هل كان آخر كلاسيكو لميسي؟
مثلما جرت العادة كل مرة، أثار كلاسيكو الريال مع البارسا الكثير من ردود الفعل وكثير من الجدل في الأوساط الاعلامية والجماهيرية بشأن التحكيم ورونالد كومان وزيدان، وخاصة ليونيل ميسي الذي راح البعض يعتبره آخر كلاسيكو يشارك فيه قبل الرحيل بعدما عادل الرقم القياسي في عدد المشاركات المسجل باسم سيرخيو راموس برصيد 45 مباراة، وعادل الرقم القياسي الآخر الذي كان بحوزة تشافي في عدد المشاركات في كلاسيكو الليغا بمجموع 29 مباراة، لكنه لأول مرة يصوم عن التسجيل في الكلاسيكو على مدى المباريات السبع الأخيرة منذ رحيل كريستيانو رونالدو عن الريال، وهي كلها مؤشرات جعلت المتابعين يعتبرون مواجهة الريال السبت الماضي هي الأخيرة في مشوار ميسي، لأنه يقترب من الرحيل عن البارسا الى وجهة أخرى لم تتحدد بعد، ولن تسمح له بالمشاركة في كلاسيكو الأرض بعد اليوم، الا اذا انتقل الى الريال وهو الأمر الذي يعتبر من المستحيلات السبعة.
عشاق البارسا لا يتصورون سيناريو الرحيل، وعشاق المستديرة لا يتقبلون كلاسيكو بدون ميسي ورونالدو الذي غادر الريال صيف 2018، ما أفقد المواجهة الكثير من خصوصيتها ونكهتها واثارتها في ظل الاعتقاد السائد بقرب رحيل لاعب شكل كابوسا لكل الأندية الاسبانية والأوروبية قبل أن يتراجع تأثيره ومستواه هذا الموسم، امتداداً لتراجع مستوى البارسا الذي صار فريقا عاديا لنجم غير عادي، لم يعد يتحمل الخسائر والاخفاقات ومزيدا من الضغوطات، مقابل ريال مدريد متميز تخلص من عباءة رونالدو بعدما تجاوز فترة رحيله التي تميزت بتألق بن زيمة ومودريتش وتوني كروس، ما زاد من تعميق مشاعر التذمر والحسرة في الأوساط الكروية الكتالونية التي يؤلمها تتويج الريال بلقب الدوري في موسم يبقى مفتوحا على كل الاحتمالات.
ميسي لا يزال صامتا كعادته، ما عزز الشكوك والغموض بشأن مستقبله القريب، لكن تكرار النتائج السلبية في المواعيد الكبرى قد لا يساعد الأرجنتيني على الاستمرار، خاصة بعدما خسر أمام الريال ذهابا وايابا، وخسر امام باريس سان جيرمان في دوري الأبطال، وقبلها خسر أمام أتلتيكو مدريد في الدوري وأمام أتلتيك بلباو في الكأس السوبر الاسباني، في انتظار التحدي الجديد السبت المقبل في نهائي كأس ملك إسبانيا الذي سيكون فرصة لميسي لتجديد العهد مع الألقاب، وتجديد الأمل في استمراره مع البارسا رغم الظروف الصعبة والضغوطات الكبيرة التي يتعرض لها، والعروض التي تنتظره في حالة إصراره على الرحيل الذي سيشكل حدثا لم يسبق له مثيل مع أي لاعب آخر.
ورغم الخسارة أمام الريال في الكلاسيكو وتراجع أداء ميسي ونتائج الفريق هذا الموسم وترقب البياسجي والمان سيتي، فقد أظهرت من جهتها الصحافة الكتالونية بعد الكلاسيكو تفاؤلا كبيرا ببقاء ميسي بعدما بدأ يقتنع بمشروع الرئيس خوان لابورتا وتحسنت علاقته مع المدرب رونالد كومان، وبعدما أدرك أن الرحيل في هذه الظروف سيخرجه من الباب الضيق من فريق العمر الذي صنع أمجاده وحقق معه كل الألقاب والبطولات الفردية والجماعية، لدرجة صار اسمه مقترناً بالبارسا، وأصبح من الصعب تصور ميسي من دون البارسا، أو البارسا بلا ميسي الذي توج معه بعشرة دوريات وستة كؤوس محلية، وثلاثة كؤوس سوبر، وثلاثة كؤوس عالمية للأندية، اضافة الى تتويجه بأربع ألقاب في مسابقة دوري الأبطال الأوروبية، في مشوار سجل فيه 676 هدفا في 802 مباراة في جميع المسابقات.
تحاليل أخرى تتوقع استمرار ميسي مقابل رحيل رونالد كومان الذي حملته الادارة مسؤولية الخسارة أمام الريال، وتبرأت من تهكمه على التحكيم، وتريد تعويضه بمدرب يرضى عنه ميسي الذي يسعى جاهدا من أجل عودة نيمار، وربما حتى لويس سواريز لاعادة تشكيل ثلاثي الرعب واعادة أمجاد البارسا وتلك الأيام الجميلة التي صنعها الثلاثي، وهي المأمورية التي تبدو صعبة، لكن ليست مستحيلة من أجل استمرار الأرجنتيني لسنوات أخرى مع البارسا.
تباين التوقعات يمدد من عمر الاثارة الى أن ينطق ميسي معلنا استمراه أو رحيله رسميا، وعندها سيكون كلام آخر عن البارسا وميسي والفريق الذي ينتدبه، لتنتهي مرحلة طويلة بكل ما فيها وعليها، وتبدأ أخرى لن تطول، يطوي أثرها كتاب مليء بالوقائع والأرقام والصور الجميلة التي قد لا تتكرر في هذا الزمن مع مبابي وهولاند وكل الأسماء التي تتصدر المشهد الكروي اليوم.
حفيظ دراجي
إعلامي جزائري