بلاغة المعنى بقصد حلاوة المغزى (سر فلا كبت بك الفرس) .. بقلم / د.حازم قشوع

هناك مفردات تركب على المعني بقصد المغزى وهنالك جمل تفهم من الاول كما تفهم من الاخر، وهنالك عبارات تقراها من اليمين كما تقراها من اليسار، لكن معناها يولد في الباطن ولا يتشكل في الظاهر، كونها ركبت ليراد منها ما يراد، فيرددها العامة بحكم تشكيلاها ويفهمها الخاصة بحكم مرماها، وتكون واضحة كالجملة التي ننشدها لصاحب المقام عندما نفول (دام علا العماد ) فيتم سماع (سر فلا كبت بك الفرس) وهي عبارات ذات مفهوم واحد وتقرا باتجاهين كما تحمل مدلولا يفهمه الخاصة بينما تقراه كل العامة.

وهذا ما يمكن إسقاطه ايضا على الافعال، عند فعل فعل يراد به غير ما تم فعلة، او تصميم سياسية لا يفهم معناها الا عند استنباط بحور وقعها ودوافع اتخاذها، او سرد رواية شيقة تروي للاطفال بينما يقصد بها بيت القرار، وهذا ما يمكن قراءته في شعر احمد شوقي في الديك، عندما قال مخطئ من ظن يوما ان للثعلب دينا، فان العلاقة هنا تبدو واضحة بين سورة المعنى وصورة المقصد.

وهذا ما يمكن مشاهدة ايضا في عناوين المشهد السياسي في المنطقة فهناك جمل سياسية تركب لا تحمل مضمون ما يرى، وهنالك تقاطعات عامة بدات ترسم لكن ضميرها ما زال مستترا، كما ان هنالك تصريحات تطلق وربما اتفاقات قد تبرم لكن مآربها تختلف عن مقاصدها، وهذا ما يجعل المتابعين للشان السياسي حائرين في الاستنتاج بين ما يراد وبين ما يتم يفعله، وهو ما يعزوه البعض لسرعة الاصطفافات المتباينة في المشهد العام.

والتي قد تكون مندفعة من دافع جمل اسمية وليست خبرية لذا كان خير ما يفعل في داخل المشهد العام هو الوقوف بصمت وفق سياسة الاختزال التقديري وعدم تحديد بوصلة الاتجاه، هذا لان خارطة التشكيل قد تكون زائفة وليس حقيقية بالمفهوم الضمني لصياغة او صيانة الاحداث، فان بوصلة التشكيلات مازالت في مجملها تحمل مغزى واقع ولا تستند لذات الدافع الذي يجعل منها حقيقة وليست مسالة كامنة في البيان او في التبيان.

وفي انتظار عبارة سر فلا كبت بك الفرس، لمعرفة بوصلة الاتجاه وعنوان التوجه، تكون الاطراف المشاركة في رحى الاصطفاف او تلك المتداخلة فيها، تعيش حالة التوقع بالاستدلال، ولا تفف عند المعلوم من احداثيات الزوايا والتي قد تكون الحادة منها افضل من المنفرجة، لاسيما مع بدايات العهد الجديد، الذي ما زال مجهول المعادلة و الذي ايضا مازالت هويته غير معروفة، فكيف للذي ينبري بتقدير سياسي لمعادلة مجهولة المدخلات وغير معلومة التوجهات ولا يتوقع محصلة فقط بل يذهب باتجاه فعل، لذا ما يسعنا الا ان نقول ( دام علا العماد ) فلربما ياتي الرسن هذه المرة.