صحيفة عبرية: يطالبون بحق المثليين ويطردون شعباً كاملاً من أرضه.. لهذا تصبح كل جائزة تقدير إسرائيلية أمراً مخجلاً

ليس هناك أي أهمية في الجائزة التي تعطيها حكومة إسرائيل لإسرائيليين، الذين تتحدث إنجازاتهم عن نفسها. ولا يوجد احترام في الجائزة التي يعطيها وزير التعليم، الذي كان قائداً عسكرياً في السابق، ومشاركاً في سياسة حصار قطاع غزة. لا يوجد مجد في جائزة رسمية تُعطى في يوم كله نفاق: يقولون استقلال ويقصدون الطرد. يغنون للحرية ويخططون لعملية سلب الأراضي القادم. يخففون تنويرنا ويطورون نظام التفوق اليهودي.

لا يمكن إدانة الحاجة إلى الاعتراف العام والتقدير. ولكن يجب الإشارة: انتبهوا للتزوير الذي يكتنف الاحتفال وورع المنظمين وغطرستهم والتظاهر بأن كل ما لدينا صحيح وجيد وطبيعي. ومسموح أن نطلب: لا تكونوا جزءاً من هذا الوضع الطبيعي الإجرامي.

إسرائيل ليست الدولة الأخيرة المنافقة التي يستند عيدها الوطني إلى المس المستمر بالآخرين، وهي ليست النتاج الوحيد والحصري للكولونيالية الاستيطانية والوعي المتفوق الذي أنتجه، وليست وحدها التي يتم فيها تخليد الفجوات الاقتصادية والاجتماعية القائمة على الفصل العرقي والديني، رغم وجود إطار رسمي يتمثل بنظام ديمقراطي. ولكن في حين أن أجزاء كبيرة من المجتمعات المدنية في دول مثل فرنسا وألمانيا ونيوزيلندا، وحتى الولايات المتحدة، تدرك الأعطال الهيكلية، فإن القدامى الذين رافقوا عمليات الولادة وإجراءات بلورتها وحاولوا إصلاح ولو جزء منها، لا يمكنهم قول الشيء نفسه عن إسرائيل.

بالعكس، ففي ظل رعاية ما يسمى عملية سلمية، تتنكر اسرائيل لأي صلة تاريخية ومشاعرية وثقافية ومادية للفلسطينيين بوطنهم. أثبت الدولة اليهودية في السنوات الثلاثين الأخيرة صدق ادعاءات الفلسطينيين بأن الصهيونية، منذ عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين، حركة كولونيالية، تطرد شعباً من وطنه وهذا هو هدفها ونتاجها الثانوي.

لو أن معظم اليهود في إسرائيل يعارضون سياسة الحكومة لأمكن القول بأن الجائزة لا تنتمي لليكود و”كهانا حي” وجمعيات اليمين الاستيطاني مثل "حتى الآن” و”رغافيم” و”أمانة”، وكان يمكن القول إن الجائزة للشعب وعلماء رياضيات مبدعين وممثلات يقمن بعكس الواقع متعدد التناقضات، هم ممثلو نفس الشعب، لذلك يستحقون التقدير. ولكن علينا ألا نكذب على أنفسنا، فعندما يدور الحديث عن سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر فإن معظم اليهود يؤيدونها، ولا فرق هنا بين "أزرق أبيض” و”يمينا”، وبين اتباع "الظل” ومعظم المتظاهرين في بلفور. الكثيرون منهم متنورون عندما يدور الحديث عن حقوق المثليين، وعن العنف ضد النساء وعن الحاجة إلى معاقبة من يفعلونه بشدة. ما زالت مبادئ دولة الرفاه تتحدث إلى قلوب أغلبية الجمهور. الاعتراف بالإضرار والتمييز المنهجي ضد من جاءوا من الدول العربية والإسلامية، هو أمر واسع ويتسع. ولكن هذا التنور والتقدم له حدود جغرافية وعرقية واضحة.

أطباء وعاملون اجتماعيون وباحثون لم يطالبوا بأن يحصل الفلسطينيون في غزة والضفة على اللقاح ضد كورونا. رجال قانون وجغرافيا ورجال "هايتيك” ومؤرخون لا يتجندون بجموعهم لوقف السيطرة العنيفة على أراضي الضفة بواسطة الإدارة المدنية ومجلس المستوطنين ومشاغبي التلال. ولا يبادرون إلى الانضمام لمخططين ومهندسين معماريين للمطالبة بإرجاع فوري لأراض تعود للعرب وقرى فلسطينية في إسرائيل (مثل الناصرة وأم الفحم). طرد العرب في شرقي القدس من بيوتهم وأحيائهم عن طريق شرعنة قضائية، لم يسوغ لرؤساء الجامعات والكليات أو حتى الطلاب أن يخرجوا إلى التظاهر.

الصمت والتجاهل وعدم اهتمام، مثلها مثل الدعم الفعال؛ لأن الشعب اليهودي في إسرائيل يميني وقومي متطرف. السياسة القومية المتطرفة للحكومة تعكس ما يعتمل في قلبه ولا تناقضه. جائزة التقدير من هذا الشعب وحكومته جائزة مخجلة.

بقلم: عميرة هاس
هآرتس 13/4/2021