غزة: عروض ترسم بسمة منقوصة على وجوه أطفال نازحين

غزة – من محمد ماجد: على نافذة أحد الفصول في مدرسة في مدينة غزة تقف الطفلة لينا العطار، وعلى شفتيها ابتسامة بينما تنشغل عيناها بالتحديق بانسجام في عرض يقدمه مهرج في الساحة التي ازدحمت بعشرات الأسر النازحة من المناطق الحدودية وأصحاب المنازل المدمرة جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل.
هذا العرض المضحك نجح ولو للحظات في إخراج لينا (12 عاما) من حالة خوف تسيطر عليها منذ أيام جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على جميع أنحاء قطاع غزة، لتحل مكانها مشاعر المرح.
لم تكتف الطفلة الفلسطينية بتلك النظرات الخاطفة للمهرجين، بل سارعت إلى ترك النافذة والذهاب مسرعة لتشارك الأطفال في اللعب واللهو مع المهرج.
وتقول الطفلة في المدرسة التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين «أونروا» في حي النصر في مدينة غزة: «هربنا من منازلنا بفعل الضربات الإسرائيلية على منطقتنا».
وتضيف: «نجونا بأعجوبة عندما خرجنا من منزلنا في ظل إطلاق الاحتلال القنابل والصواريخ والدمار الواسع الذي خلفه العدوان».
وتلفت لينا إلى أنها لا تعرف إن كان منزلهم قد تعرض للقصف الإسرائيلي بفعل الضربات القوية والقصف العنيف الذي يتعرض له القطاع.
وتتمنى الطفلة أن يكون منزلهم على حاله ودميتها التي وضعتها على فراشها قبل النزوح للمدرسة بأحسن حال، وأعربت عن سعادتها الشديدة بعد تمكنها من اللهو مع اثنين من المهرجين.
أمّا وجدان موسى، وما إن سمعت بأصوات الأغاني والضحكات في الفناء، تركت الفصل الذي تجلس به برفقة أسرتها الصغيرة وذهبت لمشاركة بقية الأطفال اللعب.
وجدان (11 عاما) وهي من الأطفال النازحين مع أسرهم إلى ذات المدرسة، وبمجرد وصولها بدأت تقفز وتضحك بصوت عال وتزاحم الأطفال لتقترب من المهرجين.
وتقول الطفلة: «سعيدة جدا بهذا العرض، لعبت وفرحنا وأتمنى أن يأتي هؤلاء المهرجين يوميا إلى المدرسة».
وبالعودة إلى واقعها المؤلم، تضيف: «خرجنا من بيوتنا وتركنا ألعابنا وملابسنا الجميلة هناك ولا ندري ما حصل بها».
وتتابع: «الاحتلال استهدفنا بالقنابل والصواريخ (..) لم نرتكب ذنبًا، نحن أطفال» فيما أعربت أن أملها في أن تعيش طفولتها مثل باقي أطفال العالم بلا دمار ولا حروب.
وبجانب تلك الطفلتين العشرات من الأطفال الذين وجدوا ضالتهم من الفرح واللهو، بعيدا عن أصوات الصواريخ ومشاهد الدمار والمجازر التي لا تتوقف منذ 10 أيام.
وفي الأثناء لم تتمكن أصوات الأغاني والضحك من التغطية على صوت غارة عنيفة شنتها الطائرات الحربية الإسرائيلية في مكان ما، وهو ما أرعب الأطفال لكن سرعان ما رجعوا للعب والضحك.
ويقول الشاب محمد سعد (27 عام) أحد المتطوعين في الترفيه عن الأطفال للأناضول: «حضورنا في تلك المدرسة يأتي للترفيه عن الأطفال النازحين إليها».
ويضيف: «هناك العشرات هنا فقدوا أقارب لهم ودمرت منازلهم، وواجبنا أن نرفع من معنويات الأطفال ورسم الفرحة والبسمة على وجهوهم».
ويلفت سعد إلى أن الأطفال «يعانون من القلق بسبب القصف والاستهدافات الإسرائيلية».
ونزحت العديد من العائلات من منازلها بسبب القصف الإسرائيلي الذي استهدف منازلهم ودمرها كليا، ولجأت هذه العائلات إلى مدارس تابعة لوكالة أونروا في أنحاء متفرقة من القطاع.
وفي هذه المدارس تتكدس العائلات في الصفوف دون أدنى مقومات للحياة حيث نقص في المياه والكهرباء ومواد النظافة الشخصية.
ومنذ 13 أبريل/نيسان الماضي، تفجرت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، جراء اعتداءات «وحشية» ترتكبها شرطة إسرائيل ومستوطنوها في مدينة القدس المحتلة، وخاصة المسجد الأقصى وحي «الشيخ جراح» في محاولة لإخلاء 12 منزلاً فلسطينيًا وتسليمها لمستوطنين.
وازداد الوضع توترا في 10 مايو/أيار الجاري بشن إسرائيل عدوانا بالمقاتلات والمدافع على الفلسطينيين في قطاع غزة أسفر حتى فجر الأربعاء عن استشهاد 220 شهيدا، بينهم 63 طفلا و36 سيّدة، بجانب أكثر من 1500 جريح، حسب وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع.
فيما استشهد 26 فلسطينيا وأصيب نحو 4 آلاف في الضفة الغربية، خلال مواجهات مع الجيش الإسرائيلي يستخدم خلالها الرصاص الحي والمعدني وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الفلسطينيين.
(الأناضول)