القانوني رايق المجالي يكتب... قانون الجرائم الإلكترونية والتوقيف على ذمة القضية

لقد كنت أنا شخصيا ضد قانون الجرائم الإلكترونية أو كان لي تحفظات على مواد في القانون وعلى صياغة تلك المواد، لكن عندما يقر القانون ويصبح نافذا على الكافة أن يلتزموا بعدم مخالفة القانون فلا يجوز أن يكون عدم الإقتناع بقانون أو بمواد في أي قانون عذرا أو سببا لمخالفة قواعد القانون النافذ لأن ذلك يعني (فلة حكم) أي فوضى عارمة.

وأما بالنسبة لقرار التوقيف على ذمة القضايا التي تسند فيها تهم خلافا لقانون الجرائم الإلكترونية، فعلينا أن نفرق بين القانون نفسه والذي يجرم أفعالا موصوفة وفق نصوصه وبين ممارسة القضاة لصلاحياتهم فالتوقيف صلاحية لقاضي الموضوع فقد يصدر قرار التوقيف أو قد يصدر قرار ترك المتهم طليقا أو قد يقرر بعد إصدار قرار التوقيف رفض طلب التكفيل أو قد يقبله.

والمعنى هنا أننا نرصد في كل مرة تسجل قضية أو شكوى وفق قانون الجرائم الإلكترونية ضد شخص ما تكون وجهة الهجوم من الجميع على القانون وهذا مرده ربما لعدم فهم معظم المهاجمين لمسائل القانون، فالقانون نفسه لا ينص على التوقيف لأن التوقيف كما ذكرت هو تدبير إحترازي وهو صلاحية تقديرية لقاضي الموضوع وهذا من جهة، ومن جهة أخرى نجد أن الهجوم يشتد ويكون شرسا إذا كانت الشكوى ضد شخص له علاقة بالإعلام والصحافة وهذا مرده أيضا ربما لعدم فهم طبيعة العمل الصحفي، فليس كل ما ينشر على مواقع التواصل هو عمل صحفي فالعمل الصحفي له قواعده أولا وله مجاله ومكانه ومنابره الصحفية، ويجب أن نفرق بين من ينشر خبرا صحفيا على وسيلة إعلامية أو ينشر رأيا أو تحليلا على وسائل الإعلام وبين من ينشر على صفحته الشخصية على الفيسبوك أو عبر وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي.. ¿! ¿!

وهنا اقول : أن إعتبار كل سلوك لشخص يعمل في الإعلام أو الصحافة هو عمل صحفي يستدعي شموله بحصانة من نوع ما يعتبر خلطا في كل شيء، فليس الصحفي محصنا من أن يسأل مثلا إذا ما قابلني في الشارع وشتمني أو قام بالإعتداء علي... ¿! ¿!

كما أن ذات الشخص صحفيا كان أم غير ذلك إذا ما قوبل بنفس السلوك من أي شخص آخر عبر وسائل النشر الغير صحفية وحتى الصحفية وشعر أن هناك هجوم عليه أو إساءة لشخصه سيسارع قطعا للتقدم بالشكوى وسندا لنفس القانون الذي يلعنه وهو مشتكى عليه.. ¿! ¿!

والأهم أنه من أول أصول مهنة الإعلام والصحافة أن تكون ثقافة الممارس لهذا النشاط أو هذه المهنة القانونية ثقافة عالية جدا بحيث يبز أهل القانون في معرفة وفهم نصوص القوانين المرتبطة بعمله مثل قانون المطبوعات والنشر وقانون الجرائم الإلكترونية وقبل ذلك كله قانون العقوبات، فإذا كان الشخص العادي أو العامي لا يجوز له الإعتذار يجهله للقانون فمن باب أولى أن من يعمل في الإعلام والصحافة يجب أن يكون محاميا إبتداء عن نفسه فلا يقع تحت طائلة المسؤولية الجزائية.

ومع أنني أيضا ضد التوقيف على مثل هذه الجرائم إلا أنني اتحفظ على وجهة الهجوم وهي دائما إما القانون أو من يتقدم بالشكوى وهذا كما ذكرت أعلاه يعتبر تناقضا مع النفس أو قد يعد إنفصافا في الفكر وفوضى في الثقافة بأن نلعن القانون والمشتكي عندما نكون في موقع المشتكى عليه أو (المتهم بالإعتداء) ولكننا نتمسك بالقانون ونتعنت بالشكوى عندما نكون في موقع المعتدى عليه.

وفي النهاية أقول أن الأجدى لمن يتنفضون لموقوف على ذمة قضية جرائم إلكترونية أن يسعوا بين الأطراف في إصلاح ذات البين وأن يوجهوا الجهود المضنية في كيل السباب للقانون أو المشتكى للإصلاح لأن الهجوم على القانون وعلى من إستخدام حقه القانوني أحيانا يعقد ويدفع لتعنت الأطراف التي تملك الصفح أو الإفراج ولا يخدم المتضرر من الشكوى.

المحامي رايق المجالي ابو عناد