نواب وسياسيون بريطانيون يدعون حكومتهم للضغط على البحرين لوقف انتهاكات حقوق الإنسان

وجه عددٌ من النواب البريطانيين رسالة عاجلة "شديدة اللهجة” حيال التطورات التي يشهدها سجن جو بالبحرين في الآونة الأخيرة والذي سجُلت فيه انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان لعدد من السجناء السياسيين بتعريض حياتهم للخطر الشديد، وذلك في خطاب وجِهوه لوزير الخارجية البريطاني وعدد من وزراء الحكومة.

وحملت الرسالة العاجلة بعنوان "التعذيب والإخفاء القسري للسجناء السياسيين البحرينيين"، وحصلت "القدس العربي” على نسخه منها، تعبيراً عن انزعاج عددٍ من الشخصيات البريطانية حيال حالة حقوق الإنسان في السجن المذكور.

وبحسب الوثيقة التي لفتت الأنظار في الأوساط السياسية البريطانية، فإنه منذ 22 مارس/ آذار الماضي، وثقت منظمات حقوقية دولية قرائن وأدلة على تفشي فيروس كورونا بين السجناء من دون أدنى تحرك من السلطات البحرينية لإنقاذ حياة نحو 150 سجينًا على الأقل.

فيما أكدت مصادر حقوقية أن الإبلاغ عن حالات جديدة يتضاعف يومياً، مع فشل السلطات البحرينية في التصدي للفيروس الذي بنتشر بصورة كبيرة في أروقة السجن.

من جانبها، ووصفت منظمة العفو الدولية تفشي المرض بأنه "دليل صارخ على فشل السلطات البحرينية في احترام القواعد الدنيا لمعاملة السجناء ".

وبحسب المعطيات التي ذكرها النواب البريطانيون، في رسالتهم، فإن فشل إدارة سلطات السجون في المنامة من الحد من تفشي المرض، كان بسبب إهمالها في اتخاذ تدابير وقائية مناسبة، مثل توفير مستلزمات النظافة بما في ذلك أقنعة الوجه ومعقم اليدين للسجناء.

فيما وجُهت أصابع الاتهام للحكومة البحرينية ومن يقع تحت وصايتها من جهات مكلفة بإدارة السجون لفشلهم في الحيلولة دون حدوث تكدس للمعتقلين، وتحديداً في الأقسام التي تضم السجناء السياسيين، في انتهاك واضح لقواعد الأمم المتحدة المتعلقة بشأن التعامل مع السجناء.

وكشفت الوثيقة، التي انتشرت بين السياسيين البريطانيين وشكلت ضغطاً على الحكومة، العديد من الأدلة على فشل سلطات المنامة في التعامل مع الجائحة وسط السجون وغياب الشفافية في التعامل مع أهالي المعتقلين.

وعلى الرغم من الشكاوى الرسمية التي أطلقتها أسر السجناء السياسيين، وتحديد عدد من انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك حبس النزلاء في زنازينهم لمدة 24 ساعة لفترات تزيد عن 18 يوما، وهو ما تسبب في حدوث وفيات إثر الإهمال الطبي على غرار ما حدث مع السجين السياسي عباس مال الله (49 عاما)، ووفاته بشكل مأساوي بعد تدهور حالته في سجن جو، إلا أن السلطات  البحرينية لم تتحرك لاتخاذ تدابير لحمايتهم.

وأفاد شهود عيان، مثلما نقلت الرسالة التي وقعها النائب برنارد أوهارا ويمثل حكومة الظل، "بأن إدارة السجن أخرت نقل عباس مال الله إلى المستشفى بعد تردي حالته الصحية”.

كما تفيد التقارير بأن عباس لم يتلق أي علاج طبي بالرغم من الأعراض الخطيرة التي كان يعاني منها، وما صاحبها من أعراض ومشاكل وتقرحات في المعدة والقولون أثناء اعتقاله، تزيد من دلائل تعرضه لإهمال طبي ربما ساهم في وفاته بشكل يؤكد تجاهل موجات الاستغاثة التي أطلقها معهد البحرين لحقوق الإنسان و الديمقراطية، ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الذين أكدوا على ضرورة إجراء تحقيق مستقل في ملابسات وفاته.

الوثيقه التي استعرضها البرلمانيون البريطانيون تثبت تورط سلطات المنامة، وتفضح الإجراءات العقابية المتخذة للتستر على ما أسموه الفضيحة، وما رافقها من حبس النزلاء في زنازينهم لمدة 24 ساعة في اليوم لأكثر من أسبوع وقطع الاتصالات عنهم، بعد احتجاجهم على حادثه وفاة مال الله. وبحسب المعطيات المذكورة، فإن المنامة ردت بعنف تجاوز الحدود في تحرك لإخفاء كل الأدلة التي تدينها.

الوثيقه التي استعرضها البرلمانيون البريطانيون تثبت تورط سلطات المنامة، وتفضح الإجراءات العقابية المتخذة للتستر على ما أسموه الفضيحة

ففي 17 أبريل/ نيسان الجاري، دخلت شرطة مكافحة الشغب البحرينية المبنى رقم "13” من سجن جو، و شرعت بمهاجمة ما لا يقل عن 25 من السجناء السياسيين، الذين تعرضوا للضرب المبرح على يد أفراد الشرطة.

وبحسب معهد "بيرد” البحريني، وهو معهد متخصص في قضايا حقوق الإنسان، فإن  المنظمات الحكومية الدولية والأممية وثقت عدداً من التجاوزات  بحق السجناء، على غرار ما حدث مع سيد علوي الوداعي، من تعرض للضرب بشكل متكرر على الرأس والوجه. كما تعرض سجين آخر و هو سعيد عبد الإمام للضرب وشوهد يجري بعيداً فاقداً للوعي.

وشددت المصادر الدولية على أن جميع الأفراد الذين تعرضوا للهجوم، والذين يقدر عددهم بما لا يقل عن 25 شخصًا، محتجزون الآن بمعزل عن العالم الخارجي، منذ 6 أيام ولم تتمكن أسرهم من الحصول على أي معلومات من سلطات السجن أو الرقابة عن مكان وجودهم بشكل تصنفه الأمم المتحدة بأنه إخفاء قسري.

كما دعا النواب البريطانيون الوزراء المعنيين للتحرك بسرعة واتخاذ عدد من الإجراءات العاجلة، كمطالبة الحكومة البريطانية بتوجيه دعوة للمنامة بالكشف الفوري عن ظروف وأماكن وجود ما لا يقل عن 25 نزيلا مخفيا قسريا، وضمان حصول جميع الضحايا على رعاية طبية كافية وفي الوقت المناسب والسماح لهم بالاتصال بعائلاتهم، وتأمين نشر صور كاميرات المراقبة لهجوم الشرطة في 17 أبريل / نيسان.


احتجاجات لأهالي الضحايا في المنامة

دعا النواب البريطانيون الوزراء المعنيين للتحرك بسرعة واتخاذ عدد من الإجراءات العاجلة، كمطالبة الحكومة البريطانية بتوجيه دعوة للمنامة بالكشف الفوري عن ظروف وأماكن وجود ما لا يقل عن 25 نزيلاً مختفًا قسريًا

وشدد السياسيون البريطانيون على ضرورة تدويل القضية على مستوى الأمم المتحدة وهيئاتها المعنية وفتح تحقيق دولي جاد لكشف الحقائق، ومنح المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب حق الوصول إلى سجن جو، مع التأكيد على إطلاق سراح جميع سجناء الرأي البحرينيين، وتعليق جميع المساعدات الممولة من دافعي الضرائب في المملكة المتحدة من خلال صندوق استراتيجية الخليج إلى هيئات الرقابة البحرينية، بما في ذلك المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، المتهمة  بالتواطؤ بإرتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان بعدم إجرائها تحقيقاُ مستقلاً.

ومن شأن الرسالة الأخيرة التي بدأت تتسرب للصحافة البريطانية أن تتحول لأداة ضغط على لندن، وتحملها مسؤولية فضح التجاوزات والانتهاكات التي يتعرض لها السجناء والنشطاء في البحرين.

وتزايدت في الفترة الأخيرة وتيرة التحركات ضد البحرين، وضغوط تمارسها عدد من الحكومات الغربية لوضع حد تعنت السلطات البحرينية.