فكّونا من الدوار الرابع !!

أكثر جملة ترددت خلال الأيام الأربعة الماضية، في كتاباتنا وفي بيانات احزابنا وفي نداءات منظمات المجتمع المدني واعياننا ونوابنا والمحللين السياسيين، هي جملة: «الجلوس الى طاولة الحوار».
وفي التحديق والتدقيق، نجد ان الجلوس الى طاولة الحوار، بدهي وطبيعي وهو أول فعل يجب ان تمارسه الأطراف المختلفة الحريصة على الوصول الى تفاهمات وطنية في القضايا الوطنية وخاصة قضية المعلمين.
وبدون تحديق وتدقيق، نكتشف انه لم يتم اللجوء الى ابسط مفاتيح الحل واولها، وهو الجلوس الى طاولة الحوار !! في قضية خلافية، تخص 100 الف معلم، وتهم 10 ملايين مواطن!!
وكانت النتيجة هي الإضرار بسمعة البلاد بما لا يقدر بثمن. والإضرار بالعباد، معلمين ورجال أمن ومواطنين واقتصادا وسياحة. 
كتبت 100 مرة هنا، وشرحت في ندوات لا تحصى، محذرا من خطورة النزول الى الشارع، الذي يمكن ان يستغله الارهابيون، لأنه «حزام رخو»، ونتيجة ذلك لا قدّر الله ، هي عشرات الضحايا من ابنائنا المتظاهرين والمعتصمين.
والمخجل المعيب، ان ثمة من زعم كاذبا، ان قوات الأمن العام، استخدمت الكلاب البوليسية لتفريق المتظاهرين !! في حين انها استخدمتها كما تملي قواعد أمن المسيرات، لمسح مناطق المرور والمسير والتجمع، بحثا عن المتفجرات !!.
ثم، ما هي قصة الدوار الرابع؟!
ما هو الجذب المتمثل فيه، ولماذا الإصرار عليه ؟!
سأفترض ان السبب وجود الحكومة عليه.
اذا كان الهدف هو الوصول الى الحكومة، من اجل مفاوضتها فقد فات الفوت على ذلك، فالحكومات ليس مسموحا لها ان تتفاوض تحت الضغط والهتافات. واذا كان الهدف، هو ايصال رسالة بالذخيرة الحية، الى «سكان الرابع» فتلك قد وصلت، قبل ودون الذهاب الى الرابع.
ولنناقش بعقل وطني بارد، مسألة لجوء الأمن العام الى إغلاق جميع الشوارع المؤدية الى الدوار الرابع. فما هو مؤكد ان جموع المعلمين المتظاهرين الذين تدفقوا الى الدوار الرابع، كانت ستغلق الشوارع التي اغلقها الامن العام !!.
وإذا استمر الإصرار على التظاهر حول الدوار الرابع، فعلى الحكومة ان تنتقل من الدوار الرابع !! او يصل المتظاهرون الى قناعة نهائية هي استحالة السماح بالاعتصام على الرابع.
ظروف ابنائنا المعلمين المعيشية صعبة وحرجة وخانقة، وثمة حوار قديم حولها يجدر ان يستكمل، وهي ظروف لا تختلف عن ظروف واحوال اخوانهم في القوات المسلحة والامن العام وموظفي القطاع العام. ومعلوم ان ظروف بلادنا الاقتصادية هي اساس هشاشتها.
تطرح هذه الظروف على بلادنا، اعادة النظر في رواتب وامتيازات الطبقة العليا من رجالات الدولة وخاصة الوزراء والأعيان والنواب. وتوجب هذه الظروف، اعادة النظر في الإنفاق الحكومي. وتقليص ودمج واغلاق العديد من المؤسسات ومنها عدة سفارات.  
في البلد خير كثير. والحكومات التي وجدت عشرات الملايين لدعم الملكية الاردنية والبرنامج النووي، ستجد مالا ولو شحيحا، لتعديل الرواتب المتدنية في كل القطاعات ومنها قطاع المعلمين.
كنا قد تبنينا في وزارة التنمية السياسية، عام 2003، اقتراح تخصيص ساحة مناسبة للتظاهر والتعبير عن الرأي والمصالح، تكون بمثابة «هايد بارك» اردنية، تجنبنا اغلاق الشوارع والاختناقات المرورية التي تؤذي المواطنين وسمعة البلاد.