«خاصكي سلطان» ملجأ فقراء القدس منذ العهد العثماني
القدس المحتلة – الأناضول: في مبنى أثري قديم في أحد الأزقة القريبة من المسجد الأقصى، ينهمك عدد من الموظفين في إعداد وجبات ساخنة، تُقدم للفقراء من سكان مدينة القدس المحتلة ومحيطها.
وتعمل تكية «خاصكي سلطان» على مدار أيام السنة، إلا أنها تكتسب زخما خاصا في شهر رمضان المبارك، فيزداد عدد مرتاديها ويتضاعفون أيضا.
ويقول الشيخ عزام الخطيب، مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، لوكالة الأناضول، إن التكية أسستها السلطانة روكسيلانة (خُرَّم سلطان 1502- 1558) زوجة السلطان العثماني سليمان القانوني «وأوقفت عليها أوقافا كثيرة في فلسطين».
وأضاف في إشارة إلى التكية التي أقيمت في عام 1552 ميلادية «لقد أوقفت السلطانة العثمانية أكثر من 90 مدينة وقرية لتكية خاصكي سلطان» لكنها اليوم، تعتمد في تمويل توفير الطعام، على «بعض المحسنين ودائرة الأوقاف الإسلامية ووزارة الأوقاف في الأردن».
«خاصكي سلطان» أو محبوبة السلطان، هو اللقب الذي كانت تحمله خُرَّم سلطان.
وكانت الدولة العثمانية قد أقامت العديد من التكايا التي تقدم الطعام للفقراء في العديد من المدن المهمة في فلسطين.
ويقول الشيخ الخطيب «تكية خاصكي سلطان هي من أهم التكايا التاريخية في مدينة القدس».
ويضم بناء التكية، مطبخاً وفرناً وقاعة كبيرة لتناول الطعام، وغرفا لتخزين المواد التموينية، وخانا قديما كان اصطبلات للخيول، وأُلحق به فيما بعد، مسجد، أمرت زوجة السلطان ببنائه. وتقع التكية على مسافة مئات الأمتار من المسجد الأقصى.
ووصف المؤرخ عارف العارف في كتابه «المفصّل في تاريخ القدس» التكية، بأنها «من خيرة الأماكن الخيرية التي أنشأها الأتراك العثمانيون بالقدس، إذ منذ تأسيسها إلى الآن، يُقدم المشرفون عليها الغذاء لعدد كبير من الفقراء مجانا، وفي كل يوم» .
وأضاف «أن نفقات التكية، كانت تُدفع من ريع الأملاك التي أوقفتها السلطة لصالح التكية» .
وبمرور 469 عاما على إنشائها، فإن تكية خاصكي سلطان لم تتوقف عن تقديم الطعام الساخن للفقراء.
ومنذ عقود، تشرف على التكية، دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية.
وقال الشيخ الخطيب «هي حاليا أهم مرفد اقتصادي للفقراء في مدينة القدس، وخاصة من يعيشون في جوار المسجد الأقصى المبارك وفي البلدة القديمة من مدينة القدس ومن يأتي من المناطق القريبة من البلدة القديمة خاصة من المدن والمخيمات المجاورة» .
وتابع «تعتمد التكية حاليا في دخلها على بعض المحسنين ودائرة الأوقاف الإسلامية ووزارة الأوقاف في الأردن». وتقدم الوجبات الساخنة لنحو 100 عائلة في الأيام العادية، أما في شهر رمضان فإن هذا العدد يرتفع إلى أكثر من 250 عائلة. وفي داخل التكية كان 9 من موظفي دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، يعملون على إعداد وجبات ساخنة تحتوي على الأرز واللحوم والخضراوات.
وقال الخطيب «تقدم تكية خاصكي سلطان الوجبات الساخنة طوال أيام السنة للوافدين إلى المسجد الأقصى المبارك، ولمن يحتاج إليها من الفقراء والمساكين» .
وأضاف «نظرا لارتفاع الأسعار والضغط الضرائبي (من قبل إسرائيل) والركود الاقتصادي، يلجأ الكثير من المواطنين من أهل هذه المدينة ومن غيرها ومن الوافدين إلى تكية خاصكي سلطان» .
وتابع الخطيب «نحن لا نفرق بين من يأتي الى التكية سواء مسلم أو مسيحي، فهناك من أخوتنا المسيحيين من يأتون الى التكية ويتناولون الطعام». ويصف الخطيب الوجبات بأنها «جيدة جدا» .
ويصل الفقراء والمحتاجون إلى التكية، ومعهم أطباق وأوان لأخذ الوجبات فيها.
ويتم توزيع الوجبات في شهر رمضان وغيره، من أشهر السنة في فترة الظهيرة.
وقال الشيخ الخطيب «الطعام ينقل إلى بيوتهم، لأطفالهم وعائلاتهم، فهي تُثبّت العائلات وتعمل على صمودهم وعدم هجرتهم من البلدة القديمة». وأضاف «الأمور تسير على ما يرام، وخاصة في شهر رمضان الذي تتضاعف فيه المواد والوجبات الغذائية، نظرا لكثرة الوافدين الى المسجد الأقصى المبارك» .
وتابع الخطيب «الحمد الله الذي أكرمنا فيه بأن نشرف على هذه التكية، وأن نكون من الحريصين على إطعام الناس وصمودهم وتثبيتهم في هذه المدينة المقدسة» .
وتقدر أعداد الفلسطينيين في مدينة القدس الشرقية بنحو 340 ألفا. ولكن نسبة كبيرة جدا منهم يعيشون تحت خط الفقر، بسبب ارتفاع مستوى المعيشة في المدينة.
ويلجأ الفقراء إلى المؤسسات الاجتماعية، للحصول على المساعدة التي تمكنهم من الصمود في المدينة. ولكن خاصكي سلطان هي الأكثر شهرة بالنسبة للفقراء في المدينة.
ويختم الخطيب حديثه بالقول «هناك العديد من الزوايا، ولكن تكية خاصكي سلطان كانت تعتبر من أهم المواقع التي تطعم في مدينة القدس وكان يشرف عليها والي القدس (العثماني) بنفسه