«مجلس الشعب» السوري يعلن موعد انتخاب الأسد الشهر المقبل

أعلن «مجلس الشعب» التابع للنظام السوري عن موعد الانتخابات الرئاسية التي ستعقد في 26 أيار/مايو المقبل، وأكد في جلسة استثنائية لمجلس الشعب أن فتح باب الترشح سيكون اعتباراً من اليوم الاثنين. ويعتبر معارضون سوريون أن إعلان «مجلس الشعب» عن موعد الانتخابات الرئاسية المحسومة بالتأكيد لمصلحة رأس النظام بشار الأسد، هو إعلان رسمي لدخول سوريا في مجاعة حقيقية، بيد أن الأسئلة مطروحة والأكثر جدلاً، هي حول المشاركين في هذه الانتخابات، سواء على مستوى السكان أو الجغرافيا التي تنقسم إلى ثلاث مناطق نفوذ: الأولى يسيطر عليها النظامان السوري والروسي وإيران، وتضم العاصمة دمشق والساحل ومحافظتي حماة وحمص وسط البلاد، والمنطقة الثانية الداخلة تحت سيطرة المعارضة شمال وشمال غربي سوريا، أما الثالثة فتحت حكم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) شرق البلاد، أما على مستوى السكان، فمعظم سكان سوريا باتوا نازحين أو لاجئين.  من هم المشاركون فيها وما هو توزيعهم الجغرافي؟  فهل يمكن أن تكون انتخابات الرئاسة فقط لإقليم السيطرة الروسية الإيرانية، و37% من الجغرافيا خارج سيطرة الحكومة المركزية، هذا إذا اعتبرنا الجنوب السوري مشمولاً بسيطرة النظام؟! وسائل إعلام النظام الرسمية أكدت أن النظام السوري أعلن فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية بمناطق سيطرته في سوريا اعتباراً من 19 نيسان ولمدة 10 أيام. كما حدد يوم 26 من أيار موعداً لإجراء الانتخابات الرئاسية في مناطق سيطرته و20 من أيار للسوريين في الخارج. ووفقاً لوكالة النظام الرسمية «سانا» فإن رئيس «مجلس الشعب» حمودة صباغ أعلن فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية، وذلك في جلسة استثنائية عقدها المجلس ظهر الأحد، في مقر السلطة التشريعية، وسط العاصمة دمشق. وكشف أن «موعد الاقتراع للمواطنين السوريين المقيمين خارج البلاد، هو يوم الخميس 20 أيار/مايو المقبل، وذلك من خلال الصناديق التي سيتم وضعها في السفارات السورية، أنّى تسنى ذلك، في حين أن الاقتراع للمواطنين السوريين داخل البلاد، سيكون يوم الأربعاء 26 أيار، بدءاً من السابعة صباحاً حتى السابعة مساء». المعارض السياسي درويش خليفة، اعتبر أن من يجلس على كرسي الرئاسة في سوريا لن يتمكن من انتشال سوريا من أزماتها المتراكمة بدءاً من الاقتصاد وليس انتهاءً بالوضع الأمني ووجود ميليشيات دول عدة على الجغرافيا السورية.  عملية تجميل  لكن الأكثر سوءاً على السوريين، وفق رأيه «هو بقاء بشار الأسد وعدم اكتراثه وحلفائه بالقرارات الدولية التي تطالبه بالامتثال للانتقال السياسي وفق وثيقة «جنيف 1» والقرار الدولية المتعلقة بالشأن السوري». ووفق ذلك كله، يقول المعارض السياسي «ما زال الروس والإيرانيون يحاولون تجميل الحالة السورية من خلال تأمين بعض المواد الأساسية التي تضمن للنظام سكوت قاعدته الشعبية التي بدأ يعلو صوتها على الوضع المعيشي وعدم توفر مقومات الحياة الأساسية». وحول المشاركين في هذه الانتخابات نوه خليفة إلى أن 13 مليون سوري خارج السيطرة الأسدية موزعون بين نازح محلي ولاجئ خارج الحدود، وبالتالي التسعة ملايين سوري الذين يقبعون تحت سيطرة الأسد إذا سلمنا أن 7 ملايين منهم يحق لهم الانتخاب فإن نسبة المصوتين لن تتجاوز في أحسن أحوالها ثلث الشعب السوري. وإذا أتت النتائج لصالح الأسد كما تعودنا في سوريا بنسبة 99.99% فهي لن تحقق له النصف زائداً واحداً.  معارضون: انتخابات بلا شرعية للتجديد لرئيس قتل أطفالنا  عضو هيئة القانونيين السوريين، المحامي عبد الناصر حوشان، أدرج إعلان النظام السوري عن إجراء الانتخابات الرئاسية ضمن خانة التحدي الفاضح للمجتمع الدولي من جهة، «رغم تحذيرات المجتمع الدولي له بعدم إجراء الانتخابات ووجوب دخوله في العملية السياسية بشكل جدي والتصريح بعدم الاعتراف بنتائجها» واستهتار بالشعب السوري من جهة أخرى، إذ أن الأسد أصرّ كعادته على تحدي الإرادة الدولية في محاولة منه لجعل الانتخابات ورقة ضغط على المعارضة للرضوخ له ومشاركتها له أو الانفراد بها وفرض الأمر الواقع عليها.  انتخابات غير شرعية  وفي رأي المصدر الحقوقي لـ «القدس العربي» فإن «هذه الانتخابات تبقى غير شرعية وغير دستورية بسبب عدم رغبة أكثر من نصف الشعب السوري من المشاركة بها، على اعتبار أن الأسد مجرم حرب، هجّر وقتل وشرّد أكثر من نصف الشعب السوري في سبيل البقاء في السلطة، وغياب المعايير الدولية للانتخابات، أضف إلى ذلك عدم وجود البيئة الآمنة المستقرة التي تتطلبها الانتخابات». اندفاع بشار الأسد نحو كرسي الحكم في سوريا، يعود لسببين وفق المحامي «حوشان» الأول بقاؤه في الحكم يمنحه الحصانة من الملاحقة والمحاسبة عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية أمام المحاكم الأوروبية التي تأخذ بالولاية العالمية. أما السبب الثاني، فهو بذلك يرضخ لرغبة حلفائه الروس والإيرانيين في إضفاء «شرعية « وجودهم العسكري في سوريا وإضفاء «الشرعية» على العقود التجارية والاتفاقيات الاقتصادية والعسكرية التي أبرمها معهم خلال سني الثورة، أما مصالح الشعب أو من يعيش في مناطق سيطرته فهي آخر ما يفكر به، بل على العكس فهو يتاجر بها ويبتز المجتمع الدولي بها. الانتخابات في سوريا وفقا لعضو هيئة القانونيين السوريين «مقيدة بجدول زمني بموجب قانون الانتخابات رقم 5 لعام 2014 وهي خلال 60 إلى 90 يوماً قبل انتهاء ولاية الرئيس الحالي، ودعوة مجلس الشعب التابع للنظام جاءت لقطع الطريق على احتمالات التمديد أو التأجيل التي تم الحديث عنها خلال الفترة الأخيرة، فالأسد أراد حسم الأمر وخوض الانتخابات في موعدها القانوني ليظهر أن نظامه يتقيّد بالدستور والقانون في محاولة منه لإعادة تأهيل صورته أمام مؤيديه من جهة وأمام بعض الدول التي تدعمه في حربه على الشعب السوري». في التوازي مع هذا الحدث، أعلن معارضون سوريون عدم شرعية الانتخابات الرئاسية، حيث قال المعارض السوري «بشار أبو سعيفان» أنه «لا شرعية لقاتل أطفالنا، ذاك الذي اعتقل وغيّب مئات الآلاف من أبنائنا في السجون وشرد شعبنا، ولا شرعية لمن استخدم ضد شعبنا كافة الاسلحة المحرمة دولياً، ابتداء من براميل الموت إلى الكيميائي فالفوسفوري والعنقودي، ولا شرعية لمن جوع السوريين ودمر مستقبلهم واقتصادهم ثم باع ما أمكنه بيعه من ثروات مقابل الكرسي، ولا شرعية لصانع الارهاب والتطرف الديني برعاية إيران وميليشياتها الطائفية».  نكبة جديدة  إعلان مجلس شعب النظام، عن موعد الانتخابات هي نكبة جديدة يضيفها الأسد إلى الواقع السوري المنهك والمنهار، وفي هذا الإطار يقول المحلل السياسي مازن موسى، أن إعلان تحديد موعد الانتخابات ليست إلا مسرحية هزلية، وكذلك هي نكبة جديدة يضيفها الأسد إلى الواقع السوري المنهك والمنهار على شتى الأصعدة من الاقتصادية والخدمية إلى الإدارية. واعتبر المتحدث لـ«القدس العربي» ان هدف المخطط الروسي والإيراني هو فرض الأسد بالقوة على كرسي الرئاسة في سوريا فوق بقايا الشعب المشرد والمعتقل والرازح تحت أوضاع اقتصادية ومعيشية لم يسبق لها مثيل. وهذا المخطط يكشف في الوقت ذاته زيف المجتمع الدولي في تعاطيه مع المأساة السورية منذ عشر سنوات، وعدم وجود رغبة حقيقية في إيقاف المعاناة، خاصة بعد أن أصبحت سوريا مسرحاً لتصفية الحسابات. معتبراً، أن إقدام الأسد على التمديد لذاته في منصب الرئاسة، يدل على رغبة الدول الداعمة له – روسيا وإيران – في ضمان مصالحها بشكل مباشر في البلاد، وتقديم الرسائل المتعددة إلى الحلفاء والأعداء في وقت واحد.
هبة محمد
القدس العربي