتحديدا الولايات المتحدة، تجاه الأردن، وامام اي مهددات قد تحيط به.
يفترض الكاتبان أيضا، ان هذا الظرف، سيعيد ضمنيا انتاج كثير من المواقف داخل الأردن، إذ إن كل الكلام عن الإصلاح السياسي، وتأثيرات الجائحة وغير ذلك، مثلا، سيتعرض الى تغييرات بنيوية، اما عبر تبني برامج جديدة، او تغير المواقف الحالية، نحو أي اتجاه جديد، فلا يمكن وفقا لمنطوق الكاتبين، ألا يترك الظرف الأخير، تأثيرا على الصعيد الداخلي.
في بعض اتجاهات المقال، تكثيف لفكرة تقول ان الظرف الأخير، يجب ان يغير كل شيء، فلا يكفي الأردن، فعليا، التضامن السياسي فقط من دول العالم، خصوصا، ان تهديد الأردن، لأي سبب، او تركه في ظروف صعبة، امر خطير للغاية، وله ارتدادات على كل الإقليم، والعالم، وبدون ان يؤشر المقال على الحل بشكل محدد، الا انه يقوله بشكل آخر، عبر الحض على استجابة مختلفة من دول العالم، إزاء الأردن، الذي يمر بظروف صعبة، خصوصا، مع ضغوطات الملف الاقتصادي، من جهة، وضغوطات الولايات المتحدة في الملف الفلسطيني، والجبهات المفتوحة التي تطالب بالإصلاح السياسي.
جوهر المقال يتلخص ببعض كلمات موزعة بين فقرات في المقال ..”يجب على الولايات المتحدة الاستمرار في التعبير عن دعمها الحازم للأردن وحث حلفائها على التعبير بشكل ملموس عن هذا الدعم، إن الاهتمام وحده من واشنطن والدعم المناسب من الأصدقاء الآخرين، يمنحان عمان فرصة لإجراء إصلاحات ضرورية أعمق لحماية المملكة من تكرر نوبات قد تؤثر على الاستقرار، ويجب أن تتمثل الأولوية في مساعدة عمّان على تخطي هذه الحادثة”.
يبقى السؤال: هل ستقرأ واشنطن وغيرها الظرف الأردني، بطريقة عميقة، تؤدي الى تغير في طريقة التعامل معه، ام انها ستكتفي، بالتضامن، مع ترك الأردن امام تحديات مختلفة؟.