الأردن عندما يقلق على «ديمقراطية الزول» وأين سقط الإعلام؟
«طابور» السياسيين، سواء من شريحة «ديناصورات زمان» أو من «شباب اليومين دول» الذين شاهدناهم كالمطر على الشاشات الأردنية بعد الأزمة الأخيرة تمكنوا بنجاح باهر من «تحقيق عكس النتائج المبتغاة».
من لا يصدقني فليعد لأشرطة استضافات محطتي «المملكة» و»رؤية» تحديدا لـ»معلقين كبار» تطوعوا أو طلب منهم «الدفاع عن البلد».
على سبيل المثال لا الحصر، لو كنت مشاهدا فرنسيا لمقابلة دولة الأخ الدكتور فايز الطراونة ماذا سأقول بعدما سمعته يقول العبارة التالية «ثم قرر جلالة الملك إستخدام ذخيرته الإستراتيجية فكلفني بتشكيل حكومة…».
لا شكوك لدينا أن السياسي المخضرم «ذخيرة مهمة»، لكن ينبغي للجمهور أن يقول ويقرر ذلك. فلأول مرة أسمع عن رصاصة أو طلقة مدفع تتحدث عن نفسها.
واضح أن «رواية الفتنة» زادت تعقيداتها بمجرد «تحدث بعض الوجوه» عنها، فمن شوهدوا على «البث المباشر» في التلفزيون الرسمي هم حصريا المسؤولون عن «أزمة المصداقية» بين المواطن الأردني والمؤسسات.
والأوضح أن التطوع وخلافا لموقف الدولة في إتجاه «تشويه صورة أمير هاشمي» زاد من شعبيته محليا ولفت أنظار الإعلام الغربي للدراما المرتبطة بالقصة.
قلنا للجماعة عشرات المرات: لا يمكنك صناعة إعلام إلا بالمال والمهنية، لكن بدونهما معا سيشبه الأمر قلي «العجة» بالماء، حيث الرائحة ستزكم الأنوف والطعم رديء جدا والكلفة مرتفعة.
التحول الديمقراطي السوداني
كان التلفزيون الأردني الرسمي يدخل السرور إلى قلوبنا نحن غلابى المواطنين، بالتزامن مع انطلاق صفارات الشرطة، التي توحي ببدء فترة «الحظر» حتى تعود كل «دجاجة تنتحل صفة مواطن» إلى «القن».
وزير خارجيتنا «الجريء» الزميل سابقا أيمن الصفدي يتحدث مع وزيرة ما في الخرطوم ويعلن ما يلي «الأردن يدعم التحول الديمقراطي في السودان».
ألله أكبر … «تكبير». كنا للتو قلقين جدا على «التحول بتاع الزول السوداني». نسبة القلق على «الديمقراطية في السودان» أنستنا «تحولنا الديمقراطي». بالله عليكم: هل رأيتكم إنكارا للذات وانحيازا للأمة أكثر من تلك الصولة على لسان معاليه؟
ألف تحية لنشامى بعض الوزراء وهم يدعمون التحول الديمقراطي في أي بقعة في الكون، باستثناء الوطن!
بعد»الفتنة» التي قرأ معالي الوزير بيانها، الذي وصله «مكتوبا»، بدون تعديل ولو حرف عليه، نحن أحوج شعوب الأرض لـ»تحول ديمقراطي حقيقي» يكفل لأي وزير مستقبلا – على أقل تقدير – حقه الطبيعي والمهني في إجراء «تعديلات منطقية» على أي بيان يصله معلبا من أي جهة ويطلب منه تلاوته على طريقة الفضائية السورية.
للتذكير فقط: لدينا برلمان يفترض أنه «منتخب» خضع لعملية «هندسة عجيبة»، باعتراف ذراع الدولة في حقوق الإنسان، تراجع الأردن جدا في معدلات الحريات العامة والإعلامية. الولاية العامة في «الباي باي» وإعلامنا «مرعوب» والانتخابات يشارك فيها ربع ربع الشعب والجائحة تلتهم الطبقة الوسطى والإعلام الدولي منشغل تماما، خلافا للسفراء بتوع الصفدي بـ»صورة القمع والاستبداد» الظالمة.
عليه إقتراحنا بسيط: لنترك التحول الديمقراطي السوداني لأصحابه ولنبدأ «الحكي» بتحولاتنا نحن النشامى، فقد خرجنا للتو من معركة «مؤامرة» وفتنة كبيرة تؤكد إلزامية مغادرة مساحة «الكلام الذي يمكن الإستغناء عنه».
خوذة المسحال
«ما خفي أعظم». طبعا نرحب لا بل نصفق لأي إستطلاع متلفز يخترق الخط الأحمر، عندما يتعلق الأمر بالعذابات التي يعيشها أهلنا في فلسطين المحتلة عام 1948 لجهة التمييز العنصري من أجهزة الكيان الإسرائيلي.
لكن المخفي الأعظم على شاشة «الجزيرة» تحديدا طعمه مختلف مع المراسل الشاب والمميز ثامر المسحال.
قصتي هنا عن المسحال نفسه، ففي ذهن المشاهد العربي ارتبط الزميل بـ»الخوذة» وقطاع غزة وسؤالي: لماذا لا يكمل في هذا الطريق؟ قطاعنا المحاصر فيه مئات القصص والحكايات التي تستحق «اختراقا ما» لكاميرا «الجزيرة.»
على سبيل المثال لا للحصر، الغاز المنهوب من الساحل الفلسطيني والصفقة التي تجهز لها بعض الدول الأوروبية تحت يافطة تجديد «الشرعية» الانتخابية في الأرض المحتلة وفكرة تسليم وزير حمساوي لحقيبة الطاقة في حكومة توافق وطني فلسطينية.
يمكن توفير العديد من البدلاء عن المسحال في حال الرغبة في تغطية نشاطات «الاستقصاء الوبائي» في مدينة إربد شمالي الأردن وكذلك عندما يتعلق الحدث بالعالم السفلي في دولة الكيان، حيث جريمة مرسومة على بيكار مخابرات الاحتلال لنهش كل ما هو عربي في الناصرة والقدس.
ربطة عنق وتسريحة عصرية وحذاء لماع وكمية هائلة من «فوتو شوب» ووصلات على طريقة «يسري فودة» الغائب، هذه عناصر فائضة عن حاجة الشاشات العربية، وما نريده مشاهدة الخوذة في أزقة غزة على رأس طاقة مثل المسحال.
بسام البدارين
مدير مكتب «القدس العربي» في عمان