الفنان المغربي أحمد جواد يستعيد ذكريات «نادي الأسرة» ويفتقد النشاط الثقافي

  1. ارتبط اسم الفنان والمنشط الثقافي، أحمد جواد، باسم نادي الأسرة وبالمسرح الوطني محمد الخامس في العاصمة الرباط، وفترة زاهية من الأنشطة الثقافية خلال سنوات الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي. ويبقى هذا الارتباط الوثيق بينه ونادي الأسرة، ارتباطا موصولا بالمشهد الثقافي والفني المغربي، وبالفاعلين فيه من كتاب وشعراء وممثلين ومخرجين وتشكيليين. ودون منازع، جلس جواد لفترة طويلة من الزمن، في صدارة المنشطين، فكان أشهرهم وأكثرهم حيوية وحركة وعطاء، استضاف أسماء كبيرة ولامعة مغربية وعربية. ولعل ما يميز هذا الوافد من مدينة الجديدة إلى الرباط، بعد أن خاض إضرابا من أجل المسرح البلدي هناك، هو سعة معارفه واطلاعه وسرعة تواصله وقدرته على تحويل اللحظات إلى متعة. في هذا الحوار مع «القدس العربي» يعود بذاكرته إلى البدايات، ويشكو بعض الأنين من اليوميات: □ أحمد جواد ونادي الأسرة والمسرح الوطني محمد الخامس، مسار طويل ومتألق وعطاء متواصل، كيف بدأت الفكرة؟ ■ شكرا لجريدة «القدس العربي» على هذه الاستضافة التي أعتز بها، ولا أدع الفرصة تفوتني دون الترحم على أحد أقلام «القدس العربي» المرحوم برحمة الله الأخ محمود معروف الذي سبق له أن ساهم في كثير من أنشطة نادي الأسرة، حضورا ومتابعة ومشاركة من خلال شهادته في حق الشاعر الدكتور حسن نجمي في حفل توقيع ديوانه حياة صغيرة سنة 1996. إن الحديث عن تجربة نادي الأسرة الثقافية والأدبية والفنية هو حديث لإحياء ذاكرة هذا الفضاء الثقافي والذي تحول الى مطعم ومقهى في ظل التردي الذي وصل اليه المشهد الثقافي المغربي عموما. أتذكر معكم هذه الخطوة التي بدأت بتقديم طلب لمدير المسرح الوطني محمد الخامس عزيز السغروشني في الأسبوع الأول من التحاقي بهذه المؤسسة في شهر نيسان/ أبريل من سنة 1995. وفي الأسبوع الثاني استقبلني المدير وووافق على مشروعي، شريطة أن أقدم نشاطا نموذجيا ستتابعه لجنة يعينها. وأذكر أن المدير قال لي بالحرف: السي جواد، النشاط الذي لا يلقى نجاحا لا أعيد تجربته… وفعلا تقدمت بمشروع حفل تقديم وتوقيع الديوان الزجلي «اشكون اطرز الما» للزجال أحمد لمسيح بتاريخ الجمعة 28 نيسان/ أبريل 1995؛ لكن المفاجأة ستأتي قبل النشاط بأيام معدودة من طرف المنظمة العالمية اليونسكو بجعل يوم 24 أبريل/نيسان يوما عالميا للكتاب، وأنا في صدد إحداث نشاط من ضمن انشطة المسرح الوطني الكثيرة والمكثفة تحت اسم حفل توقيع كتاب. لم أكن أتوقع الحضور المكثف والنوعي من الجمهور والأهم من وسائل الإعلام خصوصا القناة المغربية الأولى. حضرت الإعلامية الكبيرة فاطمة التواتي والإعلامية المتميزة فاطمة الافريقي. □ كان هذا اول لقاء تنظمه في نادي الأسرة، الأكيد أنه بصم مسيرتك اللاحقة، فهل كان متميزا على قدر الذاكرة؟ ■ بكل تأكيد، وأهم ما ميز هذا الحفل هو تنوع فقراته وخصوصا الفقرة الكوليغرافية التي قدمتها كل من راقصتي فن الباليه الإسبانية الينا بينيديتو والمغربية نورا الغماري، برفقة الشاعر الزجال أحمد لميسح الذي كان يسمع إلقاءه من خلف الكواليس. والميزة الأخرى هي المفاجأة التي تمثلت في حضور الممثلة المقتدرة والسيدة العظيمة المرحومة برحمة الله الأخت ثريا جبران التي شاركتنا بإلقاء إحدى قصائد المحتفى به لمسيح بطريقتها. خلاصة القول، إنه كان أول لقاء وأصبح حديث الكل. وأذكر أنني في بعد اللقاء وعند دخولي إلى مقر المسرح الوطني محمد الخامس، وجدت المدير السغروشني يطلبني الى مكتبه. وكانت تهنئته لي على نجاح الحفل تشريف كبير، كما أوكل لي وضع برنامج شهري. وهكذا بدأت تجربة نادي الأسرة. □ عدنا بك سنوات إلى الوراء، لبدايات نادي الأسرة، وأنت تعتبر أشهر منشط ثقافي وفني في المغرب، هل من سر في هذا التألق والإصرار على معانقة الإبداع والمبدعين؟ ـ أولا، شكرا لكم على هذا التشريف بكوني أشهر منشط ثقافي، لكن الحقيقة تقول أفقر منشط ثقافي في المغرب. أنتم تعرفون أنني رجل مسرح. لكن الذي أفادني كثيرا في هذه التجربة وأقول هذا الكلام للأجيال القادمة من المنشطين الثقافيين، وهي أنني كنت مهتما وقارئا للأدب المغربي الحديث شعرا وقصة ورواية ومسرحا… وكذلك قراءة الكثير من الأدب العالمي وهذا هو سلاح المنشط الثقافي. كما ربطت علاقات مع كثير من الكتاب أواسط ثمانينيات القرن الماضي، وهذا سهل مأمورية التواصل معهم. □ الذكريات جميلة، واليوم مع فيروس كورونا كيف هي حالك ومآلك في خضم الجائحة؟ ■ الحقيقة أنني استفدت من الحجر الصحي، إذ أعدت ترتيب أرشيفي وقراءة كثير من الكتب وأخذت التطعيم بجرعتيه، وأنتظر عودة الحياة الطبيعية بفتح المسارح وقاعات السينما. على حائطي الفيسبوكي أحاول دائما أن أثير الوضع الثقافي المتردي في ظل غياب سياسة ثقافية جادة وفاعلة، خصوصا في ظل المشروع الكبير الذي يشرف عليه الملك محمد السادس بجعل الرباط مدينة الأنوار وعاصمة للثقافة المغربية. لكن للأسف، لم يأت لحد الساعة أي وزير للثقافة للإسهام في هذا المشروع وتدعيمه بالبرامج الثقافية التي تؤكد لنا بالملموس أن الرباط فعلا هي عاصمة للثقافة المغربية.
  2. القدس العربي