المنحنى الوبائي.. هل يأخذه البعض “مبررا” لعودة المشاركة بمناسبات اجتماعية؟

تغريد السعايدة
عمان – الانخفاض بالمنحنى الوبائي في الفترات الأخيرة، أخذه البعض "مبررا” لهم بالعودة لنشاطات لا تراعي بمجملها أسس السلامة العامة والإجراءات الاحترازية كما ينبغي، معتقدين أن تراجع أعداد الإصابات يشي بأن فيروس كورونا بدأ بالتلاشي.
غير أن تلك التصرفات "غير الواعية” قد تتسبب بعودة انتشار للفيروس، كما يراه متخصصون، وتؤكده دراسات، إذ إن فرصة الإصابة ونقل العدوى في أماكن التجمعات التي لا تراعي التباعد الاجتماعي؛ تبقى حاضرة وبقوة.
وأقبل أشخاص، خلال الأيام القليلة الماضية، على استعادة بعض من نشاطاتهم الاجتماعية وفي حضور مناسبات مختلفة، دونما أدنى اهتمام بضرورة الاستمرار في توخي الحيطة والحذر من تسارع عودة انتشار فيروس كورونا مرة أخرى، كما حصل في الموجات السابقة.
هذا الحال دفع سمية أحمد التي توجهت بعد أيام من وفاة أحد أقاربها لتقديم واجب العزاء، إلى أن ترتدي الكمامة طوال الوقت، وتحاول الابتعاد تماما عن الجلوس وسط تجمعات النساء اللواتي كنّ كثيرات، وأغلبهن لا يرتدين الكمامة، بل يجلسن لوقت طويل جنبا إلى جنب، ويتبادلن الحديث، ويتصافحن وكأن الفيروس اختفى تماما.
تقول سمية إن تقديم واجب العزاء أو أي مناسبة أخرى كان حتى فترة قريبة عن طريق الاتصال الهاتفي أو عبر وسائل التواصل، بيد أن بعض الواجبات الاجتماعية عادت الآن من خلال التواجد في بيت العزاء، بحجة أن الظروف أمست أفضل من قبل والحالات بانخفاض بشكل واضح، والاعتذار عن عدم المشاركة أصبح أمرا صعبا.
وفي كل مرة تنخفض فيها أعداد الإصابات بين المواطنين، تعود بعض جوانب الحياة لأدراجها، وإن كان ذلك من دون قرارات رسمية تسمح في ذلك، ومن هنا يتعمد بعض الأشخاص الى إقامة مناسباتهم المختلفة بعيدا عن تطبيق الإجراءات الاحترازية المناسبة، والتي قد تكون سببا في نقل العدوى بين المتواجدين، خاصة في ظل تشديد الحكومة على ضرورة إقبال المواطنين على تلقي اللقاح، والذي يستدعي مراعاة الإرشادات وتوخي الحيطة والحذر في الأيام الأولى لتلقي المطعوم.
أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي، يؤكد أهمية استمرار المجتمع والأفراد بالالتزام التام بالإجراءات والقوانين الموضوعة الآن، رغم انخفاض نسبة الإصابات في الأردن، مبينا أن الرقابة الذاتية هي الأساس، وليس الخوف من العقوبة فقط، حيث إن تلك الضوابط الصحية هي من ينجينا من المرض والعدوى المتكررة، أو العودة للمربع الأول، لذا فإن الالتزام بالكمامة بشكل ملائم، والتباعد الجسدي، والتعقيم الدائم وقاية من المرض.
بيد أن الخزاعي يرى أن الأهم من ذلك هو عدم الانسياق وراء العودة للعادات الاجتماعية المختلفة التي تتطلب تواجدا بأعداد كبيرة في المكان ذاته، كما في الأفراح أو مناسبات "العزاء”، وهذا من المفترض "أننا اعتدنا اختصاره والحد منه في الوقت الحالي تماشيا مع إجراءات حماية المواطنين من العدوى الجماعية”.
وما قد يثير استفزاز الكثيرين أن الفترة الماضية، تحديدا في عيد الفطر المبارك وما رافق ذلك من بعض المناسبات الاجتماعية والتجمعات، هو أن بعض الأشخاص عادوا للمصافحة، والمشاركة بالأفراح أو دور العزاء، وبالنسبة لهم يأتي ذلك تعبيرا عن المحبة وتأكيد المشاركة، وعدم القدرة على "الاعتذار”.
غير أن خالد أبو الشعر امتنع عن زيارة شقيقته التي أنجبت مؤخرا، خوفا عليها من العدوى، كونها في فترة حرجة، وخوفا على نفسه من وجود أي شخص مصاب في محيط العائلة. ويقول إنه انتظر لمرور بعض الوقت للذهاب وزيارتها وكان ملتزما بالكمامة والتباعد، لكنه لاحظ غياب وعي البعض عند زيارتها، إذ يقتربون منها ومن المولود من دون الالتزام بالكمامة، وبحجة أن عددا كبيرا منهم إما أصيب سابقا أو أنه حصل على جرعة أولى أو ثانية من اللقاح.
استشاري الأمراض الصدرية والتنفسية الدكتور عبد الرحمن العناني، بين لـ”الغد” أن حماية المجتمع من خطر العدوى هي مسؤولية مشتركة وعلى الجميع عدم التراخي في إجراءات السلامة المطلوبة في مختلف الأوقات والمناسبات وبأماكن التجمعات، من دون النظر الى أن انخفاض الإصابات وكأنه يعني عودة الحياة كما كانت، خاصة وأن الأردن شهد انتكاسات في أوقات مختلفة بسبب التراخي وعدم الاستمرار بإجراءات الوقاية كما يجب.
وهو ما يتفق عليه كذلك الخزاعي، إذ يشير إلى أن المجتمع من المفترض أن لديه خبرة كافية تدفعه لعدم التهاون في أسس الوقاية من العدوى، إذ إن الإهمال قد يسبب عودة أخرى لارتفاع أعداد الإصابات، وبالتالي اللجوء من جديد لإجراءات الإغلاق والحظر غير المرغوب به في المجتمع.
الاختلاط المباشر والإقبال على المناسبات الاجتماعية والتراخي بالإجراءات، هو السبب الرئيس في العودة لزيادة أعداد الإصابات، كما يشير العناني، كون التجمعات كانت وما تزال السبب الرئيس لعودة الانتشار المجتمعي لفيرس كورونا، لذا على الأفراد أن يستمروا بإجراءات الوقاية، ليتمكن الجميع بعد ذلك من العودة للحياة الطبيعية كما في السابق بسلام وأمان، إضافة إلى أهمية الحصول على اللقاح الذي كلما زاد عدد متلقيه كان السبيل في التخلص من الجائحة أقرب للجميع.
ويشدد الخزاعي على أهمية التكافل المجتمعي في محاربة الوباء في هذا الوقت تحديدا، وهو تكافل صحي الجميع بحاجة له، ويعني أن يحمي الفرد نفسه من خطر الإصابة، وما يتبع ذلك من مضاعفات، مع الحرص على عدم نقل العدوى للآخرين والالتزام بالضوابط الصحية كاملة، "لكي لا نعود للمعاناة والتعطل عن العمل، وما يتبع ذلك من خسائر اقتصادية واجتماعية لا تحتمل”.
ويشدد خزاعي على أن أخطاء صغيرة قد تقود لخسائر اجتماعية، لذا فإن استمرار التباعد عن الأهل والأصدقاء في الفترة حالية، حاجة ماسة، وإن كان ذلك صعبا، إلا أنه الطريق نحو النجاة والخلاص من وباء أتعب وأرهق الجميع.
وسُجلت في الأردن، أول من أمس، (890) حالة إصابة، ليرتفع إجمالي عدد الإصابات إلى (731,436) حالة. كما سُجلت (16) حالة وفاة ليرتفع إجمالي عدد الوفيات إلى (9384) حالة.
وبلغت نسبة الفحوصات الإيجابية قرابة (4.23 %)، مقارنة مع (3.81 %) أول من أمس. ويبلغ عدد الحالات النشطة حاليا (10,438) حالة. ويبلغ إجمالي عدد الحالات المؤكدة التي تتلقى العلاج في المستشفيات (591) حالة.