القضية ليست شرطي ومعلم .. ومشهد الخميس سلبي ومؤلم ..


قلم: د. مأمون نورالدين
تاريخ: ٧ أيلول ٢٠١٩

إسم المهنة معلّم، لكن أول وأسمى واجبات ممارس هذه المهنة هي التربية، فمن هنا يتم إعداد الطالب لإستقبال العلم والإستفادة منه، وإن كان دور المعلّم في التربية يعمل بتكامل مع دور الأهل في المنزل، إلّا أن علينا ألّا ننسى أن المربي/المربية هو من يمضي ساعات أطول بالقرب من الطالب، لا سيّما في مراحل الدراسة الأولى. إنها حقيقة أن أهالي الطلاب في كثير من الأحيان يبحثون عن البيئة التربوية الصالحة في مدارس أبناءهم تماماً كما يبحثون عن البيئة التعليمية القويّة، وكثيرا ما تبدّى كفاءة التربية عن كفاءة التعليم. الأهالي يستثمرون بتربية وتعليم أبناءهم ما استطاعوا، والجزء الأكبر من عبء المسؤولية لنجاح هذا الإستثمار يقع طبعاً على كاهل المعلّم. أفلا يستحق هذا الإنسان المعطاء الإنصاف؟

بالطبع يستحق، وسوف ينصف بالحق، ولكن كم كان غريباً ذاك المشهد ظهر الخميس الفائت في عمّان؟ كم كان مؤلماً وليس إيجابياً؟ علينا أن نبتعد الآن عن توجيه أصابع الإتهام بالخطأ والتركيز على حلّ المشكلة الأساسية. التعنّت والبعد عن الحوار لن يصل بأحد إلى أي مكان ولا حاجة للتصعيد، ولا نكهة لنبرة التحدي أي كان مصدرها. وكم مؤسف أن نرى من صار يسوّق للأزمة على أنّها أزمة بين المعلّم والشرطي وهي ليست كذلك ولن تكون يوماً، فالأول يمارس حقّه والثاني يقوم بواجبه. نعم، المعادلة بهذه البساطة، لكن علينا أن لا ننسى أن ممارسة الحقّ والقيام بالواجب يجب أن يكونا ضمن إطار القانون، ومن يتجاوز هذا الإطار فهو مخطئ. 

لهذا الجدل طرفان فقط هم نقابة المعلمين والحكومة، وعلينا كأردنيين غيورين على بلدهم وإخوتهم المواطنين أن لا نسمح لأي جهة أن تضيف طرفاً ثالثاً أو تُخرج الموضوع عن حدوده الطبيعية، وكان أولى أن لا يتحوّل هذا الجدل إلى نزاع وتحدي لأن الخاسر الأكبر هو الوطن والمواطن. الهدف اليوم هو إنصاف المعلّم فقط دون تسييسٍ للأزمة، ودون شخصنتها ودون تضليل. لندعم المعلّم حتى يكون قائداً وقدوة يؤدي واجبه بتفانٍ وأمانة ويحصل على حقوقه برقيٍ وحضارة واحترام. وإن كانت نوايا الخير موجودة فلن يفسد الإختلاف لمصلحة الوطن قضية.